دراسة تحسم الجدل: هل تربية الأطفال بالحزم أفضل من اللين؟
في ظل تزايد رواج أساليب "التربية اللطيفة" التي تحث الآباء على عدم رفع الصوت أمام أطفالهم، ظهرت دراسة جديدة لتقلب المفاهيم رأسًا على عقب. الدراسة، التي أجراها "المركز الوطني للبحوث الاجتماعية" في لندن، شملت ما يقرب من 6 آلاف طفل، وامتدت لأكثر من عقد كامل، وتحديدًا من سن السنتين حتى نهاية المرحلة الابتدائية.
وتكشف النتائج أن الأطفال الذين تلقوا تربية تتّسم بـ"الحزم الدافئ" – أي الدمج بين تحديد الحدود السلوكية والتواصل العاطفي – كانوا أكثر قدرة على تحقيق النتائج الأكاديمية المتوقعة في اختبارات القراءة والرياضيات والكتابة في سن 11 عامًا.
في المقابل، أظهر أطفال التربية اللطيفة – الذين نادرًا ما يسمعون كلمة "لا" – مستويات أقل في الأداء الدراسي، ما يشير إلى ضعف أثر هذا الأسلوب في إعدادهم للتحديات التعليمية الحقيقية.
هل تؤثر التربية اللطيفة على تحصيل الطفل الدراسي؟
بحسب الدراسة، فإن التربية اللطيفة، التي يتبناها عدد من المشاهير مثل ميندي كالينغ Mindy Kaling وآلانيس موريسيت Alanis Morissette، تعوّل على الحوار، والتفهم، وتجنب الصراخ تمامًا. وهي ترفض العقاب أو فرض الحدود الصارمة، وتهدف إلى تنمية الوعي الذاتي لدى الطفل.
لكن الخبراء يحذرون من أن هذا النهج قد يؤدي إلى نتائج عكسية، أهمها أن الطفل ينمو في بيئة تفتقر إلى الضبط والانضباط، مما يزيد من احتمالية تشتته داخل الفصول الدراسية، خاصة حين يتعين عليه التعامل مع المعلمين وسط أكثر من 30 تلميذًا.
الدكتورة فيفيان هيل، من معهد التربية بجامعة كوليدج لندن، أكدت أن الطفل المعتاد على التفاوض المستمر في البيت، سيجد صعوبة بالغة في الالتزام بالقواعد داخل المدرسة.
كيف تبني تربية متوازنة لأطفالك؟
من وجهة نظر الباحثين، فإن الحل لا يكمن في العودة إلى التربية القاسية المتسلطة، بل في تبني ما يُعرف بالتربية السلطوية، التي تجمع بين "الدفء والانضباط".
الدراسة بيّنت أن هذا الأسلوب يؤدي إلى نتائج أكاديمية أفضل مقارنةً حتى بالتربية المتسلطة التي تعتمد على الشدة الزائدة وانعدام التواصل العاطفي.
اقرأ أيضاً تقرير: الأطفال البريطانيون الأتعس بين أطفال الدول الغربية
ومن اللافت أن هذه النتيجة لم تقتصر على مرحلة دراسية واحدة، بل لوحظ تأثيرها الإيجابي بدءًا من مرحلة الصف الأول الابتدائي (Key Stage 1) وحتى المرحلة الأخيرة من التعليم الابتدائي.
وفي حين يرى البعض أن التربية اللطيفة تُنتج أطفالًا أكثر هدوءًا وسعادة كما تدافع عنها الكاتبة والناشطة سارة أوكويل سميث، فإن كثيرًا من الآباء باتوا اليوم يعيدون النظر في طريقة تعاملهم مع أبنائهم، خصوصًا في ضوء النتائج العلمية التي تؤكد ضرورة "رسم حدود واضحة" من أجل بناء شخصية متماسكة أكاديميًا وسلوكيًا.
