لماذا ننجذب إلى المزيف؟ علماء النفس يفسرون ظاهرة العصر الرقمي
في عصر التكنولوجيا الرقمية المتسارعة، أصبح التمييز بين الحقيقة والمصطنع أمرًا شبه مستحيل، فالأدوات مثل الصور والفيديوهات المولدة باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الأصوات الاصطناعية، باتت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
لكن ما يثير التساؤل ليس كيفية إنشاء هذه الأوهام، بل لماذا ننجذب إليها ونتقبلها بكل سهولة؟
تأثير المزيف على الصحة النفسية
بحسب ما ذكره موقع "سايكولوجي توداي"، يشير علماء النفس إلى أن تقبل المزيف لا ينبع من السذاجة، بل من حاجة عاطفية ونفسية عميقة، فنحن لا نصدق المزيف فقط، بل نتمسك به لأننا نجد فيه ما يلبي احتياجاتنا الإنسانية مثل الشعور بالانتماء، معنى الحياة، والهوية.
فالزيف لا يخدعنا بقدر ما يلامس القصص التي نرويها لأنفسنا حول من نحن أو من نريد أن نكون، فمثلاً، رغم أن مقاطع الفيديو التي تظهر "بروس لي وهو يلعب تنس الطاولة بالعُصي الننشاكو" كانت مفبركة، إلا أنها لاقت انتشارًا واسعًا لأن الناس يريدون تصديق هذه الصورة المثالية عن بروس لي.
وفي الماضي، كان من المعتاد أن نعتبر الأصالة معيارًا للقيمة الأخلاقية والثقافية، أما اليوم، في عالمنا الرقمي الذي يحكمه الخوارزميات السريعة، أصبح "التصديق" هو المعيار الجديد.
إذ إن معظم الناس يفضلون ما يمكن تصديقه، حتى لو كان بعيدًا عن الواقع، فالمصداقية أصبحت المعيار للحقيقة، بدلاً من الأصالة التي تتطلب وقتًا وصبرًا وتفكيرًا أعمق.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف: اضطراب ADHD قد يكون مفتاح الإبداع
كيف أصبح المزيف جزءًا من حياتنا اليومية؟
اليوم، لم يعد المزيف مجرد أداة خداع، بل أصبح جزءًا من عملية تكامل، حيث يشارك الناس في صنعه بشكل طوعي، ومن خلال تعديل صورهم وهوياتهم الرقمية، يعكس الأفراد ما يطمحون أن يكونوا عليه، بدلاً من من هم بالفعل.
ومع تزايد استخدام هذه التمثيلات الاصطناعية، أصبح العديد منا يثق بما هو مريح عاطفيًا، بغض النظر عن دقته.
وما يجعل هذه الظاهرة أكثر إثارة هو تأثيرها على الأجيال القادمة، وتلك التي نشأت في عالم رقمي حيث المزيف أصبح متاحًا بسهولة، ويمكن أن يُستخدم في كل شيء من تزيين الصور إلى خلق أرقام وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا التقبل الواسع للمزيف قد يُغير من الطريقة التي نفهم بها الهوية والتواصل في المستقبل.
