مفاجأة علمية.. كيف تغيّر الروابط الاجتماعية والشيخوخة مسار حياتك الصحية؟
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Brain, Behavior, & Immunity – Health أن الروابط الاجتماعية القوية عبر مراحل الحياة المختلفة يمكن أن تبطئ عملية الشيخوخة البيولوجية.
وبيّن فريق من الباحثين بقيادة أستاذ علم النفس في جامعة كورنيل أن العلاقات الممتدة، من الدفء الأسري في الطفولة وحتى المشاركة المجتمعية في الكبر، تسهم في خفض العمر البيولوجي مقارنةً بالعمر الزمني.
وأوضح الباحثون أن هذا المفهوم الذي أطلقوا عليه "الميزة الاجتماعية التراكمية" يعكس التأثير العميق للتجارب الاجتماعية على صحة الخلايا والأنسجة، ويؤكد أن البقاء على اتصال بالآخرين يتجاوز حدود الجانب النفسي ليؤثر مباشرةً على صحة الجسد وطول العمر.
الروابط الاجتماعية والالتهابات المزمنة
اعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من ألفي مشارك بمتوسط عمر بلغ 55 عامًا ضمن مشروع بحثي.
وقد أنشأ العلماء مقياسًا شاملاً للميزة الاجتماعية التراكمية شمل 16 مؤشرًا مختلفًا تغطي الدعم الأسري، والروابط المجتمعية، والانخراط الديني، والدعم العاطفي من الأصدقاء.
وأظهرت النتائج أن المشاركين أصحاب الدرجات الأعلى في هذا المقياس كانت لديهم مستويات أقل من الالتهابات المزمنة في الجسم، وهي التهابات معروفة بارتباطها بكثير من أمراض الشيخوخة مثل أمراض القلب والسكري.
ومن أبرز المؤشرات التي رصدتها الدراسة انخفاض مستويات بروتين "إنترلوكين-6" و"سي-ري أكتيف بروتين"، ما يوضح أن الروابط الاجتماعية قد تشكل درعًا حيويًا ضد التدهور الصحي المرتبط بالتقدم في العمر.
الروابط الاجتماعية والاستجابة البيولوجية
إلى جانب تأثيرها على الالتهابات، أظهرت الدراسة ارتباطًا وثيقًا بين الميزة الاجتماعية التراكمية وتباطؤ الشيخوخة على مستوى الحمض النووي وفق ما يُعرف بـ"الساعات الجينية"، وهي خوارزميات متقدمة لقياس العمر البيولوجي.
وأكدت النتائج أن الأشخاص الأكثر انخراطًا اجتماعيًا بدوا أصغر بيولوجيًا مقارنة بأقرانهم.
وعلى الرغم من أن الباحثين لم يسجلوا ارتباطًا واضحًا مع مؤشرات الاستجابة الهرمونية للتوتر، فإن النتائج أثبتت أن تراكم الروابط الاجتماعية على مدى الحياة يشبه إلى حد كبير الاستثمار طويل الأمد؛ فكلما بدأ الفرد مبكرًا واستمر في بناء هذه الروابط، كان العائد أكبر على صحته البيولوجية.
ويخلص الباحثون إلى أن الشيخوخة الصحية لا تقتصر على الاهتمام الجسدي فقط، بل تتطلب أيضًا حياة اجتماعية ثرية ومستدامة.
