هل يمكن للصيام المتقطع أن يحسّن الأداء الجنسي؟ دراسة على الفئران تُجيب

كشفت دراسة حديثة نشرتها دورية Cell Metabolism أن الصيام المتقطع قد يلعب دورًا فعالًا في تعزيز السلوك الجنسي لدى الذكور المسنين من الفئران، ليس من خلال تحسين جودة الحيوانات المنوية أو زيادة الهرمونات الذكورية، بل عبر تعديل كيمياء الدماغ.
انخفاض السيروتونين وارتفاع الرغبة
قاد الدراسة كل من دان إهنينجر من المركز الألماني للأمراض العصبية (DZNE) ويو تشو من جامعة تشينغداو الصينية. البداية لم تكن موجهة لدراسة السلوك الجنسي، بل لتتبع تأثير الصيام على نسل الفئران.
لكن ما أثار انتباه الفريق البحثي هو أن الذكور المسنّة التي خضعت لنظام صيام متقطع أظهرت خصوبة أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بنظرائها التي تناولت الطعام بحرية.
الأداء الإنجابي لا يتحسن... ولكن الرغبة تفعل
أظهرت التجارب أن الفئران الذكور في عمر 24 شهرًا (ما يعادل سن الشيخوخة لدى البشر) كانت أكثر قدرة على الإنجاب عند اتباع نظام صيام متقطع، رغم أن مؤشرات الخصوبة التقليدية مثل عدد الحيوانات المنوية أو مستويات التستوستيرون لم تتحسن، بل سجلت أحيانًا تراجعًا طفيفًا. ما تغيّر حقًا كان السلوك الجنسي: الفئران الصائمة تفاعلت أكثر مع الإناث وبدأت التزاوج بشكل أسرع وأكثر تكرارًا.
السر في كيمياء الدماغ
بحث الفريق في التغيرات الكيميائية داخل الدماغ، ووجد أن مستويات السيروتونين – وهو ناقل عصبي معروف بدوره في كبح الرغبة الجنسية – كانت أقل بكثير لدى الفئران الصائمة مقارنة بغيرها.
أما الدوبامين، المرتبط بالدوافع والتحفيز، فقد انخفض مع التقدم في العمر لدى جميع الفئران، بغض النظر عن النظام الغذائي.
لتأكيد دور السيروتونين، أعطى الباحثون مادة 5-HTP (التي تعزز إنتاج السيروتونين) للفئران الصائمة، ولاحظوا انخفاضًا واضحًا في نشاطها الجنسي، ما يؤكد أن السيروتونين كان يلعب دورًا مثبطًا.
التربتوفان هو المفتاح
ركز الباحثون على الحمض الأميني تربتوفان، وهو عنصر غذائي رئيسي في إنتاج السيروتونين. رغم أن الفئران الصائمة كانت تستهلك كمية طعام أكبر خلال فترات الأكل، إلا أن مستويات التربتوفان في الدم والدماغ كانت أقل.
التفسير يعود إلى أن التربتوفان كان يُستهلك بكميات أكبر في الأنسجة الطرفية مثل العضلات، ما قلّل توفره في الدماغ وبالتالي خفّض إنتاج السيروتونين.
وقد أظهرت تجارب باستخدام نظائر التربتوفان المشعة أن هذا الحمض الأميني يُمتص بشكل أكبر في العضلات لدى الفئران الصائمة، ما يدعم هذا التفسير البيولوجي.
نتائج واعدة... ولكن على الفئران فقط
تُظهر هذه النتائج سلسلة مترابطة من التغيرات البيولوجية تبدأ بتعديل النظام الغذائي، وتصل إلى زيادة السلوك الجنسي وتعزيز الخصوبة.
ومع أن الدراسة أجريت على سلالة واحدة فقط من الفئران، فإنها تفتح الباب أمام إمكانية تطبيق مفاهيم مماثلة على البشر.
يشير الباحثون إلى أن انخفاض الرغبة الجنسية مع التقدم في العمر أمر شائع بين البشر، كما أن السيروتونين يؤدي دورًا مثبطًا مشابهًا لدى الإنسان، ما يجعل الصيام المتقطع خيارًا واعدًا لعلاج بعض حالات ضعف الرغبة الجنسية المرتبطة بالشيخوخة، مثل اضطراب انخفاض الرغبة الجنسية.