شخصيات «الرجل» 2025.. وجوه صنعت الإلهام وأعادت تعريف الريادة
في عامٍ أعاد تشكيل ملامح الحاضر، وجّهت مجلة الرجل بوصلتها نحو الوجوه التي صنعت الفرق. أولئك الذين تصدّروا أغلفتها خلال عام 2025، آتين من ميادين شتى تجمعها فكرة واحدة: الإلهام بوصفه فعلا إنسانيًا لا يعرف الحدود.
شخصيات الرجل لعام 2025
من الرياض وجدة إلى بكين وجنيف، تمتد رحلة “شخصيات الرجل لعام 2025” لتكشف عن أحد عشر وجهًا ألهموا المشهد. شخصيات جمعت في تفاصيلها بين الجذور والطموح، وبين التراث المستند إلى الأصالة السعودية، والرؤية التي تتسع للعالم ورموزه في الابتكار والقيادة.
في هذه السطور ستجد الفنان الذي أعاد تعريف الصورة السينمائية السعودية، والقائد الذي شيّد رؤية الأمن والتقنية، ورائد الأعمال الذي صنع من فكرة تطبيق إمبراطورية رقمية، إلى جانب صُنّاع الفخامة والهوية والفكر الذين عكست وجوههم على الأغلفة ملامح مرحلة كاملة.
هؤلاء الـ11، لم يكونوا مجرد شخصيات للحديث عنها، بل رموزٌ لمعنى العزيمة في زمن التحول، وأصوات مرحلة عبّرت عن الإنسان السعودي والعربي والعالمي وهو يكتب فصله الجديد من قصة الإبداع والنهضة.
تشانغ يي مينغ
شخصية غلاف شهر يناير:
يبدأ الجميع كأشخاص عاديين.. والنجاح ثمرة صبر مستمر

في يناير 2025، تصدر رجل الأعمال الصيني تشانغ يي مينغ (Zhang Yiming) غلاف مجلة الرجل باعتباره أحد رموز العصر الرقمي وصانع التحول الأكبر في ثقافة المحتوى عالميًا. مؤسس شركة ByteDance ومنصة TikTok، أعاد يي مينغ تعريف علاقة الإنسان بالمعلومة، فحوّل مقاطع الفيديو القصيرة إلى لغة عالمية يعبر بها أكثر من مليار مستخدم حول العالم.
قصة تشانغ بدأت في مدينة لونغيان بمقاطعة فوجيان الصينية، وسط أسرة متوسطة الحال غرست فيه حب التعلم والصبر والمثابرة. اختار دراسة علوم الحاسب لأنها تمنح –كما قال– “حرية الإبداع وفرص التعليم الذاتي”، ومن معمل البرمجة إلى ريادة الأعمال صنع طريقه خطوة بخطوة، مؤمنًا بأن الجميع يبدؤون أشخاصًا عاديين، لكن الاستمرار يصنع التميز.
بعد تجارب مهنية متفرقة، أسس عام 2012 شركة ByteDance برؤية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتخصيص المحتوى. انطلقت الشركة بتطبيق Toutiao الإخباري، ثم ولدت فكرة TikTok التي تفوقت على كل المنافسين لتصبح أيقونة الجيل الرقمي وأحد أكثر التطبيقات تأثيرًا في العالم. اليوم تتجاوز ثروته 49 مليار دولار، لكن نجاحه –كما يرى– لم يكن في المال بل في بناء منتج “غيّر طريقة تفاعل الناس مع المعرفة والترفيه”.
يؤمن تشانغ بأن الابتكار يأتي من النظر للمشكلة من زاوية مختلفة، وأن ثقافة العمل العقلانية أهم من السلطة الإدارية، لذا أسس نموذجًا إداريًا يمنح الموظفين حرية التفكير، ويوازن بين التكنولوجيا والإبداع الإنساني. نصيحته الدائمة للشباب أن يتحلَّوا بالصبر ويستلهموا من السير الذاتية، “فكل من حقق إنجازًا عظيمًا بدأ بخطوة صغيرة ولم يتوقف”.
برؤيته الهادئة وثقافة التعلم المستمر، أصبح تشانغ يي مينغ نموذجًا لـ"الملياردير الهادئ" الذي صنع إمبراطورية رقمية من فكرة، مؤكدًا أن الشغف والمعرفة والوقت الكافي كفيلة بتحويل الموهبة إلى أثرٍ عالميٍّ خالد.
موسم الدرعية
شخصية غلاف شهر فبراير:
ذاكرة البدايات ونبض الثقافة السعودية

في فبراير 2025، اختارت مجلة "الرجل" أن تُزيّن غلافها بصورةٍ لا تُختزل في شخص، بل في مكانٍ يروي قصة وطن، لتتوجه الأنظار إلى الدرعية، أحد أهم رموز الهوية السعودية ومركز انطلاق مسيرة الدولة. فبين طينها الذي ما يزال يتنفس التاريخ، وأزقتها التي تحولت إلى فضاءات للفن والثقافة، كان موسم الدرعية عنوان العدد، بوصفه تجربةً ثقافيةً وحسيةً تجمع بين التقاليد والابتكار.
تحوّلت الدرعية خلال الموسم إلى متحف مفتوح للزمان، يروي تفاصيل البدايات من خلال فعاليّات تفاعلية تعيد للأذهان مجد التأسيس وروح البطولة. في معرض "مجدٍ مباري"، اُستعيدت قصة الإمام تركي بن عبدالله، بينما منح مهرجان طين الطينَ حياةً جديدة، فصار الفن طابعًا معماريًا لا يبهت. أما حيّ الطريف، فكان مسرحًا للسرد الحيّ لتاريخ الدولة الأولى، بعروض تتناغم فيها الحقيقة والخيال.
وإلى جانب التاريخ، احتفى الموسم بالإبداع الحديث عبر "مهرجان الرواية"، الذي جمع أكثر من 150 كاتبًا من العالم العربي، وفعالية "ليالي الدرعية" التي امتزج فيها المذاق بالموسيقى، و"مطل البجيري" الذي جسّد كرم الضيافة النجدية. كان الحضور مزيجًا من الأصالة والمعاصرة، ومن السحر الليلي إلى التفاصيل اليدوية المتقنة في "البرواز" والحرف التقليدية.
اختيار المجلة لموسم الدرعية لم يكن احتفاءً بحدث فحسب، بل تأكيد بأن الثقافة السعودية اليوم تتحرك من الذاكرة نحو المستقبل، وأن في كل بيتٍ من بيوت الطين القديم معنى يتجدد، يشبه الهوية نفسها: راسخة في الأصل، ومضيئة في الآتي.
تركي الثنيان
شخصية غلاف شهر مارس:
الأمن درع التنمية.. والابتكار هو خط الدفاع الأول

في مارس 2025، تصدّر تركي بن معتوق الثنيان، الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية للخدمات الأمنية (سيف) التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، غلاف "الرجل" كوجه يعكس فلسفة جديدة للأمن بوصفه ركيزة للاستقرار وجاذبًا للاستثمار في آنٍ واحد. بخبرة تمتد لأكثر من عقدين من العمل القيادي، من أرامكو السعودية إلى إدارة شركات متخصصة في الأمن والمخاطر، شكّل الثنيان نموذجًا لقيادة تتقاطع فيها الكفاءة التقنية مع الرؤية الوطنية الطموحة.
أكد الثنيان أن تجربته في أرامكو كانت مدرسة في الانضباط والتفكير الاستراتيجي، ومن خلالها تعلم "القيادة تحت الضغط" واتخاذ قرارات حاسمة وسط بيئة تنافسية متعددة الثقافات. ومن هناك انطلق نحو قطاع الأمن، واضعًا نصب عينيه هدفًا واضحًا: إنشاء كيان سعودي قادر على بناء منظومة أمنية وطنية بمعايير عالمية.
تحت قيادته، تحولت "سيف" إلى منظومة متكاملة تغطي الأمنين الفيزيائي والسيبراني، وإدارة المخاطر، وخطط الطوارئ، وصولاً إلى الخدمات المساندة في الأحداث الضخمة مثل موسم الحج وكأس العالم في قطر. ويرى الثنيان أن الاستثمار في رأس المال البشري هو أعظم استثمار أمني، مؤكدًا أن نجاح "سيف" ارتكز على تطوير الكفاءات من الجنسين، وتمكين المرأة في أدوار قيادية وعملياتية.
في رؤيته لمستقبل القطاع، أشار إلى أن الأمن السيبراني بات محورًا أساسيًا في حماية الأنظمة الرقمية، وأن التحول من الأمن التقليدي إلى "ذكاء الأعمال" يمثل المرحلة التالية من التطور في ظل رؤية السعودية 2030. وتعمل "سيف" اليوم على دمج التقنيات الخضراء في عملياتها لابتكار حلول أمنية مستدامة تقلل البصمة الكربونية وتخدم المدن الذكية.
يؤمن الثنيان بأن الأمن ليس مجرد ممارسة مهنية، بل ثقافة وواجب وطني، وأن الابتكار هو ما يضمن بقاء هذه المنظومة فاعلة ومرنة. وبين انشغاله بالمسؤوليات التنفيذية، يجد في السباحة والمشي والتأمل مساحة للصفاء الذهني، مستمدًا إلهامه من أسرته التي كانت، وما تزال، سندًا في كل إنجاز.
بوراك شاكماك
شخصية غلاف شهر إبريل:
الأزياء حكاية وطن.. والاستدامة لغتي للمستقبل

في إبريل 2025، تصدّر بوراك شاكماك (Burak Çakmak)، الرئيس التنفيذي لهيئة الأزياء السعودية، غلاف "الرجل" بوصفه أحد أبرز الوجوه التي تقود التحول الثقافي والإبداعي في المملكة. لم يرَ في الأزياء مجرد صناعة للأناقة، بل سرد لهوية وطنية حيّة تكتب حكايتها بخيوط من الأصالة والابتكار، مؤكدًا أن المهمة تتجاوز الموضة إلى بناء رؤية ثقافية واقتصادية تعكس روح السعودية الجديدة.
قاد شاكماك، بخبرته الممتدة من دور الأزياء الكبرى مثل Kering وSwarovski إلى عمادته لكلية بارسونز في نيويورك، تحول هيئة الأزياء لتصبح مركزًا فاعلاً في صياغة مشهد محلي عالمي الطابع. رأى في القيادة "التزامًا بالمستقبل لا منصبًا"، وسعى منذ توليه مهامه عام 2021 إلى تحويل الأزياء من منتج جمالي إلى مشروع وطني متكامل يشمل التعليم، والاستثمار، والإنتاج، والتقنية المستدامة.
من خلال مبادرات محورية كـ "أسبوع الرياض للأزياء" و"ذا لاب" و"الإحرام المستدام"، أسهم في وضع المملكة على خريطة الأزياء العالمية، بحيث أصبحت التصاميم السعودية حاضرة في متاجر كبرى مثل "غاليري لافاييت" و"برنتان" في باريس.
وأوضح أن السعودية تمتلك رصيدًا ثقافيًا ضخمًا يمكّنها من أن تكون صانعة التوجهات لا تابعة لها، لأن كل قطعة تُصمم هنا تروي سطرًا من تاريخ وطن يتجدّد.
أشاد بقدرة المصممين السعوديين على تحويل التراث إلى لغة عصرية نابضة بالثقة، معتبرًا أن الاستدامة هي القاعدة لا الخيار، وأن ما يبنى اليوم في المملكة هو صناعة إبداعية تستمد إلهامها من قيمها، وتقدّم خطابًا جماليًا وإنسانيًا للعالم.
اختتم حديثه برسالة للشباب: "انطلقوا من أصالتكم، وابتكروا بثقة، فالأزياء السعودية لم تعد تقتصر على تصميم الأقمشة، بل باتت تصنع صورة وطنٍ يقود التغيير بثقافته وهويته".
حسن شربتلي
شخصية غلاف شهر مايو:
الضيافة ليست عقارًا.. والوقت وعد أصونه بالابتكار

في مايو 2025، ظهر رائد الأعمال السعودي حسن بن محمد وجيه شربتلي على غلاف "الرجل" ممثلاً جيلاً جديدًا من القادة الذين يمزجون بين الإرث العائلي العريق ورؤية شخصية جريئة. ورث عن جده رجل الأعمال الراحل حسن بن عباس شربتلي روح المبادرة والسبق، لكنه اختار أن يرسم بصمته الخاصة في قطاع الضيافة والتحول الرقمي، مؤمنًا بأن النجاح لا يُورث بل يُبنى من الصفر في كل مرة.
يشغل شربتلي منصب الرئيس التنفيذي لقطاع الضيافة في مجموعة النهلة، ورئيس مجلس إدارة شركة Digitect للحلول الرقمية، حيث عمل على توظيف التكنولوجيا في خدمة تجربة الضيف، مستخدمًا الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لبناء ضيافة سعودية بروح عالمية. أكد أن الضيافة ليست عقارًا بل تجربة تُصمم بفكر وشغف، وأن استثماراتهم تسعى لإبراز كرم الضيافة السعودية في أبهى صورة، لا لتحقيق العائد التجاري فقط، بل لإحداث أثر ثقافي وإنساني.
استعرض شربتلي جانبًا من استراتيجية "نهلة الضيافة" التي توسعت بشراكات كبرى مع علامات عالمية مثل Fairmont وSLS وSO وMgallery و25hours وPorsche Design Tower وInterContinental وVoco وSix Senses، موضحًا أن فريقه نما من شخصين عام 2020 إلى نحو 250 موظفًا في 2023، في انعكاس مباشر لحجم التحول الذي يشهده القطاع تحت مظلة رؤية السعودية 2030.
رمزية ساعة Hublot Big Bang على معصمه كانت حاضرة في الحوار، إذ رأى فيها مرآة لذائقته في الجرأة والتفرّد، وجسرًا بين الحرفية التقليدية والابتكار المعاصر، تمامًا كما يرى السعودية اليوم وهي "تكتب أعظم قصة تحدٍّ مع الزمن". اعتبر أن الوقت أثمن ما يملك، وأن الساعة بالنسبة لرائد الأعمال ليست زينة، بل رمزًا للالتزام والوعد، كاشفًا أنه لو وضع رمزًا داخل ساعته لاختار علم المملكة، لأنه يجسد قصة وطن قرر أن يكون في الطليعة لا على الهامش.
فهد السعد
شخصية غلاف شهر يونيو:
الفوز ليس لقبًا ولا كأسًا.. والخسائر دروسي الأولى نحو القمة

في يونيو 2025، تصدّر فهد السعد غلاف "الرجل" بصفته أحد أبرز الأسماء التي شكّلت ملامح رياضتي التنس والبادل في السعودية. بدأ مشواره طفلا يحمل مضربًا أطول من قامته، لكنه حمل معه طموحًا لا يُقاس بالعمر، فصنع مسيرة استثنائية امتدت من الملاعب إلى الاستثمار الرياضي والقيادة المؤسسية.
انطلق السعد لاعبًا في منتخب السعودية منذ طفولته، وحصد ألقابًا عربية ودولية، أبرزها تخطّيه حاجز الفوز في 50 مباراة ضمن بطولة كأس ديفيز، ليُكرَّم اسمه في لوحة الشرف بمقر الاتحاد الدولي للتنس في لندن. واجه في بداياته تحديات قاسية حتى وصلت إلى تهديدات من عصابات المراهنات أثناء مشاركته في بطولات دولية، لكنه واجه خوفه بالصبر والإصرار، معتبرًا تلك المرحلة درسًا صنع منه إنسانًا أكثر نضجًا وصلابة.
عام 2019 أسس أول أكاديمية تنس مرخصة في المملكة (In Tennis Academy)، برأس مال بسيط وخبرة واسعة تراكمت على مدى عقدين، لتتحول لاحقًا إلى منظومة استثمارية تُقدّر قيمتها بعشرات الملايين. كما كان من أوائل الذين أدخلوا رياضة البادل إلى السعودية بعد أن رآها فرصة واعدة للمستقبل الرياضي الوطني.
يرى السعد أن الاستثمار الرياضي يبدأ من فكرة صغيرة تُغذّيها المعرفة والتجربة، وأن الخسائر هي المختبر الحقيقي للنجاح. انتقل من اللاعب إلى المعلق والمحلل بأسلوب يجمع الأدب والشعر بالرياضة، مؤمنًا أن البطولة الحقيقية ليست في رفع الكؤوس بل في بناء منظومات تستمر.
يختم بقوله إن المملكة اليوم أرض خصبة للرياضة والابتكار، وإن جيله يمهّد الطريق لأجيال جديدة تتسلح بالشغف والانضباط لصناعة مجدٍ رياضي سعودي، شمسه لا تغيب.
فيصل بن حمران
شخصية غلاف شهري يوليو - أغسطس:
نصنع تفرّدنا ونبهر العالم.. والإنسان هو بطل البطولة

في يوليو - أغسطس 2025، برز اسم فيصل محمد بن حمران، الرئيس التنفيذي للرياضات الإلكترونية في مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، بوصفه أحد أبرز قادة المشهد الجديد في قطاع الألعاب العالمي. قاد نسخة العام من البطولة التي استضافتها الرياض لتصبح تجربة سعودية برؤية عالمية، جسّدت الثقة بقدرات أبناء الوطن، وأبرزت كيف يمكن لصناعة حديثة أن تعبّر عن ثقافة مجتمع كامل وتقدمه للعالم بروح سعودية أصيلة.
أوضح بن حمران أن البطولة استندت إلى الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، الهادفة إلى جعل المملكة "مركز اللعبة" عالميًا بحلول عام 2030. وتميزت نسخة 2025 بمشاركة أكثر من 2000 لاعب من مختلف القارات، بإدارة سعودية شابة تولت جميع مراحل التنظيم من التصميم والتنفيذ إلى المتابعة، مؤكدًا أن القيادة السعودية أثبتت قدرتها على إدارة حدث عالمي بهذا الحجم والتعقيد.
وأشار إلى أن المهرجان المصاحب للبطولة لم يكن مجرّد فعالية ترفيهية، بل منصة حاضنة للابتكار والمواهب الوطنية، تجمع بين الثقافة السعودية واهتمامات الجيل الجديد. فالمجتمع – كما قال – هو بطل المهرجان وصانع لحظاته، بحيث صُممت التجربة لتخاطب الإنسان وتلامس مشاعره قبل أن تبهره بالتقنية.
تحدث بن حمران عن التحول الشخصي في مسيرته من لاعب شغوف إلى صانع قرار، معتبرًا أن القيادة في هذا القطاع تبدأ بالثقة وتمكين الفرق لا بتوجيهها من القمة فحسب. ودعا الشباب إلى النظر للألعاب بوصفها بابًا للمستقبل وفرصًا مهنية واقتصادية واعدة.
وفي ختام حديثه، أكد أن البطولة لم تكن مجرد حدث رياضي، بل حكاية سعودية عن الإبداع والإرادة، وامتدادًا لرؤية وطن يصنع تفرده كل يوم، ويضع الإنسان في قلب كل قصة نجاح.
زياد المعيوف
شخصية غلاف شهر سبتمبر:
أقاتل بروح وطني.. ودعاء أمي سر ثباتي في الحلبة

في سبتمبر 2025، ظهر بطل الملاكمة السعودي زياد المعيوف على غلاف "الرجل" متوجًا عامًا من الإنجازات التي رسخت مكانة السعودية في قلب المشهد الرياضي العالمي. دخل المعيوف الحلبة حاملا علم المملكة، مدفوعًا بدعاء أمه وثقة وطنه، مؤمنًا أن كل نزال يخوضه ليس معركة شخصية، بل قصة وطن تُروى على حلبة العالم.
نشأ زياد في بيت يقدّس الانضباط والإيمان والاحترام، فتشكلت شخصيته على الصبر والهدوء تحت الضغط. درس علم النفس ليعزز وعيه الداخلي، مؤمنًا بأن العقل هو ما يميز بين الجيد والعظيم في عالم الملاكمة. وبعد سنوات من التمرين والتضحيات، أصبح أول ملاكم سعودي محترف، بعدما تدرب على يد الأسطورة جيمس “Buddy” مكغيرت الذي علّمه استراتيجيات الذكاء والقراءة الدقيقة للخصم.
في حواره، استعاد المعيوف ذكريات نزاله الأول في جدة، خلال المواجهة الكبرى بين أنتوني جوشوا وألكسندر أوسيك، مؤكدًا أن تلك الليلة كانت لحظة تاريخية ليس له فحسب، بل لكل الرياضيين السعوديين. أوضح أن الطموح الحقيقي يتجاوز الفوز، فهو يسعى لجعل الطريق أوضح لمن يأتي بعده، وأن انضباطه وتواضعه هما السر الحقيقي وراء نجاحه.
رأى المعيوف أن المملكة تعيش عصرها الذهبي في رياضة الملاكمة بفضل رؤية 2030، التي جعلت الرياض وجهة رئيسة لأكبر النزالات العالمية. واعتبر أن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قاد ثورة رياضية وثقافية غيرت نظرة العالم إلى السعودية، بينما كان دعم المستشار تركي آل الشيخ دافعًا محوريًا في صعود اللعبة إلى العالمية.
وختم قائلاً إن كل مرة يدخل فيها الحلبة يشعر أنه يقف على تاريخ طويل لوطنٍ صاغ مجده بالإرادة والإيمان، وأن المستقبل في الرياض يُكتب بقبضات الشباب وأحلامهم.
المايسترو هاني فرحات
شخصية غلاف شهر أكتوبر:
الموسيقى رسالتي.. والوطن نغمي الأبدي

تصدر المايسترو هاني فرحات غلاف "الرجل" بعد حفله اللافت في قصر فرساي الفرنسي، حيث قاد الأوركسترا السعودي بمشاركة موسيقيين فرنسيين في أمسية وُصفت بأنها رسالة سلام من السعودية إلى العالم. هناك، اختلط شغفه القديم بالكلاسيكيات الغربية واعتزازه بالموسيقى العربية في لوحة موسيقية فريدة، استحقت إشادة السيدة الأولى الفرنسية بريجيت ماكرون ووزيرة الثقافة رشيدة داتي.
وُلد فرحات في القاهرة وبدأ رحلته طفلا في برنامج "مواهب صغيرة"، حيث عزف الكمان والبيانو برعاية والدته التي كانت سندًا وداعمًا لمسيرته حتى بعد رحيلها. تمسك بالموسيقى رغم رغبة والده أن يصبح طيارًا، ورأى في الكونسرفتوار طريقه الطبيعي نحو الإبداع. انطلق اسمه عربيًا مع ألبوم "علم قلبي" لعمرو دياب نهاية التسعينيات، مؤكدًا أن التنازل مرفوض مهما كانت العقبات، مؤمنًا بأن "الإيمان بما تقدمه هو مفتاح النجاح".
قاد فرحات عشرات الحفلات الكبرى في الوطن العربي والعالم، من موسم الرياض إلى أوبرا سيدني، التي مثلت له تجربة لا تُنسى كأول مايسترو عربي على مسرحها. اعتبر أن ما تشهده السعودية في السنوات الأخيرة تحولًا ثقافيًا مذهلا، "إنجازًا وإعجازًا"، أتاح للأجيال الجديدة التعبير عن مواهبها وبناء نهضة موسيقية حقيقية.
تحدث المايسترو عن يومياته بين التمارين والعائلة، مؤكدًا أن زوجته دنيا جمعة كانت الداعم الأكبر في حياته، وأن الموسيقى بالنسبة له "رسالة سلام وهوية وحياة". يحمل اليوم حلمًا بتأسيس مشروع تعليمي موسيقي للأجيال، ويرى أن مستقبل الموسيقى السعودية واعد عالميًا، لأنها تمزج بين الثقافات بروحٍ لا تعرف الحدود.
جوليان تورنار
شخصية غلاف شهر نوفمبر:
الفخامة موقف لا مظهر

تزامن ظهور الرئيس التنفيذي لشركة Hublot السويسرية جوليان تورنار (Julien Tornare) على غلاف "الرجل" مع افتتاح المتجر الرئيس الجديد للدار في الرياض، في لحظة جسّدت روح الانفتاح السعودي والتحول الحضاري الذي يوازي فلسفة Hublot القائمة على الجرأة وكسر التقاليد. رأى تورنار أن العاصمة السعودية تجسّد مزيجًا فريدًا من التراث والرؤية المستقبلية، ما يجعل حضور العلامة فيها امتدادًا طبيعيًا لفلسفتها في "فن الدمج" بين الأصالة والابتكار.
أكد تورنار أن علاقة Hublot بالسوق السعودي تطوّرت منذ افتتاح أول متجر لها في الخبر عام 2016، إذ تحوّلت من مجرد علامة فاخرة إلى شريك في أسلوب حياة يعكس روح المجتمع المحلي. فالمقتني السعودي، كما أوضح، يبحث عن توازن بين الحرفية العالية والتصميم الجريء، ويرى في الساعة رمزًا للهوية قبل أن تكون قطعة فاخرة. ومن هنا جاءت فكرة "غرفة التجربة" في متجر الرياض لتجسيد فلسفة الدار من خلال التفاعل المباشر مع المواد والتقنيات التي شكّلت أسس نجاحها.
في رؤيته للفخامة الحديثة، شدّد تورنار على أنها لم تعد مظهرًا، بل موقفًا يعبّر عن الشخصية والجرأة على الاختلاف. وأوضح أن الجيل السعودي الجديد يقف في انسجام تام مع هذه الفلسفة، مؤمنًا بأن التميز يبدأ بالاختلاف لا بالتقليد. وتحدث عن قيادته للدار بوصفها رحلة إنصات وتواضع، مؤمنًا بأن الإبداع لا يأتي من القمة فقط، بل من فرق العمل الشغوفة.
أنهى تورنار حديثه بتأمل هادئ عن الوقت، واصفًا إياه بأنه "أرقى أشكال الرفاهية"، معتبرًا أن الساعة ليست مؤشرًا للعقارب بل استعارة للحضور الذاتي والوعي باللحظة، كما أكد أن قيادة Hublot تعني مواصلة دفع حدود الحرفة من خلال الجمع بين الإنسان، والفكر، والجرأة.
براء عالم
شخصية غلاف شهر ديسمبر:
جدة بوصلتي والسينما لغتي إلى العالم

في ديسمبر 2025، تزامن ظهور الفنان السعودي براء عالم على غلاف "الرجل" مع انطلاق الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، حيث عاد ابن جدة إلى مدينته التي احتضنته منذ بداياته الأولى. قال حينها إن هذه العودة كانت لحظة انتظرها طويلا، وكأن المدينة تُعانقه لتقول له: "ها قد حان الوقت". وُلد براء في مكة، لكنه وجد في جدة المكان الذي صاغ وعيه البصري وشغفه بالصورة، فقبل أن يمسك الكاميرا كان يلتقط اللقطات بعينيه ويرتّبها في خياله.
بدأ عالم رحلته من خلال منصة "فيلمر"، التي مهّدت له طريق فهم السينما لغةً وتحليلا، قبل أن يخوض تجربته الكبرى في فيلم "شمس المعارف"، والتي نقلته من الحديث عن الأفلام إلى أن يصبح جزءًا منها. وأوضح أن من "فيلمر" تعلّم لغة السينما، ومن التمثيل تعلّم عن نفسه الكثير. رأى أن السينما السعودية حققت قفزات هائلة خلال سنوات قليلة، وأن جيله يكتب فصلاً جديدًا في صناعة الهوية السينمائية للسعودية.
أكد براء أن الجمهور السعودي بات أكثر وعيًا، يطلب مضمونًا صادقًا لا تقليدًا لأعمال أجنبية، وهو ما حمّله مسؤولية البحث عن نصوص تحمل روحًا ومعنى. ومع عرض فيلمه القصير "حارس التاريخ" في المهرجان، عبّر عن طموحه لأن تصل السينما السعودية إلى المهرجانات العالمية بجودتها وأصالتها.
وختم عالم حديثه بالتأكيد أن الصدق هو الكمال الحقيقي في الأداء، مستلهمًا من المخرج ستانلي كوبريك (Stanley Kubrick) دقّته ورؤيته الفلسفية، لكنه سعى لأن يكون صادقًا أكثر من كونه مثاليًا. كما رأى أن الذكاء الاصطناعي لن يستبدل الموهبة البشرية، بل سيعيد تشكيل الصناعة. وبرحلته بين التأمل والبحث عن شخصيات عميقة، واصل براء عالم رسم طريقه نحو سينما سعودية تعبّر عن هويتها بثقة وتخاطب العالم بلغتها الخاصة.
في نهاية هذا الملف، تبقى شخصيات الرجل لعام 2025 أكثر من مجرد وجوه على أغلفة براقة، إنها مرايا لعام استثنائي كتب ملامحه أولئك الذين آمنوا بأن الإبداع لا وطن له، وأن الإصرار هو اللغة المشتركة بين صانع فيلم عشريني في جدة، ورائد أعمال يقود ثورة رقمية من بكين، وقيادي يبتكر حلول أمن المستقبل في الرياض.
هذه الحوارات التي تتنقل بين الفن والقيادة والابتكار والفكر، توثق عامًا حمل ملامح السعودية الجديدة بثقافتها الطامحة وانفتاحها على التجارب العالمية. ومن خلالها، ترسم مجلة الرجل خريطة للإلهام الإنساني في أوسع معانيه: أوطان تتغير، وأفراد يصنعون الفارق، وزمنٌ يسير بخطى أسرع نحو المستقبل.
