كلما كبرنا شعرنا أن الوقت يركض.. دراسة تفسر الظاهرة من داخل الدماغ
كشفت دراسة جديدة نُشرت مؤخرًا بمجلة Communications Biology، أن تغيّرات بنيوية ووظيفية في الدماغ قد تفسر شعورنا بتسارع مرور الوقت مع التقدم في السن.
اعتمد الباحثون على بيانات مشروع Cam-CAN (مركز كامبريدج للشيخوخة وعلوم الأعصاب)، حيث شاهد 577 مشاركًا مقطعًا مدته ثماني دقائق من مسلسل Alfred Hitchcock Presents، حلقة "Bang! You’re Dead"، بينما خضعوا للتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI).
اختير هذا المقطع تحديدًا لأنه يُحدث تزامنًا عاليًا في أنماط نشاط الدماغ بين مشاهدين مختلفين، ما يجعله مثاليًا لتتبّع ترميز الدماغ للأحداث المتتابعة.
لماذا يبدو الزمن أسرع كلما كبرنا؟
باستخدام خوارزمية (GSBS)، التي تحدد بتحيّز لحظي التحولات بين حالات نشاط الدماغ، وجد الفريق أن أدمغة المشاركين الأكبر سنًّا تنتقل إلى حالات جديدة بوتيرة أقل، وتستقر فيها مدة أطول مقارنةً بالشباب.
وكتب الباحثون أن الحالات العصبية الأطول، وبالتالي الأقل عددًا خلال الفترة الزمنية نفسها، قد تُسهم في شعور الكبار بأن الوقت يمر أسرع، أي أن الدماغ يسجّل أحداثًا أقل ضمن نفس الإطار الزمني، فيبدو الزمن أقصر ذاتيًا.

ويعزو الفريق هذه النتيجة إلى ظاهرة فقدان التمايز العصبي المرتبط بالعمر، فمع التقدم في السن تصبح استجابات مناطق الدماغ أقل انتقائية مثل مناطق التعرف إلى الوجوه، ما قد يجعل الفصل بين نهاية حدث وبداية آخر أقل وضوحًا.
وترى نيكول ني، المؤلفة الرئيسية للدراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن الاكتشاف قد يكون أول دليل مباشر على احتفاظنا بمادة عصبية تُجسّد بصمة الأرضية الإدراكية المبكرة للزمن، على حد وصفها للدلالة على أهمية الأثر العصبي المكتشف في سياق مرور الوقت مع التقدم في السن.
وعلّق جورجيو فالورتيجارا، من جامعة ترينتو، على منطق الفرضية بوصفه "مقنعًا ومعقولًا" لتفسير التجربة اليومية للزمن عند الكِبر.
اقرأ أيضا: مفاجأة علمية.. كيف تغيّر الروابط الاجتماعية والشيخوخة مسار حياتك الصحية؟
تجربة تفسر مرور الوقت مع التقدم في السن
مع ذلك، تلفت جوانا زادورا النظر إلى بُعدٍ معرفي إضافي: لدينا ميزانان للوقت؛ اجتماعي خطّي (ساعات وأيام وسنون) وداخلي لوغاريتمي، فالسنة تمثل 20% من حياة طفل في الخامسة، لكنها 2% فقط لمن في الخمسين؛ لذا يتقاطع ترميز الأحداث العصبية مع طريقة قياسنا الداخلية غير الخطية للزمن، ما يعزّز شعور بتسارع مرور الوقت مع التقدم في السن.
وتقترح ليندا جيرليجز، من جامعة رادبود، أن زيادة ثراء الخبرة قد توسّع الزمن المُستذكَر: تعلّم مهارات جديدة، السفر، خوض أنشطة مختلفة، والأهم التفاعلات الاجتماعية الهادفة والأنشطة المبهجة.
فكلما كثرت الأحداث ذات المعنى، بدا الشريط الزمني اليومي أطول عند استرجاعه، حتى مع استمرار العوامل العصبية التي ترافق مرور الوقت مع التقدم في السن.
