سعيد الهاجري: لا اتجاوز سرعة 100 كلم بسيارتي
الدوحة - إسماعيل مرزوق:
نموذج حيّ للإرادة القوية والهمّة العالية التي تتحدى الصعاب؛ حصل على بطولة "رالي الفراعنة" الذي أقيم في مصر عام 1987، كأول رياضي قطري وعربي وخليجي يفوز بهذا السباق العالمي.
وحقق الكثير من الإنجازات على المستويين الأوروبي والعالمي، في سباق الراليات مع فريق رالي Rothmans ، فهو بطل الخليج في 1983 – 1984، كذلك فاز بلقب بطولة الشرق الأوسط في 1983-1984 - 1985 وسباق داكار العالمى عام 2002، وهو بطل لا يشقّ له غبار، إذ سيطر إلى حدّ كبير على معظم الراليات الإقليمية وبرز بشكل متميّز في أضخم السباقات العالمية،
وهذه البطولات جعلت منه رجل أعمال ناجحاً، بعد ان اعتزل رياضته المفضلة، وهو يمهّد الطريق لاستكمال طموحاته
ليضع بصمته في عالم العقارات، عبر "شركة الهاجري" التي أصبحت واحدة من ضمن افضل الشركات الناشطة في عالم العقارات والمشاريع في الدوحة ولندن وألمانيا. إنه القطري سعيد راشد الهاجري، بطل سباقات السيارات ورجل الأعمال الحالي . يؤكد في حواره مع "الرجل"، أن شركته مقبلة على المزيد من التوسّع والانتشار، لأن طموحاته تمتدّ الى أوربا أيضاً.
* متى كانت بدايتك مع رياضة السيارات ؟
- بدأت رياضة السيارات في سنّ مبكرة جداً، وكانت رغبة وهواية مفضلة. فهي موهبة زرعت في داخلي، وتعلقت بحب السيارات من خلال سفري مع الوالد إلى لبنان وأوروبا، وشاهدت عن قرب السيارات المعدّلة، وعندما أنشأ بعض الأجانب الذين كانوا يعيشون في الدوحة "نادي قطر للسيارات"، وبدأوا في تنظيم أول سباقات محلية لها في عام 1974 و1975، شاركت فيها واستمررت على هذه الحال بضع سنوات، إلى أن نصحني بعض الأجانب المحترفين في مجال السباقات ورياضة السيارات، بتطوير نفسي والذهاب إلى خارج قطر، بعد أن رأوا قيادتي الجيّدة للسيارات، ما يؤهلني أن أكون بطلاً في هذه الرياضة، وبالفعل اشتركت في السباقات المحلية من عام 1977، وحتى 1980، وكنت دائماً أحصل على مراكز متقدمة .
وبدأت حياتي الاحترافية عام 1982، ومن هنا تحولت من شخص هاو إلى لاعب محترف، وزرت مصانع السيارات في العالم في اليابان وأوربا وأمريكا، وعشت العالم الاحترافي لرياضة السيارات بشكل تام، وقفزت قفزة كبيرة إلي الأمام، بعد تأهيلي لأصبح بطلاً عالمياً في هذه الرياضة .
وشاركت في السباقات الصحراوية مثل رالي الفراعنة في مصر، ورالي تونس، ورالي المغرب، ورالي باريس وسباق دكار، وبطولة الشرق الأوسط، وشاركت في رالي استراليا ورالي نيوزلندا وفي رالي أمريكا، ومعظم السباقات التي أقيمت في أوروبا وحققت نتائج جيدة.
* كيف استفدت من رياضة السيارات؟
أولاً رياضة السيارات علمتني كيف أكون رجل أعمال ناجحاً، وأدير مشاريعي بالملايين، و للأمانة أنا نحتّ في الصخر لأصبح بطلاً عالمياً في رياضة السيارات، وأنجح كذلك في إداة أعمالي، حيث إن قيادتي للسيارات علمتني فنّ القيادة وفنّ إدارة الأعمال، لأن بطل سباق السيارات، الأضواء مسلطة عليه، أثناء قيادته، وهو الذي يقود فريقه، فإمّا إلى الفوز والمكسب وإما إلى الخسارة. وبالتالي شعرت بان أول مشاريعي استغلال تلك الموهبة في الاستثمار الرياضي، وكانت إدارتي لتلك المشاريع، من خلال شراء بعض الأراضي والعقارات. أول عقار اشتريته كان بنحو 50 الف ريال، سنة 85، فكانت بدايتي في الأعمال، ومن هذا المبلغ بدأت حياتي التجارية، وليس هناك تجار في عائلتي، فأنا الوحيد الرياضي ورجل الأعمال.
* تدير اليوم شركة "الهاجري"، فماذا عنها؟
الخبرة التي اكتسبتها من رياضة سباقات السيارات، جعلت منّي رجل أعمال ناجحاً، ووصلت إلى أن أكون عضواً في مجلس غرفة تجارة وصناعة قطر، وحصلت على عضوية مجالس إدارات في اتحادات وأندية رياضية كثيرة. ثم عضوا بالمجلس البلدي والآن استعدّ لانتخابات مجلس الشورى، وأفدت من هوايتي، بأن لديّ القدرة على الإبداع، لأنها تتسم بالذكاء وسرعة البديهة وردة الفعل السريعة في اتخاذ القرار؛ فمثلاً في السباق أنت تسير على سرعة 300 كلم في الساعة، ولا بدّ أن تتخذ القرار الصحيح في جزء من الثانية، وإلا فقدت حياتك ضاعت، مثلك مثل الطيار الحربي لديه ردّة الفعل السريع في اتخاذ القرار السريع.
لقد ولدت من اجل رياضة سباق السيارات، ولم أفكر في التجارة الا بعد خوض تلك الرياضة الرأسمالية، وأول مبلغ حصلت عليه مكافأة، كان 180 ألف جنية إسترليني، عام 1982، وفرحت به، وقمت بالصرف على أسرتي، واشتريت منزلاً وقطعة أرض. ثم حولتها إلى عقار كبير، ثمّ بعتها، ومن هنا فرحت بأول ربح ومكسب، رغم المردود الضعيف جداً في البداية، ولكن هكذا هى التجارة. ثمّ اشتريت وبعت كثيراً. وخلال هذه الفترة حققت ألقاباً عدة، وأصبحت من أصحاب المداخيل الكبيرة في عالم السيارات؛ فرياضة السيارات تجني مالاً. وشركتي تعمل في مجال العقارات والمضاربة في سوق الدوحة للأوراق المالية، وأنجزنا الكثير من الصفقات المالية المربحة.
* تقول دائماً إنك محظوظ، ما السبب؟
بالفعل انا محظوظ في اللعبة، ومثلها منحنى الله الحظ الواسع في التجارة، فلم اخسر أي سباق، ولم اخسر في تجارتي. وهذه مصادفه بحتة، إذ علّمتني الرياضة فن الإدارة وتحمّل المسؤولية. وبعد اعتزالي اللعب عام 2002، اتجهت كلياً للتجارة، ولديّ، بفضل الله، ثروة محترمة جداً.
والآن أدير شركاتي العقارية في الدوحة، ولدينا أفرع في لندن وألمانيا. وخلال فترة بسيطة، سأقوم بعمل نادٍ لليخوت البحرية في الدوحة، وهذا هو مشروع المستقبل.
* كيف فكرت في إنشاء النادي ؟
أمتلك يختا كبيرا وأعشق البحر، وأسبوعياً أتجول باليخت مع أصدقائي. ومن هنا جاءت الفكرة، ولديّ رخصة قيادة يخوت أيضاً
* أين هي سياراتك القديمة التي شاركت بها في السباقات؟
للأسف يوجد لديّ بعض سياراتي التي استعملتها، خلال السباقات والبطولات، منذ عام 77 وحتى 2002، وأحتفظ بها في انجلترا، وأول سيارة لي في السباقات "بيجو"، وآخر سيارة "ميتسوبيشي".
* هل يوجد في العائلة رياضي مثلك؟
أنا الوحيد في عائلتي رياضي، وولدي البكر راشد هاوي سيارات فقط. ولكن لم يحاول الاحتراف، وهو يدير أعمالي. والوالد والوالدة، في البداية لم يكونا قابلين فكرة سباق السيارات، لخوفهما عليّ، ولكني أصررت على خوض التجربة، وتعرضت لبعض الحوادث، لكنّها رياضة خطرة، والحوادث جزء منها .
* من قدوتك؟
كنت أفكر في لحظة الاعتزال، وكيف أصبح زملائي السابقون رجال أعمال وتجاراً، وفكرت ان اعمل مثلهم، وكان لى صديق نمساوي متسابق يمتلك شركة "لود اير لاين " للطيران، بعد اعتزاله فأصبح قدوة لي واتخذت طريقه نفسه .
* ما الذي حققته شركتك من توسع، بعد الطفرة الاقتصادية بقطر ؟
كما قلت أنا محظوظ، فعندما كنت اشتري العقارات وأبيعها، كان المردود ضعيفاً، ولكني كنت سعيدا به، ولم استعجل المكسب الكبير، حتى جاءت الطفرة الاقتصادية في قطر، في بداية 2000، وهنا تحركت العقارات بشكل كبير. والعقارات التي اشتريتها بمبالغ بسيطة، بعتها بملايين الريالات؛ فخططت لشراء أراض وعقارات، وقمت ببنائها وبيعها، وتأجير بعضها أيضاً. ومن خلال ذلك، اتجهت إلى نوع معيّن من العقارات في الأماكن المتوسطة الى الأماكن الاقتصادية العالية والأحياء الراقية، مثل الدفنة التي تمتاز بالأبراج وناطحات السحاب والسكن الراقي، والمطار القديم والوكرة واللؤلؤة. وأصبح لديّ عقارات كثيرة في الدوحة. وتقوم شركتي الآن على توسيع نشاطها الذى امتد الى لندن وألمانيا.
* هل لك أن تحدثنا عن إدارتك للشركة؟
أنا فرد من أسرة الشركة، ولم أُشعر أحداً بأني المسؤول عنها، وهذا سرّ نجاح شركتي. فالعلاقة الطيبة والمعاملة الحسنة تجني ثمارها بنجاح كبير. حيث أحضر إلى شركتي في الصباح الباكر، ويومياً أواظب على رياضة السباحة والتنس. وأسبوعياً إلى البحر وصيد الأسماك .
وأنا متزوج ولي خمسة أبناء، أكبرهم راشد، رئيس مجلس إدارة شركة "الهاجري".
* هل تشارك في سباقات السيارات للقدامى حالياً؟
بالطبع احرص على تلبية الدعوات في سباقات السيارات الكلاسيكية للمتسابقين القدامى، وأسافر من اجل التقاء الأصدقاء القدامى في مختلف أنحاء العالم. والسباقات رحلة وتسلية فقط .
* ماذا لو عاد بك الزمن ؟
سأختار الرياضة نفسها، لأنها اليوم مربحه اكثر من عصرنا، وتطورت للأفضل، وأصبحت رياضة عالمية لها جماهيرها الكبيرة جداً، بل تنافس كرة القدم والتنس .
* مع انك متسابق محترف كيف تقود سياراتك حالياً؟
طوال عمري- متسابقاً وبعد اعتزالي- قيادتي ملتزمة جداً، ونادراً ما ارتكب مخالفه مرورية، فقيادتي للسيارات في السباق تختلف اختلافاً كليا عن الحياة العامة. فأنا هادئ الطبع أثناء القيادة. أثناء السباق تصل سرعتي إلى 300 كلم، وفي الحياة العامة أسير طبقاً لإرشادات المرور، على سرعة 100 أو 120 كلم، لا أكثر، ووسط المدينة 80 كلم.
* ما المكاسب التي خرجت منها بوصفك بطلاً في سباق السيارات ورجل أعمال؟
يكفيني مكاسب الناس وحبّهم لي وعلاقاتي الكبيرة، إذ أصبح لديّ شبكة علاقات عربية وأجنبية، في كل العالم، ولي صداقات وعلاقات وطيدة. وأحرص على التواصل مع الجميع. وبحكم عملى الحالى عضواً في المجلس البلدي، هناك علاقات ودّ مع المواطنين والاصدقاء، وأحمد الله أنني خرجت من كل تجاربي بمكاسب، فليس المال وحده مكسباً، بل المكسب الحقيقي تلك العلاقات الطيبة مع الجميع وهذا كنز.
