تقرير جديد يكشف: كيف يغير الذكاء الاصطناعي استخدامنا للإنترنت للأبد؟
كشف تقرير جديد نشره موقع لايف ساينس (Live Science) أن الذكاء الاصطناعي بات يغيّر بنية الإنترنت وطريقة استخدامه بشكل جذري، وسط تحذيرات من خبراء تقنية وأخلاقيات رقمية من أن الشبكة قد تفقد طابعها البشري، مع تصاعد المحتوى المُولَّد آليًا وتراجع الثقة بالمعلومات المتداولة عبر الويب.
وأشار التقرير إلى أن انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي ونماذج اللغة الكبيرة لم يعد مقتصرًا على روبوتات الدردشة أو المساعدات الذكية، بل أصبح يؤثر مباشرة في طبيعة المحتوى الرقمي وكيفية وصول المستخدمين إليه. ومع هذا التحول، عاد الحديث بقوة عن نظرية «الإنترنت الميت»، التي تفترض هيمنة المحتوى الآلي على الفضاء الرقمي.
كيف تعيد تقنيات الذكاء الاصطناعي تشكيل استخدامنا للويب؟
وقال آدم نيميروف، مساعد نائب رئيس جامعة كوينيبياك لشؤون الابتكار في التعليم والتقنية، إن «التركيز المفرط على تحسين محركات البحث وخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى إنتاج محتوى أكثر، لكن بجودة أقل». وأضاف أن «المحتوى المولَّد بالذكاء الاصطناعي، أو ما يُعرف بمخلفات الذكاء الاصطناعي، بات يملأ هذه المساحات الرقمية، لأنه مصمم لجذب الانتباه لا لتقديم معرفة موثوقة».
وأوضح نيميروف أن هذه الظاهرة لا تقتصر على إزعاج المستخدمين، بل «تُزيح صناع المحتوى الحقيقيين من مصادر رزقهم»، لافتًا إلى أن منصات ثقافية ومعرفية اضطرت إلى إيقاف استقبال المشاركات بسبب سيل النصوص الآلية، فيما تواجه موسوعات مفتوحة ضغطًا متزايدًا على أنظمة المراجعة والتحرير.
من جانبها، حذّرت نيل واتسون، مهندسة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وعضو معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE)، من أن «مخلفات الذكاء الاصطناعي تشبه التلوث البلاستيكي في المحيطات، إذ تسد النظام البيئي الرقمي وتُضعف تجربة المستخدم». وأضافت أن «الإرهاق من غياب الأصالة بات ظاهرة حقيقية، وأن الثقة أصبحت العملة الأغلى على الإنترنت».
وأشار التقرير إلى أن فقدان الثقة يتعمّق مع قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج صور ومقاطع فيديو ومعلومات تبدو واقعية، ما يجعل المستخدمين يشككون حتى في المحتوى البشري الحقيقي. ونصح نيميروف القراء بـ«التعامل مع أي محتوى على أنه مُنتَج آليًا ما لم يثبت العكس، ودعم المؤسسات الإعلامية التي تلتزم بمعايير تحرير واضحة».
صعود المحتوى المولَّد بالذكاء الاصطناعي
وفي سياق متصل، أوضح التقرير أن الذكاء الاصطناعي لا يغيّر المحتوى فقط، بل يغيّر طريقة استخدام الإنترنت ذاتها. فمحركات البحث، وعلى رأسها غوغل، باتت تقدم ملخصات ذكية بدلًا من توجيه المستخدم مباشرة إلى المواقع، بينما تتولى روبوتات ووكلاء ذكيون مهمة البحث والمقارنة واتخاذ القرار نيابة عن البشر.
وقالت واتسون: «نحن ننتقل من إنترنت صُمم لعيون البشر إلى إنترنت صُمم لوكلاء الذكاء الاصطناعي». وأضافت أن «المستخدم في المستقبل قد لا يتصفح المواقع بنفسه، بل يترك لمساعده الذكي مهمة التفاوض والحجز وجمع المعلومات».
وحذّر الخبراء من أن هذا التحول قد يهدد النموذج الاقتصادي للمواقع الإخبارية والعلمية، إذ إن استهلاك المحتوى عبر الذكاء الاصطناعي يقلل من الزيارات والإعلانات، ما قد يدفع بعض المواقع إلى فرض اشتراكات مدفوعة أو حجب محتواها عن أدوات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يزيد من تفتت منظومة المعلومات.
وفي ختام التقرير، رجّح الخبراء أن يؤدي هذا الواقع إلى بروز اتجاه معاكس، يتمثل في زيادة الطلب على المحتوى البشري الموثوق، وربما في مساحات رقمية مغلقة أو مدفوعة. ويبقى مستقبل الإنترنت، بحسب نيميروف، «مرهونًا بسلوك المستخدمين أنفسهم، وقدرتهم على رفض المحتوى الرديء والمطالبة بجودة أعلى وأصالة أوضح».
