علاقتك مرآة ذاتك: كيف يستعيد الرّجل ثقته وينعش زواجه؟
هل بدأت الخلافات تؤثر على علاقتك بزوجتك؟ هل تشعر أحيانًا أنها لا تفهم احتياجاتك ورغباتك؟ ولكن هل هي فعلاً لا تفهمك؟ أم أنك لم تعبّر عن تلك الاحتياجات بوضوح؟
تلعب الثقة بالنفس عند الرجل دورًا كبيرًا في العلاقة الزوجية. الرجل الذي يفتقر إلى الثقة قد لا يعبّر عن رغباته، معتقدًا أنه غير مستحق لها. مع مرور الوقت، تتسع الفجوة بين الزوجين، يضعف التواصل، ويزداد سوء الفهم، مما يؤدي إلى اضطراب العلاقة.
هذا مثال واحد فقط على تأثير ضعف الثقة الذاتية على الزواج. والسؤال الأهم: كيف يمكن للرجل بناء ثقته بنفسه داخل العلاقة واستعادة التواصل والانسجام مع زوجته؟
ما هي الثقة الذاتية؟
الثقة الذاتية هي شعورك الذاتي بقيمتك الشخصية، ومستوى ثقتك بنفسك وبقدراتك، فهي شيء عميق الجذور، مُعتمِد على عدّة عوامل، مثل الوراثة، والتفاعلات الاجتماعية (خصوصًا في فترة الطفولة المبكرة)، والتجارب الصادمة، والأفكار (خاصةً التي تتضمّن نقدًا ذاتيًا).
عندما يتمتّع المرء بثقة ذاتية، فإنه يحافظ على إيجابيته في مواجهة التحدّيات، إذ يمتلك القدرة الكافية على تحمّل الإحباط للتغلب على التوتر الناتج عن تلك التحديات، كما أنّه يمتلك ما يكفي من التعاطف مع نفسه، مما يساعده في التعاطف مع الآخرين.
بل يكون الرجل الواثق من نفسه حازمًا في الاعتراف بقِيمه ورغباته واحتياجاته الأساسية، ساعيًا إلى إشباعها، كما يتحمّل مسؤولية أفعاله ومشاعره.
كيف يؤثّر ضعف الثقة الذاتية للرجل في العلاقة الزوجية؟
قد يؤدي الشعور بالدونية وعدم الكفاءة، وغياب الثقة الذاتية إلى أن يصير المرء حساسًا للغاية في العلاقة الزوجية، فمثلا قد يكون واعيًا بذاته بدرجة مفرطة، ويحاول أن يتحكم بسلوكه في محاولة لمنع نفسه من التصرف بطرق يعتقد أنّها ستكشف نقاط ضعفه -كما يراها هو- للآخرين. فهو لا يسعى فقط إلى حماية نفسه من أن يُكشَف أمره، بل يبذل قدرًا كبيرًا أيضًا من الطاقة النفسية في محاولة الدفاع عن نفسه من صوت النقد الداخلي لديه.
ولذلك فإنّ هذه الثقة الذاتية المنخفضة، تجعل رد فعله زائدًا عن الحد الطبيعي تجاه التفاعلات مع الشريك، بل قد يُفسّرها بصورة سلبية رغم أنّها قد لا تحمل أي معنى سلبي في الواقع.
كذلك فإنّ عدم الثقة بالنفْس، قد تجعل الرجل يميل إلى إفراط التركيز على إرضاء الشريك، مما يجعل احتياجاته ورغباته مهمّشة، فيشعر وكأنّ وجوده أو مشاعره غير مهمة في العلاقة.
من ناحية أخرى، فإنّ الرجل الذي يعاني ضعف الثقة الذاتية، قد يعجز عن تذوّق المعاني الإيجابية للحب والثناء، بل مثل هذا السلوك لا يستوعبه بالطريقة التي تساعده على تجاوز ضعف الثقة الذاتية، وفقًا لموقع "Psychology today".
علامات ضعف الثقة الذاتية عند الرجل المتزوج
إنّ ضعف الثقة الذاتية ليس لغزًا. صحيحٌ أنّ أي إنسانٍ يقدر على رصد الشخص ضعيف الثقة، لكنّه قد لا يتمكّن من رؤية ذلك في نفسه بوضوح، رغم أنّ ضعف الثقة الذاتية قد ينعكس جليًا في العلاقة الزوجية مثلا، ومن علامات ذلك:
1. عدم التواصل بشأن احتياجاته من الشريك
قد يكون من الصعب على الرجل الذي يفتقر إلى الثقة الذاتية طلب الأشياء التي يحتاج إليها، ربّما بسبب الخوف من إزعاج الشريك أو إثقال كاهله، كما يعتقد، وهذا يجعله غير قادر على تلبية احتياجاته من العلاقة، لأنّه يشعر بالخوف الشديد من السؤال.
وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي هذا الإحجام عن التواصل إلى مشاعر الاستياء أو الوحدة، خاصةً مع عدم تلبية الاحتياجات، وتراكُم سوء الفهم.
اقرأ أيضًا: كيف تعيد بناء الثقة مع زوجتك بعد النزاعات؟ نصائح لعلاقة أكثر نضجًا واستقرارًا
2. الحساسية
قد يحمل الرجل ضعيف الثقة بالنفس أي تعليق أو طلبات بسيطة على محمل شخصي، فمثلاً قد يشعر بالرفض أو الأذى عندما يطلب الشريك قضاء بعض الوقت بمفرده بعد يومٍ طويل.
وهذه الحساسية قد ترتد في صورة غضب أو خلاف يشتعل مع الشريك، ومِن ثمّ قد يندم الرجل على رد الفعل غير العقلاني، ويستمرّ في هذه الدورة بين الحساسية وسوء التفسير لموقف الشريك، مما يضرّ العلاقة بمرور الوقت.
3. أنت الضحية دائمًا
من الصعب بالتأكيد التعامل مع المخاوف الشخصية، وفي حالة ضعف الثقة الذاتية، يتّخذ الرجل دائمًا وضعًا دفاعيًا، بل قد يدفعه ضعف الثقة إلى تخريب العلاقة الزوجية الجيدة من دون قصد، أو ربّما يرضى بأقلّ مما يستحق بالفعل.
كذلك يمكن أن يؤدي ضعف الثقة الذاتية إلى اتّخاذ وضع دفاعي شديد للغاية، إذ يتستّر على مشاعره الحقيقة من خلال المزاح أو المشاحنات، وحتى لو تجاهل سلوكه هذا، فإنّ النتائج لن تكون جيدة على الأرجح، إذ لا تزال مشكلة الثقة قائمة بالفعل.
4. الغيرة
الغيرة أمر طبيعي في العلاقة الزوجية بالتأكيد، وثمّة قدر صحي من تلك الغيرة لا شكّ في ذلك، ولكن إذا زاد الشيء عن حدّه انقلب إلى ضدّه، وهذا ينطبق على الغيرة أيضًا.
فأحيانًا تكون الغيرة أثرًا جانبيًا لضعف الثقة الذاتية؛ فقد يُشكّك الرجل في قِيمته من منظار زوجته، ويعتقد أنّها تحبه من قبيل المصادفة مثلا، ومِنْ ثمّ يتوقّع أن تنجذب زوجته إلى شخص آخر، أو يخشى من أن تترك العلاقة.
هل تخيّلت نفسك في هذا الموقف؟ ماذا ستكون ردّة فعلك؟ على الأرجح تتحقّق باستمرار من هاتف الزوجة أو تدقّق في كل شيء تقريبًا، وبالتأكيد لن تسكت الزوجة حيال ذلك، بل سيتوتّر الجو داخل العلاقة بسبب وهم أنشأته ضعف الثقة الذاتية.
كيف يبني الرجل الثقة الذاتية في الزواج؟
ما تزال دفّة الزواج بيد الزوج، ويمكِنه استعادة استقرار العلاقة الزوجية وتعزيز ثقته الذاتية، وهذه بعض النصائح المناسبة لتحقيق ذلك:
1. مواجهة الأفكار
قد يجد الرجل لديه بعض المعتقدات غير المنطقية، كالخوف من أنّ تخونه زوجته أو تتركه، وهذا الاعتقاد ناجم عن ضعف ثقته الذاتية.
لذلك لا بُدّ من تحدّي هذا النمط من التفكير من خلال البحث عن أدلّة ملموسة تتعارض مع تلك المعتقدات، مثل علامات الاهتمام والحبّ التي تبدِيها الزوجة كل يوم، وهذا ضروري، خاصةً أنّه عندما يتلبّس المرء بفكرة، فإنّه يحاوِل حشد الأدلة المؤيّدة لتلك الفكرة، حتى لو لم تكُن صوابًا.
اقرأ أيضًا:الغيرة عند الرجال: دليل حب أم مشكلة ثقة؟
2. التواصل المفتوح
لا يتواصل الرجل كما يجب مع زوجته بشأن احتياجاته، نتيجة ضعف الثقة الذاتية، ولكن التواصل المفتوح والصادق، يبني الثقة والاحترام بين الزوجين، وللتدرّب على هذا النوع من التواصل:
- فكّر أولا في قِيمك وآرائك حول الموضوع الذي ستطرحه مع الزوجة.
- حدّد ما تشعر به، مع العلم أنّ كل ما قد تشعر به صحيح.
- تدرّب على ما تريد قوله في ذهنك إذا احتجت إلى ذلك.
- شارك هذه المعلومات مع زوجتك.
3. اطلب المزيد من زوجتك
قد تمتنع عن السؤال عن احتياجاتك أو التحدث عمّا تشعر به في حالة ضعف الثقة الذاتية، ولكن هذا في حقيقته قد يحرمك الشعور بالحب.
وبالتأكيد ستكون الزوجة مستمتعة بمساعدتك أو تلبية احتياجاتك، ولكن حتى لو كان هناك فرصة أنّها لا تفعل ذلك، ألا يستحق الأمر المحاولة؟ فمن خلال التعبير الواضح عن احتياجاتك في العلاقة، فإنّك تعزّز ثقتك الذاتية.
4. تعزيز السلوك الإيجابي
لا تستقبل مدح الزوجة لشيء تفعله على أنّه من قبيل المصادفة أو كأنّ شيئًا لم يحدث، بل توقّف عند هذه اللحظة قليلا، سواء كانت تلك اللحظة في ثنائها على شخصيتك، أو مساعدتك في أداء مهمةٍ ما، أو مشاركتها معك شيئًا عن يومها، فعندما يحدث أي شيءٍ فيه دلالة على تقديرها لك، أبلغها عن تقديرك لهذا الثناء.
ليس لأنّها تنتظر ذلك التقدير أو ما شابه، ولكن لأنّ ذلك أيضًا يخلق جوًا إيجابيًا، ويعزّز ثقتك الذاتية، إذ تمدحك كلّما رأت ما يستدعي ذلك، ثُمّ تعبّر لها عن امتنانك لهذا المديح، وهكذا تستمرّ العلاقة في جوٍ مليء بالمحبّة والثقة.
