"Mott 32" فانكوفر: مطعم بحكايات مختلفة ونكهات عابرة للزمان والمكان
حين نتحدث عن تجربة تناول طعام تتجاوز حدود النكهات وتلامس عالم الفن والثقافة والتاريخ، فإن “Mott 32” يفرض نفسه كلاعب رئيس.
هذا المطعم الذي تحول إلى سلسلة عالمية حصدت الجوائز وأبهرت روادها أينما حطت رحالها من “هونغ كونغ Hong Kong“ إلى “لاس فيغاس Las Vegas”، ومن “دبي Dubai” إلى “سنغافورة Singapore” ووجهات أخرى قيد الافتتاح مثل “لوس أنجلوس Los Angeles” و”الرياض” و”بالي Bali” وغيرها.. وصولاً إلى وجهتنا “ فانكورفور Vancouver”.
في قلب دواتاون مدينة” فانكوفر Vancouver”، وتحديدًا في شارع ويست جورجيا West Georgia Street”، يقع المطعم الذي أعاد تعريف المطبخ الصيني على مستوى عالمي.
كل وجبة هنا ليست مجرد طعام، بل رحلة بين عالمين من زمنين مختلفين: رحلة إلى زمن غابر من النكهات الصينية التقليدية وأخرى في أجواء الحرفية الطهوية العصرية.
هنا تتداخل حدود الزمان والمكان لتكون الوجبات تجربة لا تشبه أي تجربة أخرى.
اقرأ أيضًا: جزيرة زنجبار.. جنّة في المحيط الهندي لقضاء العطلات
أصل الحكاية: تكريم الهوية
“Mott 32” ليس مجرد مطعم، بل تجسيد للثقافة الصينية بنكهة معاصرة. حتى الاسم هو تحية تقدير وإحترام للأصل، إذ استلهم المطعم التسمية من “شارع موت ٣٢ Mott 32 Street “ في “نيويورك New York” حيث تم افتتاح أول مطعم صيني عام ١٨٩١، ليصبح لاحقًا نواة “الحي الصيني” الأشهر في واحدة من أكثر مدن العالم حيوية.
ومن هذه البداية البسيطة ولدت فكرة “موت ٣٢ Mott 32” : مزيج أنيق بين التراث والحداثة الأنيقة. وبهذا الرابط التاريخي، انطلق المطعم الذي تم افتتاحه عام ٢٠١٧، ليصبح واحداً من أشهر وأفضل المطاعم الصينية.
فلسفة النكهات
يجسد المطعم الهوية الصينية من خلال وصفات تم تناقلها من جيل إلى جيل، وأعيد صياغتها بروح معاصرة تنبض بالحداثة.
يرتكز المطبخ على الأصالة مع لمسات مبتكرة مستخدمًا المكونات فائقة الجودة من جميع أنحاء العالم ليقدم تجربة المطبخ الصيني الفاخر كما يجب أن تكون: أصيلة بلمسة عصرية، متفردة في الطعم، وملتزمة بقيم الاستدامة وفلسفة العيش المتوازن.
تحمل الأطباق بصمة المطبخ “الكانتوني Cantonese”، مع تأثيرات واضحة من “بكين Beijing“و”سيشوان Szechuan”. أما قائمة الطعام، فهي انتقاء مدروس لمأكولات تم تطويرها عبر أجيال محضرة بأجود المكونات من مصادر محلية وعالمية.
تشمل الأطباق “أطباق الديم سوم Dim Sum” المحضرة منزليًّا، و“بيض السمان الطري“ ولحم “واغيو Wagyu “ و”كوبي Kobe” الفاخر، ورول الأرز المحشو بالروبيان وبراعم البازيلاء ، و“زلابية سمك القد الأسود بالمسيو Black Cod Dumpling, Miso”، بالإضافة إلى أيقونة المطعم “بط بكين المشوي على خشب التفاح لمدة ٤٢ يوماً Apple Wood Roasted 42 Days Peking Duck” في فرن صمم خصيصًا له.
وهذا الطبق يجب طلبه مسبقاً قبل ٤٨ ساعة بسبب الكميات المحدودة المتوافرة يوميًا، ما يعكس التزام المطعم بالجودة والأصالة وتقديم النكهات كما كتب لها أن تقدم.
تتجدد القوائم الموسمية مرتين سنويًا (ربيع/صيف، وخريف/ شتاء)، مع تركيز على مكونات شمال غرب المحيط الهادئ، وتضم أطباقًا مميزة مثل “الروبيان المقرمش بصلصة صفار البيض المملح والقرع Crispy Prawns with Salted Egg Yolk and Pumpkin”، و“السلطعون بالثوم الذهبي والأرز اللزج Crab with Golden Garlic and Glutinous Rice”، و”جراد البحر” المحضر بطريقة مبتكرة وذلك في تكريم لثروات البحر الغنية في “فانكوفر”.
هذه الرحلة الحسية من النكهات يُخطَّط لها على يد فريق من الطهاة المبدعين كالشيف ”هونغ وي هي Chef Hong Wei He”، وشيف الأطباق المشوية “لام كوانغ سو، Lam Kwong Sui”، وشيف الديوم سوم Dim Sum“ "وو زن جون Wu Zhen Jun” الذين يجمعون بين الخبرة الرفيعة والمهارات الخرافية التي تقدم تجربة فريدة من نوعها تحترم التقاليد وتلبي الأذواق العصرية.
إقرأ أيضاً:الأندلس إقليم بنكهة عربية.. عبق التاريخ والقصور وروعة الشواطئ
تصميم لكل الحواس
بقدر ما يحرص المطعم على تقديم النكهات المميزة، بقدر ما يبتكر تجارب بصرية لا تقل إبداعًا عن المذاق. ففي فرعه في “فانكوفر” تجسدت رؤية المصممة العالمية “جويس وانغ Joyce Wang” بدقة متناهية، لتنسج توليفة تمزح بين سحر “هونج كونج”، وأناقة “نيويورك”، وروح “فانكوفر” الفريدة.
يحاكي تصميم فرع “فانكوفر” تصميم “ هونغ كونغ” لناحية المساحة الشاسعة، لكنه يقدم أجواء أكثر استرخاء تشجع الضيوف على البقاء لفترة أطول واستكشاف المساحات المختلفة التي لكل منها طابعها الفريد.
القاعة الرئيسة لتناول الطعام مصممة على مثمن (مساحة ثمانية الأضلاع) تحيط بها غرف طعام خاصة لكل منها طابع مميز لتجربة تجمع بين الخصوصية والفخامة في آن واحد.
فوق المطبخ المفتوح، تبرز فتحات التهوية المضاءة من الخلف التي زينت بالنباتات لتتلاعب بمفهوم “الاعماق المظلمة” خلفها.
أما منطقة “الداينر الصيني Chinese Diner” فتضم مقاعد مريحة بطابع يجمع بين نمط “ البرسيري Chinese brasserie” الصيني وتصميم “ الداينر American diner” الأمريكي.
بينما يضم “اللاونج“ أرائك” تشيشترفيلد Chesterfield” وتراسًا خارجيًا يطل على وسط ”فانكوفر”.
كما يجمع التصميم بين الخرسانة المصقولة، والفسيفساء مع الخيزران والجلد والنحاس والأصغر بلمسات نهائية تجمع بين شخصية “فانكوفر” وأصالة التصميم الصيني، مع إضاءة حميمة ومنسوجات فاخرة تخفف من حدة الأجواء الصناعية، وتجعل الأجواء أكثر دفئًا وأناقة.
من جهتها، تجلب العناصر الزخرفية التي تم استخدمها أو تصميمها قصصها الخاصة إلى المساحات المختلفة، وأقفاص الطيور القديمة المعلقة، والفرشاة المستخدمة للخط الصيني، وأنابيب قديمة معاد استخدامها للإضاءة وتصميم الشاشات.
كل هذه العناصر تخلق شعورًا بالغموض يروي حكايات تلك الأماكن والأشياء عبر التاريخ، ما يجعل تجربة تناول الطعام شاملة وممتعة.
غرف الطعام الخاصة.. عوالم داخل عالم سحري
غرفة اللوتس البيضاء The White Lotus Room
غرفة طعام خاصة تتميز بجدران مزينة “بالخط الكاليجرافي المنمنم للوتس، والذي هو فن صيني تقليدي يستخدم فيه الخط اليدوي المرسوم لكتابة أو تصوير زهرة اللوتس بطريقة فنية وزخرفية.
بالإضافة إلى طاولة مستطيلة تعكس صورة قارب صغير فوق المياه. تتسع لـ ٢٠ ضيفاً مما يجعلها مثالية للمناسبات الخاصة أو الاجتماعات التي تتطلب الخصوصية.
قاعة ليندا لين The Linda Lin
تحمل اسم إحدى أوائل الممثلات في “هونغ كونغ”، وتتميز بديكور مستوحى من السينما الكلاسيكية مع طاولة دائرية على الطراز العائلي وتتسع لعشرة ضيوف ما يجعلها مناسبة للتجمعات العائلية والترفيهية.
غرفة سلالة تشينغ The Qing Dynasty Room
زينت غرفة الطعام الخاصة هذه بدرجات دافئة وفاخرة من الأحمر والذهبي وهي الألوان التي تحتل مكانة خاصة في الثقافة الصينية التقليدية. تم منح التفاصيل عناية فائقة من التحف والمعروضات التاريخية التي تمنح الغرفة هوية مختلفة وخاصة. تتسع لـ ٧ ضيوف وتعد مكاناً مثالياً للإحتفالات الصغيرة او اللقاءات الخاصة.
قاعة الجاز الأزرق Blue Jazz Room
مستوحاة من التراث الموسيقي للمدينة، تتميز بطاولة من “الكوارتز” الازرق الرخامي مع مقاعد مخملية، وأجواء تعود بكم إلى حقبة العشرينيات الصاخبة.
الاستدامة أسلوب حياة
يعتبر المطعم رائداً في مجال الطهي المستدام، حيث يعتمد نظام المياه المتطور “فيفروVivreau Advanced Water System” وبرامج التسميد والبدائل البلاستيكية والتوريد المحلي، واستخدام البيض من الدواجن الحرة، إلى جانب كونه من أوائل المطاعم الصينية الفاخرة التي تقدم بدائل نباتية محسنة للكثير من الأطباق الشهيرة مما يعكس الابتكار والوعي البيئي.
تجربة متكاملة
ليس من المستغرب أن المطعم حجز مكانة لنفسه بين المطاعم الأفضل، ففي عامي ٢٠٢٠ و ٢٠٢٢ حل ضمن لائحة “أفضل ١٠٠ في كندا” وفي العام ٢٠٢٠ حاز على جائز “مجلة فانكوفر” لأفضل مطعم صيني ولجائزة أفضل تصميم داخلي.
الجوائز هذه تعكس التفوق في كل جانب من الجوانب، فالطعام فيه رحلة متعددة الأبعاد حيث تمتزج النكهات بالأجواء وتتلاقي الثقافات في مكان واحد.
