دراسة تكشف عوامل بيئية تتنبأ بالسمات الشخصية المظلمة
كشف بحث جديد عن دور العوامل البيئية الواسعة في تكوين السمات المظلمة للشخصية على المستوى العالمي. وأعطت الدراسة التي نُشرت في مجلة Evolution and Human Behavior دليلاً علميًا على ارتباط العوامل القاسية وغير المتوقعة التي يتعرض لها الإنسان خلال طفولته، مثل الكوارث الطبيعية أو اختلال نسبة الجنس، مع زيادة معدلات النرجسية، الميكافيلية، والسيكوباتية في مرحلة البلوغ عبر 48 دولة مختلفة.
اقرأ أيضًا: دراسة فرنسية: الأوبئة كانت السبب الخفي وراء هزيمة نابليون في روسيا
وفي سياق الدراسة، يعني مصطلح اختلال نسبة الجنس وجود توازن غير طبيعي بين عدد الذكور وعدد الإناث في المجتمع، أي أن عدد الذكور قد يكون أكثر بكثير أو أقل مقارنة بعدد الإناث.
تأثير البيئة في تكوين الشخصية المظلمة
تتضمن السمات المظلمة، والتي تعرف باسم "الثالوث المظلم"، ثلاث صفات متميزة لكنها مترابطة: النرجسية التي تتمثل في الشعور بالعظمة وحب الظهور، الميكافيلية المرتبطة بالمكر والتلاعب لتحقيق الأهداف الشخصية، والسيكوباتية التي تشمل السلوكيات الاندفاعية وقلة التعاطف.
ويقول الباحثون إن هذه الصفات قد تكون استجابات تكيفية لتحديات البيئة، خاصة في الظروف التي تتسم بعدم الاستقرار والخطورة، مما يدفع الأفراد إلى اعتماد استراتيجيات حياة أسرع تقوم على المخاطرة والسيطرة.
استخدم الفريق البحثي بيانات شخصية من أداة "Dirty Dozen" التي تضم 12 سؤالاً تُقيس بشكل مبسط هذه السمات، مع عينة شملت 11504 مشاركًا من 48 دولة في عام 2016، وتم ربطها ببيانات بيئية من البنك الدولي وغيرها، تضمنت مؤشرات مثل كثافة السكان، متوسط العمر المتوقع، نسبة الجنس، وتكرار الكوارث الطبيعية والأمراض المعدية ومستويات عدم المساواة.
أظهرت النتائج ارتباطًا واضحًا بين اختلال نسبة الجنس في مرحلة الطفولة وزيادة النرجسية الوطنية، وهذا يعزى إلى زيادة المنافسة بين الذكور للفت انتباه الإناث، مما يدفع السلوكيات البارزة والمتمركزة على الذات.
وفي المقابل، ارتبطت المعدلات المرتفعة للأمراض المعدية بانخفاض سمات الميكافيلية والسيكوباتية، حيث تلعب الجماعية والالتزام بالقوانين دورًا محوريًا في البيئات ذات العبء الصحي العالي.
كما ربط الباحثون تعرض الأطفال للكوارث الطبيعية بفجوات أكبر بين الجنسين في مستويات السمات المظلمة، مما يوحي بأن التهديدات البيئية تدفع كل جنس إلى تبني استراتيجيات بقاء مختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، لوحظ تأثير الظروف البيئية للدول المجاورة، حيث يؤدي تأثير الهجرة أو التحديات المشتركة إلى تقارب السمات الشخصية عبر الحدود.
البروفيسور بيتر جوناسون من جامعة Vizja أكد أن هذه العوامل البيئية تتجاوز حدود السيطرة الفردية ولا يمكن اختزال السمات المظلمة بفشل التربية أو التجارب الاجتماعية فقط، مما يعزز أهمية النظر في السياقات البيئية الواسعة لفهم تكوين الشخصية.
