كيف تساهم التمارين الرياضية في حماية الجسم من السكري؟
أظهرت أطروحة دكتوراه جديدة من معهد كارولنسكا في السويد، أن التمارين الرياضية لا تعزز فقط اللياقة القلبية والتمثيل الغذائي، بل تحفّز أيضًا إطلاق جسيمات دقيقة تُعرف بالحويصلات خارج الخلوية، تلعب دورًا محوريًا في حماية خلايا البنكرياس وتقليل خطر الإصابة بمرض السكري.
ويشرح الباحث تشينغهاو وانغ من قسم الطب الجزيئي والجراحة في المعهد، أن الهدف من دراسته كان فهم كيفية مساهمة الحويصلات الناتجة عن التمارين الرياضية في تحسين وظائف خلايا بيتا في البنكرياس، وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج الإنسولين، وحمايتها من التلف المرتبط بالإجهاد الخلوي.
العلاقة بين التمارين والبنكرياس
من خلال أبحاثه، كشف وانغ أن ممارسة التمارين الرياضية تُحدث تأثيرًا بيولوجيًا شاملاً على أعضاء الجسم المختلفة، عبر شبكة تواصل حويصلية متعددة الأعضاء، تتجاوز المفهوم التقليدي بأن التمارين تؤثر في العضلات فقط.
وتعمل الحويصلات الناتجة عن التمارين كوسائط اتصال بين الأنسجة، تنقل جزيئات دقيقة ومستقبلات تساهم في تحسين التوازن الأيضي ونشاط خلايا البنكرياس.
قال وانغ إن الاكتشاف الأبرز كان تحديد جزيء صغير يسمى miR-124 داخل الحويصلات خارج الخلية، لأنه يضبط طريقة استجابة خلايا البنكرياس لحالة تسمى إجهاد الشبكة الإندوبلازمية، أي ضغط يصيب جزءًا داخل الخلية يعمل كمصنع لتركيب البروتينات والدهون وترتيبها قبل شحنها لبقية أجزاء الخلية.
وتعتبر الشبكة الإندوبلازمية «خط الإنتاج» داخل الخلية؛ وعندما يتكدس العمل فيها أو تتراكم بروتينات غير مطوية بشكل صحيح، تتعرض لضغط يربك أداء الخلية وقد يساهم بمرور الوقت في مشكلات مثل داء السكري من النوع الثاني. دور miR-124 هنا أنه يساعد على تهدئة هذا الضغط وتنظيم الاستجابة له، ما يحمي خلايا البنكرياس ويُبقي عمل «خط الإنتاج» الخلوي أكثر انسيابية.
وأكد أن هذا الاكتشاف يربط بين التمارين الجسدية وآليات الحماية الخلوية في البنكرياس، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج السكري عبر العوامل الجزيئية المستمدة من النشاط البدني.
ويعتقد وانغ أن هذا الفهم الجديد يمكن أن يغير طريقة التعامل مع مرض السكري مستقبلاً. وقال إن تحليل مستويات "miR-124" في الدم قد يصبح مؤشرًا حيويًا لقياس فعالية البرامج الرياضية العلاجية أو استجابة المرضى للعلاج.
اقرأ أيضا: 3 تمارين رياضية خفيفة قد تكون الحل لمواجهة صعوبات النوم
كما أشار إلى إمكانية تطوير "حويصلات علاجية صناعية" أو "محاكيات تمرين اصطناعية" تحاكي تأثير التمارين في الجسم، لتُستخدم كعلاجات قابلة للحقن للمرضى الذين لا يستطيعون ممارسة الرياضة بسبب مشاكل صحية أو قيود حركية.
وأضاف الباحث أن الهدف النهائي من دراساته هو تحويل علم بيولوجيا التمارين إلى حلول طبية وعلاجية ملموسة، تجمع بين الفهم الميكانيكي والابتكارات التشخيصية والدوائية العادلة التي تحارب مرض السكري وغيره من الاضطرابات الأيضية المزمنة.
