العاطفة الواعية: دليل الرجل لتقوية نفسه قلبًا وروحًا
لا يتوقّف الرجل عن مواجهة صعوبات الحياة، سواء كان عازبًا أو متزوجًا، بل إنّ التحديات تزداد ثقلاً على كاهله بعد الزواج، ولكل رجل طريقته في مجابهة تلك التحديات.
فإنْ كان يتمتّع بمرونة عاطفية كافية، تجاوز المحنة أقوى وأفضل ممّا كان عليه، بل تعمّقت علاقته بزوجته. وإنْ لم يكُن كذلك، فربّما صارت التحدّيات مُهدِّدةً لاستقرار العلاقة الزوجية.
لذلك كيف يقوي الرجل نفسه عاطفيًا في مواجهة التحدّيات؟ وما العقبات التي قد تواجهه في تحقيق ذلك ليتجاوزها؟
ما هي المرونة العاطفية؟
المرونة العاطفية هي القدرة على التكيف والتعافي بسرعة من الضغوط والتحديات النفسية، وتتجسّد في جوهرها بإدارة المشاعر بطريقة صحية واستخلاص الدروس من التجارب الصعبة.
فعلى سبيل المثال، عندما يواجه زوجان ضغوطًا مالية ويشعران معها بالقلق والتوتر، يمكن لهما تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لتعميق التواصل وحل المشكلات معًا، بدلا من السماح للتوتر بإحداث فجوة بينهما. بهذا الأسلوب، تتحول المحنة إلى محفّز لتعزيز العلاقة، وهو درس أساسي للرجل في إدارة حياته الزوجية بوعي ومسؤولية.
أهمية المرونة العاطفية لاستقرار العلاقة بين الزوجين
لا تقتصر أهمية تقوية الرجل لنفسه عاطفيًا على منفعة شخصية فحسب، بل تمتد لتصبح عنصرًا أساسيًا لاستقرار العلاقة الزوجية. فكلما استطاع الزوجان الصمود أمام الضغوط والتحديات، لا تمرّ عليهما الأوقات الصعبة كما هو الحال مع الآخرين، بل تتحول تلك المحن إلى جسور تقرّبهما وتقوّي روابطهما.
فيما يلي بعض النقاط التي توضح أهمية المرونة العاطفية للعلاقة بين الزوجين، وفقًا لموقع Marriage:
1. تعزيز التواصل
يُعطِي الأزواج الذين يتحلّون بالمرونة العاطفية الأولوية للتواصل المفتوح والصادق، وهو أمر ضروري، خاصةً خلال الأوقات العصيبة. ومن خلال التعبير عن المشاعر بوضوح واستماع كل من الزوجين إلى الآخر بعناية، فإنّ سوء الفهم بينهما غير وارد، كما أنّ الثقة بينهما تزداد في مواجهة صعوبات الحياة.
2. الدعم المتبادل
قد يعجز الرجل عن تقديم الدعم الكافي لزوجته إذا لم يكن قويًا نفسيًا وعاطفيًا، لذلك فإن الزوج الذي يتمتع بالمرونة العاطفية يكون قادرًا على تشجيع زوجته ومساندتها خلال الأوقات الصعبة، وينطبق الشيء ذاته على الزوجة تجاه زوجها.
سواء كان الأمر يتعلق بانتكاسة مهنية، أو تحديات عائلية، أو مشكلات صحية، فإن معرفة كل طرف بأن الآخر يقف إلى جانبه يعزز الشعور بالأمان والثقة، ويجعل الرابطة بينهما أعمق وأكثر صلابة من أي وقت مضى.
وأظهرت دراسة نُشرت عام 2018 في مجلة Advances in Social Science, Education and Humanities Research أنّ الشعور بوجود دعم اجتماعي يرتبط مباشرة بجودة أعلى للعلاقات العاطفية، مؤكدةً أهمية التفاعل الداعم بين الزوجين في تعزيز الصحة النفسية للعلاقة.
3. التكيّف مع التغيير
لا يمكن التنبؤ بمقادير الحياة، لذلك يحتاج الأزواج المرنون إلى أن يكونوا مرنين في أساليبهم، ومُستعدّون لتعديل خططهم للتعامل مع الظروف الجديدة.
وهذه القدرة على التكيف، تمنع الضغوط من التغلب عليهم، وتحافظ على استقرار العلاقة، مهما كانت الظروف الخارجية متغيرة، بل غالبًا ما يجد الأزواج الذين يتغلّبون على التحدّيات معًا حلولاً مبتكرة، تعزّز علاقتهم.
4. إدراك المشاعر والتعاطُف
إنّ فهْم كل من الزوجين لمشاعر الآخر والتعاطُف معه، ركيزة كُبرى في استقرار العلاقة الزوجية، خاصةً في أثناء الخلافات أو الفترات العصيبة، ولذلك فإنّ تقوية الرجل نفسه عاطفيًا، يساعد على إدراك مشاعر زوجته بعمق، والتعاطف معها أيضًا.
وهذا التعاطف يساعد كلاً من الزوجين على الاستجابة لاحتياجات الآخر بما يناسِبه، ومِنْ ثمّ تعزيز الرابطة العاطفية بينهما، وتقوية مرونة علاقتهما عمومًا.
أهم العقبات التي تقف أمام الرجل لبناء المرونة العاطفية
رغم أهمية تحلّي الرجل بالمرونة العاطفية اللازمة لإدارة الحياة الزوجية بأفضل نهجٍ ممكن، فإنّ هناك بعض العقبات النفسية -يمكن التغلب عليها بالطبع- تقف حاجزًا أمام الرجل في بناء تلك المرونة، أبرزها:
1. الخوف من تقييم الآخرين
غالبًا ما يتجنّب الرجال التعبير عن مشاعرهم، خوفًا من أن يُنظَر إليهم على أنّهم ضُعفاء، بل إنّ الوصمة المتعلقة بالضعف العاطفي، يمكن أن تمنع الرجل من طلب الدعم الذي قد يحتاج إليه بالفعل.
2. الافتقار إلى المعرفة العاطفية
يكبر العديد من الرجال من دون أن يتعلّموا كيفيّة التعبير عن مشاعرهم أو حتى التعرّف إليها، وهذا النقص في المعرفة العاطفية، قد يجعل من الصعب معالجة المشاعر وإيصالها إلى الآخرين بفاعلية.
3. الثقافة الاجتماعية
عادةً ما يُعلّم الرجال أن يكونوا صارمين ومعتمدين على أنفسهم، مما يصعّب عليهم مهمّة طلب المساعدة أو إظهار الضعف، وهذا بدوره قد يمنع النموّ العاطفي للرجل في بعض الأحيان.
كيف يقوي الرجل نفسه عاطفيًا؟
مما سبق يتضح أنّ تقوية الرجل نفسه عاطفيًا ليس ترفًا، وإنّما ضرورة، ليس فقط لعيش الحياة بنفسيةٍ أقوى، بل أيضًا كي يتمكّن من التعبير عن مشاعره والتواصل بصورةٍ أفضل مع زوجته، لذلك إليك بعض الطرق التي تساعدك على تحقيق ذلك:
1. الاعتراف بالضعف
الخطوة الأولى نحو بناء المرونة العاطفية تكمن في الاعتراف بأن العواطف هي جزء طبيعي من الإنسان، وليست دليلاً على الضعف. امنح نفسك مساحة لتجربة تلك المشاعر، وعبّر عنها بصدق، فهذا يساعدك على معالجتها بطريقة صحية، ويعزز قدرتك على بناء علاقات أعمق وأكثر صلابة مع الآخرين، وخصوصًا مع زوجتك.
2. تطوير آليات تكيّف صحيّة
من المهم أن يكون لديك منافذ للتعبير عن مشاعرك، ويُفضّل البحث عن طرق صحيّة للتكيّف مع تلك المشاعر، مثل التحدث مع شخص تثق به، أو حتى ممارسة الرياضة، بل يمكن لأنشطة، مثل كتابة المذكرات، مساعدتك في تنظيم مشاعرك ومنع تراكُمها، وتقويتك من الناحية العاطفية.
3. إنشاء شبكة دعم لك
أحِط نفسك دائمًا بشبكة داعمة من الأصدقاء أو العائلة، إذ يمكِن لنظام الدعم القوي أن يوفّر لك النصيحة والشعور بالراحة خاصةً إذا كُنت تواجه صعوبات. فلا تتردّد في الاعتماد على من يقدّمون لك هذا الدعم، عندما تكون في أمسّ الحاجة إليه، فهم يساعدونك بهذه الطريقة في معالَجة مشاعرك بطرقٍ بنّاءة.
4. تعاطف مع ذاتك
كثير من الرجال لديهم معايير عالية جدًا فيما يتعلق بالمشاعر، وربّما يقسُون على أنفسهم في هذا الجانب، ولا يرغبون في التعبير عن أي مشاعر، كي لا تُفسّر على أنّها ضعف.
حاول أن تكون لطيفًا مع نفسك، خاصةً خلال الأوقات الصعبة التي تمرّ بها، فهذا جزء من تقوية الذات عاطفيًا، فلا يُوجَد أحد مثالي، كما أنّ ممارسة التعاطف مع الذات، تعزّز النمو العاطفي، وتسمح لك تجاوز التحدّيات بسُرعة أكبر مع الاستفادة منها في تقوية علاقتك بزوجتك.
