دراسة تكشف تغيّرات دماغية لدى الأطفال الذين يشعرون بعدم الأمان
كشفت دراسة علمية موسعة نُشرت في مجلة Psychological Medicine أن الأطفال الذين يشعرون بأن بيئتهم المنزلية أو المدرسية أو المجتمعية غير آمنة، قد يواجهون تغيرات في الشبكات الدماغية خلال مرحلة المراهقة المبكرة، ما ينعكس لاحقًا على صحتهم النفسية ويزيد من احتمالية إصابتهم بالقلق والاكتئاب ومشاكل الانتباه.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف: كيف يشكل الأب نشاط الأطفال ونمط حياتهم اليومي؟
الدراسة قادها ديميتريس تسوموكوس من جامعة كوليدج لندن، بالتعاون مع ديفيانغانا راكيش من كلية كينغز لندن، وشارك فيها باحثون من جامعات مرموقة مثل هينينغ تيماير من جامعة هارفارد وجورج سلافِتش من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس.
ما هي نظرية السلامة الاجتماعية؟
استند الباحثون إلى "نظرية السلامة الاجتماعية"، التي تفترض أن الإنسان مبرمج بيولوجيًا لاكتشاف الأمان أو التهديد في محيطه.
وعندما يتعرض الطفل باستمرار للصراعات أو عدم الاستقرار، يستجيب الدماغ بطريقة قد تكون مفيدة مؤقتًا، لكنها ضارة على المدى الطويل، حيث تؤثر على معالجة المشاعر والتوتر، وتؤدي إلى اضطرابات نفسية لاحقًا.
واعتمدت الدراسة على بيانات من مشروع "تطور الدماغ المعرفي لدى المراهقين"، والذي يشمل أكثر من 11 ألف طفل في الولايات المتحدة.
اختار الباحثون 8700 طفل ممن خضعوا لتصوير دماغي وأكملوا استبيانات متعددة.
وفي عمر العاشرة، طُلب من الأطفال تقييم شعورهم بالأمان في المنزل والمدرسة والحي، وتم دمج هذه التقييمات في مؤشر موحد يعكس "التهديد الاجتماعي المُدرَك".
كما خضع الأطفال لتصوير دماغي في حالة الراحة، لقياس التواصل بين مناطق الدماغ المختلفة.
وركز الباحثون على خمس شبكات دماغية أساسية: شبكة الوضع الافتراضي (مرتبطة بالتفكير الذاتي)، الشبكة الجبهية الجدارية (اتخاذ القرار والتنظيم)، شبكة الانتباه الظهري (التركيز الموجه)، شبكة السينغولو-أوبيركولار (الحفاظ على التركيز)، وشبكة الأهمية (اكتشاف المحفزات المهمة).
اقرأ أيضًا: الجارديان: السجائر الإلكترونية تهدد صحة الأطفال بشكل غير قابل للإصلاح
وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين يشعرون بتهديد اجتماعي مرتفع لديهم انخفاض في التواصل الداخلي داخل شبكتي الوضع الافتراضي والجبهية الجدارية، وزيادة في التواصل بين شبكات عادةً ما تعمل بشكل مستقل، مثل شبكة الوضع الافتراضي والانتباه الظهري، ما يشير إلى اضطراب في تنظيم الدماغ الداخلي.
التهديدات الاجتماعية تنبئ بمشاكل نفسية لاحقة
وعند متابعة الأطفال بعد 6 و30 شهرًا، وجد الباحثون أن هذه التغيرات في الشبكات الدماغية تنبئ بظهور أعراض مثل القلق والاكتئاب ومشاكل الانتباه. وكانت هذه التغيرات أكثر وضوحًا لدى الأطفال الذين شعروا بعدم الأمان في أحيائهم، حتى بعد ضبط العوامل الأخرى مثل الجنس والدخل وتعليم الوالدين.
وعند تحليل مصادر التهديد المختلفة، تبين أن الصراعات الأسرية كانت الأقوى ارتباطًا بالمشاكل النفسية لاحقًا، بينما كان عدم الأمان في الحي هو العامل الوحيد المرتبط بتغيرات واضحة في الشبكات الدماغية، ما يشير إلى أن أنواع التهديد المختلفة تؤثر على الصحة النفسية عبر مسارات عصبية متنوعة.
اقرأ أيضًا: خبراء يوضحون لماذا لا يجب حرمان الأطفال من الوجبات السريعة
ورغم أن التأثيرات كانت متوسطة الحجم، إلا أن الباحثين شددوا على أهمية هذه النتائج على مستوى السكان، خاصةً أن التهديدات الاجتماعية المُدرَكة شائعة في الطفولة، ولها آثار طويلة الأمد. وأوصوا بمزيد من الدراسات التي تربط بين هذه التغيرات العصبية وسلوكيات الأطفال في مواقف عاطفية أو معرفية.
