هل يخجل الرجال من الاكتئاب؟ دراسة تكشف سببًا صادمًا لعزوفهم عن طلب العلاج
كشفت دراسة نفسية حديثة نُشرت في مجلة Sex Roles أن العديد من الرجال يقللون من تقدير استعداد غيرهم من الرجال لطلب المساعدة عند الإصابة بالاكتئاب. هذا الاعتقاد الخاطئ قد يشكّل عائقًا نفسيًا حقيقيًا يمنعهم من السعي للعلاج، ويؤدي إلى استمرار المعاناة بصمت.
وفسر الباحثون ذلك بظاهرة تُعرف بـ"الجهل الجمعي"، وهي عندما يعتقد الفرد أن تصرفه أو شعوره يختلف عن سلوك المجموعة، رغم أن الآخرين يشاركونه نفس الرأي لكنهم أيضًا يخفونه.
تفاصيل الدراسة: منهج علمي دقيق
أجرى الباحثون تجربتين شملت إحداهما 2042 مشاركًا من النرويج، قرأ كل منهم قصة عن شخص يعاني أعراض اكتئاب، وطلب منهم تقييم مدى احتمالية طلبهم للمساعدة لو كانوا مكان الشخصية، بالإضافة إلى تقديرهم لاحتمالية طلب معظم الرجال أو النساء للمساعدة في الموقف نفسه.
أظهرت النتائج أن الرجال كانوا أقل ميلًا للإفصاح عن استعدادهم لطلب المساعدة مقارنة بالنساء، كما أنهم قللوا من تقديرهم لمدى استعداد باقي الرجال لذلك، رغم أنهم كانوا مستعدين بشكل أكبر مما يعتقدون.
اقرأ أيضاً هل يمكن أن يكون الاكتئاب وراثيًّا؟
النساء أكثر دقة في تقييم السلوك الجماعي
اللافت أن النساء لم يقعن في نفس الخطأ عند تقييم استعداد النساء الأخريات لطلب المساعدة. بل كانت تقييماتهن دقيقة ومطابقة تقريبًا لاستعدادهن الشخصي، وهو ما يدل على غياب الجهل الجمعي بينهن في هذا السياق.
كما أظهرت النتائج وجود ارتباط قوي بين تصورات الأشخاص لما يعتقدون أن الآخرين يفعلونه، وسلوكهم الشخصي الفعلي، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالجنس نفسه.
إخفاء العلاج يفاقم المشكلة
في التجربة الثانية، وُضعت سيناريوهات تُظهر شخصًا يعترف أو يُخفي حصوله على علاج للاكتئاب في بيئة عمل أو مع أصدقاء. وجدت النتائج أن الرجال كانوا أقل ميلًا من النساء للإفصاح عن تلقيهم للعلاج، سواء في الأوساط المهنية أو الاجتماعية.
هذا الميل لإخفاء العلاج بين الرجال يُسهم في خلق بيئة من "الصمت الجماعي" بشأن الصحة النفسية، مما يعزز المعتقدات الخاطئة ويزيد من حدة الجهل الجمعي حول الموضوع.
اقرأ أيضاً اكتئاب ما بعد العمليات الجراحية.. أسبابه وطرق التغلب عليه
الكل يؤمن بالإفصاح.. لكن لا يفعله
النتائج بينت أن أغلب المشاركين، رجالًا ونساءً، يعتقدون أن الشخص "يجب" أن يفصح عن تلقيه العلاج النفسي، لكنهم لا يفعلون ذلك بأنفسهم. التناقض هذا يعكس الخوف من الوصمة أو الحرج، وليس قناعة بعدم جدوى الإفصاح.
توصيات الباحثين
ودعا فريق البحث إلى تصحيح المفاهيم الاجتماعية حول سلوك الرجال النفسي، مؤكدين أن نشر التوعية بأن "الرجال أيضًا يطلبون المساعدة" قد يشجع المزيد منهم على كسر حاجز الصمت.
