دراسة تكشف الأثر الطويل الأمد للطلاق على دماغ الأبناء
أظهرت دراسة حديثة أن الطلاق بين الوالدين خلال مرحلة الطفولة، يرتبط بارتفاع ملحوظ في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية لدى البالغين في سن الشيخوخة، حتى لدى من لم يتعرضوا لسوء معاملة جسدية أو جنسية في طفولتهم.
وقاد فريق من الباحثين من جامعات كندية وأمريكية هذه الدراسة، وتركز تحليلهم على أشخاص تجاوزت أعمارهم 65 عاماً، مع استبعاد كل من أفاد بتعرضه لاعتداء بدني أو جنسي في طفولته لضمان دقة النتائج.
وشملت العينة النهائية للدراسة 13,205 مشارك، وكشفت نتائجها المنشورة في مجلة PLOS One، أن 7.3% منهم أصيبوا بسكتة دماغية، في حين شهد 13.9% طلاق والديهم قبل سن الثامنة عشرة.
وأوضحت التحليلات الإحصائية أن الطلاق خلال الطفولة يزيد احتمالية الإصابة بالسكتة بمقدار 1.61 مرة، أي ما يعادل ارتفاعًا بنسبة 61% مقارنة بمن نشأوا في أسر مستقرة.
تأثير الطلاق على الصحة
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن تأثير الطلاق يظل قائمًا حتى بعد احتساب عوامل التعليم والدخل والعادات الصحية، مثل التدخين ومستوى النشاط البدني، إذ تبين أنه يمثل عاملاً مستقلاً يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
وبيّن الباحثون أن هذا الارتفاع في الخطر يوازي تقريبًا تأثير أمراض مزمنة كالاكتئاب (1.76 مرة) والسكري (1.37 مرة).
وكشفت الدراسة أن تأثير الطلاق في الطفولة لا يقتصر على الرجال، كما أشارت أبحاث سابقة، بل يشمل النساء أيضاً، ما يؤكد أن الأثر البيولوجي للانفصال الأسري يعمل بطريقة متشابهة بين الجنسين.
ويعتقد العلماء أن السبب وراء هذا الارتباط قد يكون ما يسمونه "الترسخ البيولوجي للتوتر"، أي أن الضغوط النفسية الناتجة عن طلاق الوالدين في سن مبكرة، مثل الخلافات العائلية والتوتر الدائم أو قلة الاستقرار المادي، تؤثر في الجسم وتجعل نظامه الهرموني يستجيب للتوتر بشكل غير متوازن، مما قد يترك آثاراً طويلة الأمد على الصحة.
كما أشار الباحثون إلى أن الطلاق قد يخلّف آثارًا اقتصادية طويلة الأمد، بسبب انخفاض الدخل الأسري وزيادة احتمالات الفقر في مرحلة الطفولة، وهي ظروف ترتبط بتدهور السلوك والصحة لاحقًا.
ومع ذلك، لم تتوافر لدى الفريق بيانات دقيقة عن الأوضاع المالية في مرحلة الطفولة، ما يجعل العلاقة بين الجانبين بحاجة إلى مزيد من الدراسات الموسّعة.
ولفت الباحثون إلى أن الدراسة ذات طبيعة مقطعية، أي أنها تعتمد على بيانات تم جمعها في فترة زمنية واحدة، مما يمنع إثبات العلاقة السببية رغم وضوح الارتباط الإحصائي.
كما أن اعتماد النتائج على بيانات يقدّمها المشاركون بأنفسهم يجعلها عرضة لاحتمال الخطأ في التذكر، وإن كانت التقارير الذاتية عن الإصابة بالسكتة الدماغية عادة ما تتوافق مع السجلات الطبية.
ويُشار إلى أن معظم المشاركين وُلدوا قبل عام 1957، أي في مجتمع كانت فيه حالات الطلاق نادرة ومصحوبة بوصمة اجتماعية، ما يجعل أثرها النفسي أشد.
