التوأم الرقمي يغيّر وجه الطب الحديث ويُنقذ الأرواح
كشفت دراسة طبية حديثة أجرتها جامعة هارفارد عن تقدم كبير في استخدام تقنية “التوأم الرقمي” في المجال الطبي، وهي تقنية تهدف إلى إنشاء نموذج افتراضي يحاكي جسم المريض أو أحد أعضائه بدقة عالية، لتمكين الأطباء من اختبار الأدوية والعلاجات قبل تطبيقها فعليًا على المريض الحقيقي.
ويرى الباحثون أن هذه التقنية قد تغيّر جذريًا أسلوب تشخيص الأمراض وعلاجها، خاصة الحالات المعقدة مثل ألزهايمر والسرطان وأمراض القلب.
وأوضح الدكتور ستيفن أرنولد، أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بهارفارد، أن الطب التقليدي يعتمد على نتائج دراسات إحصائية تشمل مجموعات كبيرة من المرضى، ما يجعل الأطباء يصفون الأدوية على أساس متوسط الفعالية وليس استجابة الفرد نفسه. وأشار إلى أن "الاعتماد على التوأم الرقمي سيسمح بمعدل تخصيص غير مسبوق، إذ يمكن اختبار تأثير الدواء على النسخة الافتراضية للمريض قبل وصفه فعليًا، وهو ما قد ينقذ الأرواح ويقلل من المضاعفات".
نتائج تجربة التوأم الرقمي في علاج ألزهايمر
تطبّق الباحثة هيروكو دوج من مركز أبحاث الدماغ في مستشفى ماساتشوستس العام التقنية الجديدة في دراسة تستهدف تحسين الإدراك لدى مرضى ألزهايمر عبر محاكاة أنماط حديثهم وسلوكهم المعرفي من خلال "توأم رقمي" يتفاعل معهم.
وتوضح: "نستطيع عبر هذه النماذج تحليل لغة المريض وضبط مؤشرات التدهور العقلي دون الحاجة إلى إجراء تجارب بشرية جديدة، مما يوفر الوقت والتكلفة ويزيد الدقة".
من جهتها، نجحت الباحثة تشاو-يي وو في تطوير توائم رقمية لآلاف المرضى باستخدام بيانات أكثر من 50 ألف شخص مصابين بألزهايمر والخرف، لتوليد نُسخ رقمية متعددة لكل مريض تتشابه معه في العمر والجنس والخلفية الاجتماعية وسرعة المشي والعوامل البيولوجية الأخرى.
وأوضحت وو: "يمكن لكل شخص امتلاك مئة توأم رقمي نحاكي عليهم العلاج لمعرفة مدى فعاليته بدقة إحصائية عالية قبل تطبيقه فعليًا".
ويرى الخبراء أن هذه الابتكارات تمثل الخطوة الأولى نحو الطب القائم على التنبؤ والدقة الفردية، إذ يصبح بإمكان الأطباء خلال السنوات المقبلة محاكاة كل حالة مريض على حدة، لتحديد أفضل دواء أو نوع علاج قبل التجربة الواقعية.
ورغم أن التقنية لا تزال في مراحلها الأولى، فإن نتائجها المبكرة تبشّر بتغيير جذري في أساليب الرعاية الصحية، بما قد يقلل من الأخطاء الطبية ويزيد من فعالية العلاجات بنسبة كبيرة.
