اضطراب ما بعد الصدمة أكثر تعقيدًا مما كنا نعتقد.. دراسة جديدة توضح العوامل المؤثرة
كشفت دراسة جديدة أن اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) لا ينتج فقط عن التعرض المباشر للتجارب الصادمة، بل يتشكل كذلك بفعل عوامل شخصية واجتماعية وبيولوجية متعددة، مما يجعله أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد في السابق.
ونُشرت الدراسة في مجلة The Humanistic Psychologist، مؤكدة أن ملايين الأشخاص حول العالم يعانون سنويًا من هذا الاضطراب، الذي بات يمثل قضية صحية عامة عالمية.
وتشير الأرقام إلى أن نحو 13 مليون شخص يُصابون به سنويًا، ما يعكس حجم التأثير النفسي والاجتماعي للظروف الصادمة، مثل الحروب والكوارث والأمراض الخطيرة.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف الفجوة بين الحب عبر الإنترنت والواقع
أجرت الباحثة ليانا سبيتسكا مراجعة شاملة للدراسات المنشورة بعد عام 2010 عبر قواعد بيانات علمية، مستخدمة كلمات مفتاحية مثل: "اضطراب ما بعد الصدمة"، "العنف الأسري"، و"عوامل الخطر".
كما أجرت مسحًا ميدانيًا شمل 250 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 21 و55 عامًا (110 نساء و140 رجلًا)، بعد استبعاد المصابين باضطرابات نفسية سابقة.
وقد خضع المشاركون لاختبار PCL-5 المعتمد على معايير DSM-5، لتقييم الأعراض مثل التجنب، المزاج السلبي، واليقظة المفرطة.
كيف يزيد اضطراب ما بعد الصدمة
أظهرت نتائج المراجعة أن شدة الصدمة هي العامل الأبرز في رفع احتمالية الإصابة، مع تضاعف الخطر في حال وجود تجارب صادمة سابقة، أو غياب الدعم الاجتماعي، أو معاناة من اضطرابات نفسية أخرى.
كما ارتبطت عوامل بيولوجية بالاضطراب، مثل اختلال تنظيم هرمونات التوتر، واختلافات في بنية الدماغ (الحُصين واللوزة الدماغية)، وأشارت نتائج الدراسات الجينية إلى أن القابلية للإصابة قد تكون وراثية وتتشكل منذ الطفولة.
وأظهرت الدراسة نسبة مرتفعة من الحالات؛ إذ إن 76% من المشاركين (190 شخصًا) استوفوا معايير التشخيص.
- العمر والإصابة: من تجاوزوا 40 عامًا أو تعرضوا لإصابات خطيرة أبلغوا عن أعراض أشد.
- الدعم الاجتماعي: من لديهم وظيفة مستقرة أو دعم عائلي أظهروا أعراضًا أقل حدة.
- الفروق بين الجنسين: لم تُسجل فروق كبيرة، لكن النساء كن أكثر عرضة بعد الصدمات الجنسية، بينما ظهر التأثير الأكبر لدى الرجال وكبار السن عند التعرض لأزمات صحية خطيرة.
وأشارت الباحثة إلى أن التصميم المقطعي حصر القياس في فترة قصيرة (من شهر إلى ستة أشهر بعد الصدمة)، ما قد يكون رفع نسبة الانتشار المسجلة (76%) عبر التركيز على الحالات الأكثر حدة.
أوضحت الدراسة إلى أن اضطراب ما بعد الصدمة ليس مجرد انعكاس للتجربة الصادمة ذاتها، بل يتأثر بخليط من العوامل الشخصية والاجتماعية والبيولوجية.
وأكدت النتائج أن الاستقرار الوظيفي والدعم الأسري يشكلان عناصر حماية مهمة، ما يبرز ضرورة توسيع نطاق التدخلات المجتمعية بجانب العلاج الطبي والنفسي.
