الساعات الذكية: كيف تختار الأنسب لصحتك وحياتك اليومية؟

قديمًا، كانت ساعة اليد تُستخدَم لمعرفة الوقت فحسب، ولكنها مرّت برحلة تطور غنية، كأيّ شيءٍ في الحياة، حيث تغيّر شكلُها، ومعه تغيّرت خصائصها أيضًا، إلى أن صارت اليوم "ساعة ذكية"، تمتلك خصائص قريبة من الهواتف الذكية، وإن كانت أقل في المزايا بالطبع.
فالساعة الذكية قادرة على مراقبة صحتك على مدار الساعة، ودقّات قلبك، وأنماط نومك، وحرارة بشرتك، وغيرها من خصائص تُمكِّنك من رصد أي تغيير يطرأ على صحتك، فإلى أي مدى صارت تلك القطعة الأنيقة مهمة في الحفاظ على الصحة؟ وكيف تختار ساعة ذكية تناسِبك؟
الساعات الذكية
يمكن تعريف الساعة الذكية باختصار، بأنها جهاز ذكي ترتديه حول معصمك، تتجاوز وظيفته وظيفة الساعات التقليدية، فهذه الساعة لا تقدم لك معرفة الوقت فحسب، بل تتضمّن خصائص متقدمة، مثل مراقبة الصحة وتتبُّع التمارين أو اللياقة البدنية، بالإضافة إلى أجهزة استشعارٍ لمراقبة ضربات القلب وغير ذلك، كما تتميّز بخِفّة وزنها وسُهولة ارتدائها.
كيف تراقب الساعة الذكية صحتك على مدار الساعة؟
تمتلك الساعات الذكية عديد من الخصائص المُتقدِّمة، التي تساعد على مراقبة الصحة من نواحٍ مختلفة طوال الوقت، فهي غنية بأجهزة استشعارٍ دقيقة، تتابِع معدّل ضربات قلبك، خطواتك، أنماط نومك، والسعرات الحرارية التي تحرقها خلال اليوم.
ولا شكّ أنّ هذا مفيد جدًا لمن يرغبون في عيش حياةٍ صحية، أو متابعة عدد الخطوات التي يمشونها كل يوم، والسعرات الحرارية التي حُرقِت في سبيل خسارة الوزن الزائد أو الحفاظ على الوزن الحالي.
كذلك قد تكون الساعات الذكية أكثر فائدة لمن يُعانُون أمراضًا مزمنة، إذ يمكِن مثلًا لمرضى السكري استخدامها لتتبُّع مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى تعيين تذكيرات بالأدوية في أوقات تناولها، لتجنُّب النسيان.
فوائد الساعات الذكية للنوم الصحي
قد تكون الساعة الذكية هي القطعة الناقصة لتنعَم بنومٍ صحي؛ إذ تراقِب أنماط نومك طوال الليل، وتساعدك في التعرف على مشكلة النوم التي تعاني منها، عندما ترى البيانات التي رصدتها مع استيقاظك من النوم.
واستنادًا إلى تلك البيانات، قد تُقدِّم لك الساعات الذكية اقتراحات مُخصّصة بناءً على المشكلات المرصودة، حتى تتمكّن من الحصول على نومٍ أفضل، فمثلًا إذا كُنت مستيقظًا لفترة طويلة، فقد تقترح عليك الساعة الذكية الاسترخاء لفترةٍ من الوقت أو النوم، أو يمكِنك استشارة اختصاصي الرعاية الصحية لعلاج اضطرابات النوم التي رصدتها الساعة الذكية.
اقرأ أيضًا:عندما ينصهر الابتكار بالفخامة ليعزز جودة الحياة.. 9 تقنيات ذكية للصحة
كيف تساعد الساعات الذكية على تحسين لياقتك البدنية؟

هل مشيت بضع خطوات زائدة اليوم؟ هل قُمت بعدّها أو حسابها؟
بالتأكيد هذا ليس سهلًا، لكن في وجود ساعة ذكية ترتديها على معصمك، من السهل معرفة عدد الخطوات التي مشيتها كل يوم؛ إذ تعمل الساعة الذكية كمُتتبِّع للياقة البدنية.
كما تتابع بعض أنواع الساعات، مثل "Google Pixel Watch"، كثافة التمرين الرياضي الذي تمارِسه، ويمكنك زيادة دقائق التمارين عالية أو متوسطة الكثافة، بناءً على مُعدّل ضربات قلبك الحاليّ الذي توفّره لك الساعة الذكية.
من ناحيةٍ أخرى، فإنّه يمكن ضبط الساعة الذكية لتنبيهك بالحركة من وقتٍ لآخر، خاصةً إذا كُنت تجلس لفتراتٍ طويلة، وتحتاج إلى من يُذكِّرك بالحركة أو ممارسة قليل من النشاط البدني.
الساعات الذكية واستشعار البشرة
تمتلك بعض الساعات الذكية، مثل ساعة "FitBit" مُستشعر جلد كهربائيًا، وعندما تضع راحة يدك على وجه الجهاز، يمكن لأجهزة الاستشعار اكتشاف التغيُّرات الكهربائية الدقيقة في مستوى العرق في بشرتك.
كما يمكن أيضًا رصد الاختلافات في درجة حرارة الجلد في أنواعٍ أخرى من الساعات الذكية، التي تمتلك مُستشعِرَ درجة الحرارة بالأشعة تحت الحمراء.
الساعات الذكية ومراقبة ضربات القلب
تتمكّن الساعات الذكية أيضًا من رصد مُعدّل ضربات القلب طوال الوقت، فقط تأكّد من ارتدائها بشكلٍ صحيح، لأنّه إذا كانت هناك فجوة كبيرة بين الساعة وبشرتك، فقد تكون قراءة مُعدّل ضربات القلب أقل دقة، حسب "Mayo Clinic".
فهي ترصد ضربات قلبك في أثناء ممارسة التمارين، وكذلك خلال أوقات الراحة، ورصد أي تغيّر غير طبيعي قد يطرأ على دقّات قلبك، ومثلًا، إذا زاد مُعدّل ضربات قلبك في أثناء الراحة عن المُعتاد، فقد يكون ذلك لبعض الأسباب، منها على سبيل المثال:
- قلّة النوم.
- التوتر المستمر.
- ممارسة الكثير من التمارين الرياضية الشاقة.
- المعاناة من عدوى، مثل نزلات البرد.
كما ينخفض معدل ضربات قلبك خلال الراحة مع تقدُّمك في ممارسة التمارين الرياضية وتحسُّن لياقتك البدنية؛ إذ يكون القلب أكثر كفاءة في ضخّ الدم، وكلُّ ذلك ترصده الساعات الذكية، وتجعلك مُطلعًا عليه لحظة بلحظة.
الساعات الذكية ورصد مشكلات القلب

قد تساعد الساعات الذكية في رصد بعض مشكلات عدم انتظام ضربات القلب، مثل الرجفان الأذيني، الذي قد يزيد خطر الإصابة ببعض المشكلات، حسب "Mayo Clinic"، مثل:
- الجلطات.
- السكتات الدماغية.
- قصور القلب.
ومن المعلوم أنّ عدم انتظام ضربات القلب يُرصَد بوساطة جهاز تخطيط القلب الكهربائي (رسم القلب) في المستشفيات أو عيادات الأطباء، وهو أدقّ بالطبع من الساعات الذكية، لكن قد تساعد بعض أنواعها في إرسال إشعارات لك ما إن ترصد عدم انتظام ضربات القلب، ما يساعد على كشف المرض مبكرًا والبحث عن علاج مناسب له.
اقرأ أيضًا:أضرار الساعات الذكية على القلب (فيديوجراف)
أبرز التحديات المتعلقة باستخدام الساعات الذكية
رغم ما تقدِّمه الساعات الذكية من مراقبة للصحة على مدار الساعة، فإنّها تجمع كثيرًا من البيانات عن كل شخص يستخدمها، كما قد تجعلك مضغوطًا باستمرار ومنشغلًا بمراقبة مدى تقدُّم لياقتك مثلًا طوال الوقت، ولعل أهم التحديات المتعلقة باستخدامها تتمثل في:
1. التوافر الدائم:
الساعة الذكية في متناوَل يدك، تعمل طوال الوقت، سريعة التجاوب معك، وهذه ميزة بلا شك، لكن قد تُخفِي وراءها عيبًا، لأنّها قد ترهِقك بشكلٍ كبير، وربّما تجعلك لا تمتلك وقتًا كافيًا لنفسك، حيث التفاعل المستمر مع الإشعارات التي ترسِلها لك الساعة الذكية بين الحين والآخر.
2. الضغط المستمر:
إذا كُنت تطلِع على بيانات اللياقة البدنية والصحة عبر الساعة الذكية باستمرار؛ رغبةً في تحسين صحتك ولياقتك، فقد تضع نفسك تحت ضغطٍ مستمر.
فإذا كان هناك تحسُّن شعرت بارتياح، لكن ماذا إذا لم يكُن هناك تحسّن كبير في لياقتك، ربّما لانشغالك مثلًا؟ قد يتسبّب ذلك في ضغطٍ نفسي لك إذا كُنت شديد الاهتمام بتحسين لياقتك وصحتك، لكن ينبغي أن يكون الاهتمام متوازنًا فلا يُسبِّب لك ضغطًا بنهاية المطاف.
3. حماية البيانات:
تجمع الساعات الذكية كثيرًا من المعلومات الشخصية عنك، مثل البيانات الصحية، ومِنْ ثمّ طبيعي أن تكون هناك بعض المخاوف بشأن أمن البيانات الموجودة عليها، لذا ينبغي البحث عن العلامات التجارية التي تضمن حماية معلوماتك الشخصية، واتخاذ التدابير المناسبة لحماية خصوصيتك وبياناتك.
4. محدودية الوظائف وعُمر البطارية:
عُمر البطارية المحدود إحدى أكبر العقبات التي يمكن أن تواجِهك في استخدام الساعات الذكية، كما أنّ بعض وظائفها محدودة نسبيًا مقارنةً بالهواتف الذكية، مما يُشكِّل تحديًا في استخدامها، وإن كانت لها مميزاتها بالطبع.
اقرأ أيضًا:كيف يمكن للتقنيات الحديثة مساعدتك لوضع نظام غذائي مُخصّص؟
كيف تختار ساعة ذكية مناسبة لك؟

ينبغي الانتباه إلى بعض الأمور قبل شراء ساعة ذكية؛ إذ يُفضّل أن تتوافر فيها بعض الخصائص، مثل:
- التوافق مع تطبيقات الهاتف الذكي أو الأجهزة الأخرى.
- ميزات الاتصال المختلفة، مثل البلوتوث، والواي فاي، وNFC، مما يسمح بتلقّي الإشعارات من الساعة الذكية مباشرة، كما يُفضّل أن تدعم خاصية اتصال 4G، مما يسمح باستخدامها بشكلٍ مستقلّ كهاتف.
- حجم شاشة كبيرة نسبيًا، فهذا أسهل في القراءة والاستخدام، رغم أنّها قد تكون أثقل على معصمك.
- توافر مجموعة متنوعة من ميزات مراقبة الصحة، بما في ذلك مراقبة معدل ضربات القلب، مستويات الأكسدين في الدم، درجة حرارة الجلد، مراقبة نسبة السكر في الدم، وفي النماذج المتقدّمة تتبّع تخطيط كهربية القلب والحالة المزاجية.
- توافر خاصية مراقبة النوم، لفهم أنماط نومك، وكيفية تحسين جودة النوم.
- خصائص مراقبة اللياقة البدنية، بما في ذلك حساب الخطوات، عدّ السعرات الحرارية، تتبّع ضربات القلب في أثناء التمارين، كما توفّر بعض الساعات مقاييس متقدّمة، مثل وقت التعافي وVo2max، لمساعدتك على تحقيق أهدافك.
- اختيار ساعة ذكية بها أوضاع توفير البطارية "Battery-saving" لإطالة فترة الاستخدام، أو شراء ساعة بعُمر بطارية أطول، لكنّها قد تكون بميزات أقل.
- خاصية مقاومة الماء، إذا كُنت تُخطِّط لارتداء ساعتك الذكية في أثناء السباحة أو الاستحمام، وتصنيف ATM 5 أو أعلى مناسب للسباحة والرياضات المائية.
تزايُد الطلب المستقبلي على الساعات الذكية
موقع "GlobalData" تحدث عن نمو سوق التكنولوجيا القابلة للارتداء بمقدار الضعف بين عامي 2019 و2022؛ إذ ارتفع من 51.4 مليار دولار إلى 99.5 مليار دولار، نتيجة الطلب المتزايد على الساعات والأجهزة السمعية الذكية، فيما تشِير التقديرات إلى أنّ قيمة تلك الصناعة ستشهد نمو سنوي يتجاوز 14% حتى 2030، خاصةً مع تكامُل الذكاء الاصطناعي مع الأجهزة القابلة للارتداء لجعلها أكثر ذكاءً وتفاعلية.
لذا من المُتوقّع أن يكون للساعات الذكية تأثير قوي في الرعاية الصحية الشخصية، خاصةً مع التقنيات التي تتطوّر يومًا تلو الآخر، وتكامُل الذكاء الاصطناعي مع الساعات الذكية، مما يوحِي بمستقبل تقنيّ بصحةٍ أفضل، فهي أكثر من مُجرّد أناقة تزيّن معصمك.