دراسة: الواقع الافتراضي قد يوفر بديلاً آمناً للمخدرات في تعزيز الصحة النفسية
كشفت دراسة حديثة أن تجارب الواقع الافتراضي التي تحاكي تأثيرات المخدرات المهلوسة، قد تؤدي إلى فوائد نفسية إيجابية مثل تعزيز التفكير الإبداعي وتحسين مرونة التفكير، دون الحاجة لاستخدام أية أدوية.
وأظهرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Dialogues in Clinical Neuroscience، أن الواقع الافتراضي قد يشكل بديلاً محتملاً للعلاج التقليدي، ويعزز الصحة النفسية بطرق جديدة.
وفي هذا السياق، قام فريق من الباحثين في جامعة كاتوليكا ديل سَاكرو كويري، بقيادة جيوليا بريزي وكيارا بوبيلو، بتطوير تجربة واقع افتراضي تهدف إلى محاكاة التأثيرات البصرية التي تسببها المخدرات المهلوسة مثل الـ LSD.
اقرأ أيضا: دراسة تكشف فوائد غير متوقعة لألعاب الواقع الافتراضي الرياضية
وكان الهدف من الدراسة، فحص تأثير هذه التجارب الافتراضية على مرونة التفكير والإبداع، بالإضافة إلى تقييم تأثيراتها النفسية والفسيولوجية.
تأثير الواقع الافتراضي على الإبداع
شارك في التجربة 50 شخصًا بالغًا بصحة جيدة، حيث خضعوا لتجربتين مختلفتين باستخدام نظارات الواقع الافتراضي.
في التجربة الأولى، شاهد المشاركون فيديو هادئ بعنوان "الحديقة السرية"، وهو عبارة عن رحلة مهدئة عبر حديقة يابانية.
وفي التجربة الثانية، تم تعديل نفس الفيديو باستخدام خوارزمية "ديب دريم" من غوغل، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور معقدة وأشكال حلمية تحاكي تأثيرات المخدرات المهلوسة.
وأظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في الأداء المعرفي لدى المشاركين بعد مشاهدتهم الفيديو المعدل، في اختبار "توليد الأفكار البديلة"، الذي يقيس القدرة على توليد أفكار إبداعية لاستخدام أشياء يومية بطرق مبتكرة، فقد أظهرت المجموعة التي شاهدت الفيديو المعدل أفكارًا أكثر تنوعًا وابتكارًا مقارنة بالفيديو الهادئ.
كما تحسن أداء المشاركين في اختبار "ستروب"، التي تقيس قدرة الشخص على كبح الاستجابات التلقائية، وعلى سبيل المثال، قد يظهر للمشارك كلمة "أزرق" مكتوبة بحبر أحمر، وعليه أن يذكر لون الحبر بدلاً من قراءة الكلمة نفسها.
ومن الناحية النفسية، أظهرت النتائج أن كلا الفيديوهين أديا إلى تقليل مستويات القلق لدى المشاركين مقارنة بالقياسات الأساسية، ومع ذلك، أظهرت التجربة الافتراضية المعدلة باستخدام "ديب دريم" تأثيرًا أكبر في جذب الانتباه، رغم أن المشاركين أفادوا أنهم شعروا بجهد عقلي أكبر في معالجة الصور المعقدة.
وأظهرت الدراسة أن التجربة الافتراضية أسفرت عن انخفاض في معدل ضربات القلب، مما يشير إلى تأثير مهدئ على الجسم.
كما لاحظ الباحثون انخفاضًا في نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي، المسؤول عن استجابة "القتال أو الهروب"، مما يدل على أن التجربة الافتراضية يمكن أن تُحدث حالة من الاسترخاء البدني، حتى مع تعقيد المحتوى البصري.
ورغم هذه النتائج المشجعة، التي تُظهر إمكانيات كبيرة للواقع الافتراضي في تعزيز الإبداع ومرونة التفكير، شدد البروفيسور جوزيبي ريفا، الذي قاد الفريق البحثي، على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات للتحقق من تأثيرات الواقع الافتراضي على المستويات البيولوجية والعصبية.
كما أشار إلى الحاجة لإجراء أبحاث على مجموعات أكبر وأكثر تنوعًا، بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من حالات نفسية مثل الاكتئاب والقلق.
