دراسة تكشف: جينات الأم والأب تغير مسار صحتك
لم تعد الوراثة مجرد انتقال عشوائي لحروف الحمض النووي (DNA)، بل أثبتت الأبحاث الحديثة أن مصدر الجين، سواء من الأم أو الأب، قد يغيّر تأثيره كلياً. فالجين الذي يقي من مرض عند وراثته من الأم، قد يزيد خطر الإصابة به عند وراثته من الأب، فيما يُعرف علمياً بتأثيرات أصل الوالد (Parent-of-Origin Effects).
تأثير الجينات على الأبناء
وفي دراسة نُشرت في دورية Nature مطلع أغسطس 2025، استخدم فريق بقيادة روبن هوفمايستر من جامعة لوزان بيانات «البنك الحيوي البريطاني» الذي يضم سجلات مئات الآلاف من الأشخاص.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف تأثير الوالدين على الجينات عبر أداة إحصائية مبتكرة (تفاصيل)
وتمكن الباحثون عبر تحليل أنماط الوراثة بين الإخوة وفحص الحمض النووي الميتوكوندري والكروموسوم X من تحديد مصدر الجين بدقة وصلت إلى 98%.
النتائج أظهرت ما لا يقل عن 34 تأثيراً صحياً واضحاً مرتبطاً بمصدر الجين.
ومن بين أبرز الأمثلة: متغير جيني يزيد خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنسبة 14% عند وراثته من الأب، لكنه يقلل الخطر بنسبة 9% إذا جاء من الأم.
كما أظهرت المتغيرات القريبة من الجينين KLF14 وMEST انخفاضاً في الدهون الثلاثية عند وراثتها من الأم، وارتفاعاً لها عند وراثتها من الأب.
اقرأ أيضًا: هل تلعب الجينات دورًا مختلفًا في حاسة الشم لدى الرجال والنساء؟ دراسة تجيب
وبعض هذه التأثيرات يبدأ منذ الطفولة ويستمر حتى البلوغ. فهناك متغيرات ترفع مؤشر كتلة الجسم في سنوات النمو إذا ورثها الطفل من الأم، لكنها تنخفض في حال وراثتها من الأب.
كما تبين أن متغيرات أخرى تقصر التيلوميرات، وهي نهايات الكروموسومات المرتبطة بالشيخوخة، بدرجة أكبر عند وراثتها من الأب.
وأكد الفريق صحة النتائج بعد تكرار التجربة باستخدام بيانات «البنك الحيوي الإستوني»، حيث تطابقت 87% من النتائج، ما يدل على أن هذه الظاهرة عامة في البشر وليست خاصة بمجتمع معين.
نصائح هامة للمرأة الحامل
وتُعد هذه الدراسة أكبر خريطة علمية حتى الآن لتأثيرات جينات الأم والأب على الصحة، وتمثل خطوة محورية نحو تطوير الطب الشخصي، إذ يمكن أن يساعد تحديد مصدر الجين في التنبؤ بالمخاطر الصحية ووضع استراتيجيات علاجية أكثر دقة.
اقرأ أيضًا: دراسة: الجينات تفسّر 70% من بكاء الرضّع في الأشهر الأولى
ويؤكد الباحثون أن هذه الظواهر ليست نادرة بل شائعة، وأن فهمها قد يغير مستقبل التشخيص والعلاج، فمعرفة ما إذا كان الجين من الأم أو الأب قد يصبح قريباً جزءاً أساسياً من تقييم المخاطر الطبية وتوجيه القرارات العلاجية.
