التأتأة والجينات: دراسة جديدة تكشف الرابط وتأثيره على العلاج المبكر
في دراسة جديدة، كشف باحثون من مركز فاندرلبيت الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية عن الأساس الجيني لاضطراب التأتأة، وهو اكتشاف قد يحدث تحولًا كبيرًا في كيفية تشخيص هذا الاضطراب، والتدخل العلاجي المبكر.
الدراسة التي نُشرت في دورية "Nature Genetics"، تحدثت عن التأتأة، وهي اضطراب في الطلاقة الكلامية يتمثل في تكرار الأصوات أو المقاطع أو الكلمات، أو إطالة الأصوات، أو التوقف المفاجئ أثناء الحديث.
أسباب ظهور التأتأة عند الأطفال
وغالبًا ما تبدأ التأتأة في مرحلة الطفولة، بين سن الثانية والخامسة، وقد تختفي تلقائيًا لدى معظم الأطفال، لكنها تستمر لدى البعض حتى مرحلة البلوغ.
اقرأ أيضًا: بعد حادثة تشوه نادرة: الأطباء يحذرون من ملامسة الأطفال بعد العلاجات الهرمونية
ووفقًا للدراسة، فإن التأتأة تؤثر على أكثر من 400 مليون شخص حول العالم، وتُعد أكثر شيوعًا بين الذكور بمعدل 4 إلى 1 مقارنة بالإناث.
ورغم أنها لا ترتبط بمستوى الذكاء، فإنها تؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية والاجتماعية للأشخاص المصابين، بما في ذلك القلق والعزلة الاجتماعية، وكذلك انخفاض الثقة بالنفس، خصوصًا في البيئات التعليمية والمهنية.
وبناءً على تحليل بيانات وراثية لأكثر من مليون شخص، تمكّن الفريق من تطوير "مقياس الخطر متعدد الجينات Polygenic Risk Score"، وهو أداة تساعد في التنبؤ بمخاطر الإصابة بالتأتأة لدى الأطفال، قبل ظهور الأعراض بشكل واضح.
وقد تمكن الباحثون من تحديد 57 موقعًا جينيًا مرتبطًا بالتأتأة، موزعة على 48 جينًا.
اقرأ أيضًا: دراسة جديدة: الشاشات قد تُبطئ مهارات التعلّم لدى الأطفال
وأظهرت النتائج أن التأتأة ترتبط بمسارات عصبية محددة في الدماغ، مما يثبت أن أسباب هذا الاضطراب بيولوجية وليست نفسية كما كان يُعتقد سابقًا.
كما أن البصمات الجينية المرتبطة بالتأتأة تختلف باختلاف الجنس، حيث برز الجين (VRK2) لدى الذكور، ما قد يفسر سبب تعافي الإناث من التأتأة بمعدلات أعلى.
وأظهرت الدراسة أيضًا أن بعض الجينات المرتبطة بالتأتأة تتقاطع مع اضطرابات أخرى مثل التوحد والاكتئاب، بالإضافة إلى ارتباطها بقدرة الشخص على مزامنة الإيقاع الموسيقي.
وهذا يشير إلى وجود مسارات عصبية مشتركة بين اللغة والموسيقى ووظائف الدماغ.
طرق علاج التأتأة
وأكد الباحثون على أهمية رفع الوعي بأن التأتأة ليست نتيجة "خلل" في الشخصية أو أسلوب التربية، بل هي اضطراب بيولوجي، وهذا الفهم الجديد قد يساعد في تقليل التمييز والسخرية تجاه المصابين بهذا الاضطراب.
اقرأ أيضًا: هل هناك علاقة بين مياه الشرب المفلورة والتوحد لدى الأطفال؟
فيما يفتح هذا الاكتشاف الباب لتطوير علاجات دوائية أو جينية موجهة في المستقبل، خصوصًا للحالات التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية.
كما قد يسهم في تعزيز الفهم الأكبر لكيفية عمل الدماغ، ووظائفه المرتبطة باللغة والذاكرة.
