دراسة تكشف جانبًا خفيًا من الأرق.. ما علاقة الساعة الداخلية بفرط نشاط العقل؟

توصلت دراسة حديثة  إلى أن اضطراب الساعة البيولوجية في الدماغ قد يكون السبب الرئيس وراء عدم قدرة المصابين بمشكلة الأرق المزمن على تهدئة عقولهم ليلاً والدخول في حالة النوم الطبيعي.

وأوضح الباحثون من جامعة جنوب أستراليا وجامعة واشنطن وجامعة فليندرز أن الأفراد الذين يعانون من الأرق يمتلكون نمطًا غير منتظم في نشاط التفكير على مدار اليوم، بحيث يتأخر ذروة نشاط الدماغ لديهم عدة ساعات عن الطبيعي، ويظل في وضع التفكير المنطقي والتحليل خلال الليل، وهو الوقت الذي ينبغي أن ينتقل فيه إلى حالة السكينة والتجهيز للنوم.

أشار فريق البحث بقيادة البروفيسورين كورت لاشينغتون وجيليان دوريَن إلى أن التحول الطبيعي من اليقظة إلى النوم يتضمن ما يسمى بـ"الانفصال المعرفي والعاطفي"، أي ابتعاد الذهن تدريجياً عن التفكير الهادف والخطط اليومية إلى خيال وصور ذهنية أكثر قرباً من أحلام النوم.

لكن هذا التحول لا يحدث بسهولة لدى المصابين بالأرق، حيث يبقى الدماغ عالقاً في نمط التفكير المتواصل، مما يؤدي إلى ما يعرف بـ"العقل المتسارع"، وهو الإحساس بالتفكير المتلاحق والمستمر الذي يمنع الاسترخاء.

تأثير الساعة البيولوجية

وللتأكد من تأثير الساعة البيولوجية، طُبقت تجربة دقيقة تعرف بـ"النظام الثابت"، جرى فيها إبقاء المشاركين مستيقظين لمدة 24 ساعة متواصلة في ظروف إضاءة خافتة دون أي مؤثرات خارجية أو معرفة بالوقت الحقيقي، وذلك لعزل الجسم عن العوامل البيئية.

شارك في الدراسة 32 شخصاً من كبار السن، نصفهم يعانون من الأرق المزمن المرتبط بصعوبة البقاء نائمين، بينما النصف الآخر يتمتع بنوم طبيعي. وخلال كل ساعة، طُلب من المشاركين تقييم طبيعة أفكارهم: هل كانت واقعية ومنظمة أم خيالية ومتقطعة، وهل شعروا بسيطرة على أفكارهم أم بانفصال ذهني كما يحدث أثناء النعاس.

أظهرت النتائج أن لدى الأشخاص الأصحاء تقلّ حدة التفكير المنطقي تدريجياً مع دخول الليل، وتزداد لديهم الأفكار المتقطعة والخيالية التي تمهد لمرحلة الأحلام. أما المصابون بالأرق فظلت أفكارهم تسير على نسق منطقي ومنظم حتى في ساعات النوم المعتادة، وهو ما يشير إلى أن إشارة الساعة البيولوجية إلى الدماغ بالاسترخاء تكون ضعيفة أو متأخرة.

كما بيّنت الدراسة أن ذروة النشاط العقلي لدى المصابين بالأرق تتأخر بنحو 6 ساعات ونصف مقارنة بالأشخاص الطبيعيين، مما يعني أن أدمغتهم تبقى في وضع اليقظة وقتاً طويلاً بعد حلول الليل.