إنجاز علمي يفتح الأمل لعلاج متلازمة داون
كشف باحثون من جامعة ميي Mie University في اليابان عن إنجاز علمي قد يشكل نقطة تحول في فهم وعلاج متلازمة داون Down Syndrome، بعد نجاحهم في إزالة الكروموسوم الزائد داخل خلايا مخبرية باستخدام تقنية "كريسبر-كاس9" CRISPR-Cas9 للتحرير الجيني.
ويمثل هذا التطور خطوة بارزة نحو استهداف السبب الجيني المباشر للاضطراب، بدلاً من الاقتصار على معالجة الأعراض المصاحبة له.
تنتج متلازمة داون عن وجود نسخة ثالثة من الكروموسوم 21، ما يسبب اضطرابًا في نمو الدماغ وصعوبات في التعلم ومشاكل صحية متعددة. وباستخدام كريسبر، التي توصف بـ"المقص الجزيئي"، استطاع العلماء قص الكروموسوم الزائد والتخلص منه.
ما يميز هذه التجربة أن النظام البحثي تمكن من التفريق بين النسخة المكررة والنسختين الأصليتين الموروثتين من الوالدين، ليبقى التوازن الجيني سليمًا.
اقرأ أيضًا: متلازمة شارل بونيه.. عندما ترى أشياء غير موجودة حقًّا
تفاصيل نجاح حذف كروموسوم في الخلايا
أظهرت الخلايا بعد التصحيح أنماطًا طبيعية من النشاط الجيني، خصوصًا في المسارات المرتبطة بتطور الدماغ. غير أن النتيجة الإيجابية ظهرت في نسبة صغيرة فقط من ملايين الخلايا التي جرى اختبارها، وهو ما يبرز التحدي الكبير في تحويل هذا النهج إلى علاج عملي، إذ يحتوي جسم الإنسان على تريليونات الخلايا التي يصعب تعديلها جميعًا.
يرى خبراء مثل "روجر ريفز" Roger Reeves من جامعة جونز هوبكنز أن ما تحقق يُعد إثباتًا لإمكانية حذف كروموسوم كامل، لكنه غير قابل للتطبيق في البشر حاليًا.
اقرأ أيضًا: من يعاني أكثر من متلازمة المحتال؟ دراسة جديدة تحسم الجدل بين النساء والرجال
وأوضح أن "أكثر من 800 مليون خلية تحتاج إلى تعديل لإنتاج حالة طبيعية، وهو أمر مستحيل تقنيًا في المرحلة الراهنة".
إضافة إلى ذلك، فإن إيقاف آليات إصلاح الحمض النووي في الخلايا، وهو ما لجأ إليه الباحثون لزيادة فرص حذف الكروموسوم، يحمل مخاطر محتملة من أضرار جانبية.
وعلى الرغم من التحديات، يعتبر هذا البحث خطوة محورية في دراسة متلازمة داون على المستوى الخلوي. فمعظم الأبحاث الحالية تركز على علاج الأعراض مثل إصلاح عيوب القلب جراحيًا أو دعم القدرات التعليمية، بينما يقترب هذا النهج من معالجة السبب الجيني المباشر.
ومع ذلك، يبقى استخدام أدوات مثل كريسبر على الأجنة البشرية مثار جدل عالمي ومحظورًا في كثير من الدول خشية التلاعب بالصفات الوراثية وظهور ما يُعرف بـ"الأطفال المصممين".
ويؤكد الفريق الياباني أن عمله لا يعني التوصل إلى علاج وشيك، لكنه يقدم نموذجًا واعدًا قد يساعد مستقبلًا في تطوير تدخلات أكثر دقة وأمانًا، ويفتح آفاقًا جديدة لفهم المتلازمة على المستوى الجزيئي.
