اختراع يتيح للعلماء سماع لغة الدماغ للمرة الأولى
نجح فريق من العلماء من معهد ألين للأبحاث بالتعاون مع مركز جانليا للأبحاث التابع لمعهد هوارد هيوز الطبي في تطوير بروتين جديد يمكّنهم من التقاط أضعف الإشارات الكيميائية التي تتبادلها خلايا الدماغ، وهي خطوة تسهم في فك الشيفرة الخفية لطريقة تفكير الدماغ واتخاذه للقرارات وتخزينه للذكريات.
نُشرت نتائج هذا البحث في مجلة (Nature Methods) المتخصصة بالأبحاث العلمية المتقدمة.
البروتين الجديد الذي أطلق عليه العلماء اسم iGluSnFR4 يعمل كمؤشر جزيئي لرصد مادة "الجلوتامات"، وهي الناقل العصبي الأكثر انتشاراً في الدماغ والمسؤول عن نقل الإشارات بين الخلايا العصبية.
هذا الابتكار يتيح للعلماء مراقبة لحظة استقبال الخلايا العصبية لهذه الرسائل الكيميائية بدقة غير مسبوقة، بدلاً من الاقتصار على رصد الإشارات الصادرة عنها كما كان الحال في الماضي.
آلية الإدخال والإخراج العصبي
توفر هذه التقنية نافذة جديدة على طريقة عمل الدماغ، إذ تسمح برصد الإشارات المتعددة التي تستقبلها الخلايا العصبية قبل أن تتخذ قرار إرسال إشارة جديدة. كل خلية عصبية تتلقى آلاف الرسائل من خلايا أخرى، وتقوم بمعالجتها لتحديد ما إذا كانت ستُرسل إشارة استجابة أم لا.
هذا الفهم المباشر لآلية الإدخال والإخراج العصبي يُعتبر خطوة أساسية نحو فك أسرار التفكير، والذاكرة، واتخاذ القرار.
تكمن أهمية هذا الاختراع أيضاً في أبعاده الطبية، إذ يمكن استخدام البروتين الجديد لدراسة الأمراض العصبية التي تتضمن اضطراباً في إشارات "الجلوتامات"، مثل ألزهايمر، والفصام، والتوحد، والصرع.
كما يمكن أن يساعد علماء الأدوية في مراقبة تأثير العلاجات التجريبية على تواصل الخلايا العصبية في الوقت الحقيقي، مما يسرّع عملية تطوير أدوية أكثر فاعلية.
قبل تطوير مؤشر iGluSnFR4، كانت تقنيات التصوير العصبي المتوفرة بطيئة وضعيفة الحساسية، إذ لم تستطع رصد الإشارات الكيميائية السريعة والدقيقة التي تمر بين الخلايا العصبية. الآن، باستخدام المجاهر المتقدمة في معهد ألين، يتمكن العلماء من تسجيل هذه الإشارات في الدماغ الحي بدقة زمنية وجزيئية عالية، وهو ما وصفه الباحثون بأنه "نافذة جديدة لفهم عقل الإنسان".
