العلم يوضح: رائحة الجسم قد تكون مؤشرًا على الهيمنة الاجتماعية لدى الرجال!
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Evolution and Human Behavior عن أن رائحة الجسد قد تعمل كإشارة اجتماعية دقيقة تكشف عن مكانة الرجال ضمن الهياكل الاجتماعية.
وأظهرت النتائج أن الرجال ذوي مستويات التستوستيرون المرتفعة يُنتجون رائحة تُفسر على أنها أكثر هيمنة، ما يشير إلى أن الإشارات الكيميائية تلعب دورًا خفيًا في تقييم البشر للهرميات الاجتماعية.
كيف يقرأ البشر إشارات المكانة الاجتماعية
تعتبر الهياكل الاجتماعية جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، ويعتمد تقييم المكانة على استراتيجيتين رئيسيتين:
الهيمنة القائمة على القوة والترهيب للحصول على الموارد.
الهيبة المرتبطة بالمهارة والمعرفة والخبرة.
يعتمد البشر عادةً على إشارات بصرية وصوتية مثل نبرة الصوت أو لغة الجسد، إلا أن الإشارات الكيميائية تعتبر أداة قديمة للتواصل، كما هو الحال في الحيوانات من الحشرات إلى الثدييات.
التستوستيرون، المعروف بتأثيره على السلوكيات المرتبطة بالسعي نحو المكانة، يؤثر أيضًا على الغدد العرقية وإفراز الدهون الجلدية، ما يجعل رائحة الجسد وسيلة محتملة لحمل إشارات اجتماعية.
وقد افترض الباحثون أن الرجال ذوي مستويات التستوستيرون الأعلى قد تُشير رائحتهم إلى الهيمنة أكثر من غيرهم.
تصميم الدراسة وجمع الروائح الطبيعية
شارك 74 رجلًا كمتبرعين بالروائح، مع الالتزام ببروتوكول صارم يشمل:
الامتناع عن الكحول والتدخين والأطعمة النفاذة.
استخدام صابون وشامبو خالٍ من العطور.
ارتداء قميص قطني نظيف لمدة 24 ساعة لتجميع رائحة الجسم الطبيعية.
كما تم أخذ عينات لعاب لقياس مستويات التستوستيرون لدى المشاركين.
وفي المرحلة الثانية، قيّم 797 مشاركًا من الرجال والنساء الروائح دون معرفة هوية أصحابها، وطلب منهم تقييم:
شدة الرائحة ومدى جاذبيتها.
تصورهم لشخصية صاحب الرائحة من حيث الهيمنة والهيبة.
وقد استخدم الباحثون نماذج إحصائية لتحليل البيانات مع مراعاة اختلاف تقييم كل قميص بين المشاركين.
وأظهرت النتائج أن الروائح الناتجة عن الرجال ذوي التستوستيرون المرتفع اعتُبرت أكثر هيمنة، ولم تكن قوة الرائحة وحدها سبب الإدراك، إذ بقيت العلاقة قائمة حتى بعد السيطرة على شدة الرائحة.
كما لم يرتبط التستوستيرون بجاذبية الرائحة، ما يؤكد أن الإشارة ترتبط بالهيمنة لا بالجاذبية، ولم يجد الباحثون أي علاقة بين التستوستيرون وإدراك الهيبة، ما يعكس الطبيعة الثقافية للهيبة مقارنة بالغريزية الفيزيولوجية للهيمنة. إضافة إلى ذلك، لم تتطابق تقييمات الذات مع التقييمات الخارجية للرائحة، ما يشير إلى أن إشارات الهيمنة تعمل بشكل مستقل عن تصور الرجل لنفسه، ولم يظهر فرق بين تقييم الرجال والنساء للروائح.
أما القيود، فقد تمثلت في أن عدد المتبرعين بالروائح كان محدودًا (74)، رغم وجود عدد كبير من المقيمين، كما أن القياس اقتصر على التستوستيرون لحظة واحدة دون تتبع تغييره عبر اليوم، ويقترح الباحثون دراسة تأثير نسب التستوستيرون إلى الكورتيزول وتحليل دور الشعر وإفرازات الجلد في شدة الرائحة.
وتشير الدراسة إلى أن رائحة الجسد تمثل قناة إضافية لفهم العلاقات الاجتماعية، حتى وإن كانت إشارة دقيقة، وقد شددت الباحثة مارليز هوفر على ضرورة دراسة تأثير فقدان حاسة الشم، خصوصًا بعد جائحة كوفيد–19، وفهم كيفية دعم الأشخاص الذين يعانون من ضعف حاسة الشم.
