المينوكسيديل الفموي: هل يمثل الحل الحقيقي لتساقط الشعر عند الرجال؟
تخيّل أنّ دواءً طُوِّر لعلاج ارتفاع ضغط الدم ابتداءً، ولكن سرعان ما ظهرت آثاره الجانبية المفاجئة، والتي جاء في مقدمتها فرط نمو شعر الجسم!
الدواء الذي عرف باسم "مينوكسيديل"، اعتبره البعض أملًا لعلاج مشكلة مختلفة عما طور لعلاجه، ومن ثم فقد استُخدِم كعلاجٍ موضعي لتساقط الشعر.
ورغم ذلك، لم يكُن المينوكسيديل الموضعي فعالًا مع بعض الناس، فهل يكون العوض في استخدام المينوكسيديل الفموي منخفض الجرعة لعلاج تساقط الشعر عند الرجال؟ أليس لهذا الدواء آثار جانبية؟ وما مدى قدرته على علاج تساقط الشعر فعلًا؟
المينوكسيديل الفموي منخفض الجرعة
"مينوكسيديل"، هو دواء طُوِّر في الأساس لعلاج ضغط الدم المرتفع، ولكن تبيّن أنّ له أثر جانبي، يتمثّل في تعزيز نمو الشعر، ما أدّى إلى استخدامه في علاج حالات تساقط الشعر أو الصلع الوراثي، في شكل محلول موضعي يُستخدَم على فروة الرأس.
وفي السنوات القليلة الماضية، استُخدِم مينوكسيديل بالشكل الفموي "الأقراص" بجرعة منخفضة جدًا، والذي يُمكِن استخدامه لعلاج تساقط الشعر ودعم النمو الطبيعي للشعر.
كيف يعمل المينوكسيديل الفموي منخفض الجرعة لعلاج تساقط الشعر عند الرجال؟
يعمل المينوكسيديل عن طريق تحفيز بصيلات الشعر وزيادة تدفّق الدم إلى المنطقة التي يُستخدَم فيها الدواء، مما يطيل دورة نمو الشعر، ويدفع الشعر الخامل إلى مرحلة النمو مرة أخرى.
ورغم أنّ آلية العمل الدقيقة ليست مفهومة تمامًا، فإنّه يُعتقَد أنّ المينوكسيديل يشجّع بصيلات الشعر على الانتقال من مرحلة الراحة "التيلوجين" إلى مرحلة النمو النشط، ومن خلال إطالة مرحلة النمو، يبقى المزيد من الشعر في مرحلة النمو، ما يؤدِّي إلى زيادة كثافة الشعر، ومنع تساقطه.
الجرعة الفعالة من المينوكسيديل الفموي
عديد من الدراسات تناولت استخدام المينوكسيديل الفموي منخفض الجرعة لعلاج تساقط الشعر عند الرجال، وتحديدًا في حالات الصلع الوراثي عند الرجال، وتساقط الشعر الكربي المزمن "نوع من تساقط الشعر ناجِم عن بقاء عدد كبير من بصيلات الشعر في مرحلة الراحة (تيلوجين) لفترة طويلة".
وحسب "الجمعية الأمريكية لتساقط الشعر"، فإنّ الجرعة المناسبة لعلاج الصلع الوراثي عند الرجال، تتراوح بين 2.5 - 5 مجم يوميًا.
وقد أظهرت جرعة المينوكسيديل، التي تتراوح بين 0.25 - 5 مجم، قدرة على تقليل تساقط الشعر في حالات تساقط الشعر الكربي المزمن، حسب دراسةٍ نشرت عام 2017 في دورية "F1000 Research".
فيما أشارت مراجعة عام 2025 لـ27 دراسة، نُشِرت في دورية "Frontiers in Pharmacology"، إلى أنّ من يعانون تساقط الشعر، قد يستفيدون من المينوكسيديل الفموي، خاصةً مع تناوله بجرعات تتجاوز 1 مجم.
وعمومًا يتوقّف تحديد الجرعة المناسبة من مينوكسيديل الفموي لعلاج تساقط الشعر على رأي الطبيب، وتقييمه للحالة.
اقرأ أيضًا:لعلاج تساقط الشعر وتحسين خصوبتك.. إليك فوائد حب القرع للرجال
الفعالية والنتائج المتوقعة عند الرجال
أظهرت دراسة نشرت عام 2020 في دورية "Dermatology and Therapy"، أنَّ تناول 5 مجم من مينوكسيديل الفموي للرجال المصابين بالصلع الوراثي، أفضى إلى حصول 43% من الرجال على نتائج ممتازة في نمو الشعر.
هل يناسب المينوكسيديل الفموي الرجال الذين لا يستجيبون للعلاج الموضعي؟
نعم، قد يكون المينوكسيديل الفموي منخفض الجرعة مناسبًا لمن لا يستجيبون للمينوكسيديل الموضعي؛ إذ يفتقر بعض الأشخاص إلى الإنزيم الصحيح في بصيلات الشعر، لتنشيط دواء المينوكسيدل.
وهذا الإنزيم موجود في الكبد، ومِنْ ثمّ سيُنشِّط الدواء عند تناوله عن طريق الفم، ما يجعل المينوكسيديل الفموي خيارًا مناسبًا مع فشل المينوكسيديل الموضعي.
وقد أظهرت دراسة نشرت عام 2024 في "مجلة الأمراض الجلدية التجميلية"، أنَّ الأشخاص الذين يعانُون انخفاض نشاط الإنزيم المطلوب في بصيلات الشعر، لديهم معدل استجابة أعلى للمينوكسيديل الفموي، مقارنةً بمن لديهم نشاط إنزيمي مرتفع "85% مقابل 43%"، وذلك في حالات الصلع الوراثي.
الآثار الجانبية والمخاطر المحتملة لاستخدام المينوكسيديل
يُعدّ المينوكسيديل منخفض الجرعة من الأدوية الآمنة لتناولها، وحسب دراسةٍ نشرت عام 2021 في "مجلة الأكاديمية الأمريكية لأمراض الجلدية"، فإنّه لم يتوقّف عن تناول الدواء بسبب آثاره الجانبية سوى 1.7% فقط من المرضى، كما ذكرت الدراسة الآثار الجانبية المحتملة للمينوكسيديل منخفض الجرعة الفموي، وهي:
1. فرط نمو الشعر:
يُعّد فرط نمو الشعر، سواء عند الرجال أو النساء، أكثر الأعراض الجانبية شيوعًا للمينوكسيديل الفموي، خاصةً مع تناوله بجرعات عالية.
2. تساقط الشعر مؤقتًا في بداية العلاج:
قد يتساقط الشعر مؤقتًا في بداية استخدام مينوكسيديل، سواء موضعيًا أو فمويًا، خاصةً خلال الستة أسابيع الأولى، لذا من الضروري الاستمرار في تناول الدواء حتى مع تساقُط الشعر.
اقرأ أيضًا:تساقط الشعر في أثناء الريجيم.. الأسباب وأفضل النصائح الغذائية
3. احتباس السوائل:
تورّم أسفل الساقين قد يصِيب 3% من الأشخاص، عادةً مع الجرعات العالية من مينوكسيديل، كما قد يظهر احتباس السوائل حول العينين على شكل انتفاخ العيون.
4. هبوط ضغط الدم والدوخة:
قد يحدث هبوط ضغط الدم، خاصةً مع الجرعات العالية من مينوكسيديل الفموي، كما قد يشعر بعض من يتناولون الدواء بالدوار أو الدوخة عند القيام سريعًا من الجلوس أو الاستلقاء، بسبب هبوط ضغط الدم.
5. آثار جانبية أخرى غير شائعة:
- الأرق.
- الكوابيس.
- الطفح الجلدي.
- الغثيان.
- القيء.
- ألم الثدي.
متى يجب الامتناع عن تناول المينوكسيديل الفموي؟
في بعض الحالات قد لا يكون مينوكسيديل آمنًا للاستخدام، ومن ثم يجب الامتناع عن تناوله إذا كنت تشكو من:
- الحساسية تجاه المينوكسيديل.
- ورم القواتم .
- ارتفاع ضغط الدم الرئوي مع ضيق الصمام الميترالي.
- قصور الكبد الشديد.
- الذبحة الصدرية أو المعاناة من نوبة قلبية حديثة.
- تضخّم البطين الأيسر.
- قصور القلب.
كما يجب توخّي الحذر واستشارة الطبيب قبل تناول مينوكسيديل، خاصةً في حالة وجود تاريخ مرضي لأمراض القلب أو أمراض الكلى أو ارتفاع ضغط الدم.
المقارنة بين المينوكسيديل الفموي والموضعي للرجال
يختلف كل من المينوكسيديل الفموي والموضعي، في طريقة الاستخدام، ورغم ذلك فإن كلًا منهما فاعِل في علاج تساقط الشعر، وفيما يلي جدول يوضِّح الفرق بينهما تفصيلًا:
بدائل المينوكسيديل الفموي منخفض الجرعة
ما لم تكُن ترغب في استخدام المينوكسيديل الفموي، فثمّة بدائل أخرى لعلاج تساقُط الشعر، منها على سبيل المثال:
1. دوتاسترايد:
دواء يعمل عن طريق منع تحويل التستوستيرون إلى ديهيدروتستوستيرون "DHT"، اللاعب الأكبر في تساقط الشعر عند الرجال؛ إذ أظهرت الدراسات أنّ الدواء فاعِل في تعزيز نمو الشعر وزيادة كثافته، مثل دراسة نشرت عام 2014 في "مجلة الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية"، لكنّه قد يستغرق 3 أشهر حتى تظهر نتائجه، كما أنّ له آثار جانبية تتطلّب الحذر.
2. زيت الروزماري "إكليل الجبل":
قارنت دراسة عام 2015، منشورة في دورية "Europe PMC"، بين فاعلية زيت الروزماري، ومينوكسيدل الموضعي تركيز 2%، وخلص الباحثون إلى أنّ استخدام زيت الروزماري يوميًا، ليس أقل شأنًا من نتائج المينوكسيديل 2%.
3. البلميط المنشاري:
يمكن استخدامه موضعيًا أو فمويًا لدعم نمو الشعر وعلاج تساقط الشعر عند الرجال، فحسب مراجعة نشرت عام 2020 في دورية "Skin Appendage Disorders"، شهد 60% من الأشخاص تحسّنًا في جودة الشعر، كما شهد 30% من الأشخاص زيادة في إجمالي عدد الشعر، مع استخدام البلميط المنشاري.
اقرأ أيضًا:هل يؤدي ارتداء القبعات إلى تساقط الشعر؟
4. بدائل أخرى:
- الوخز بالإبر الدقيقة.
- شامبو الكافيين أو الكافيين الموضعي.
- البيوتين.
- زيت بذور اليقطين.
لكن هذه البدائل كلّها قد لا تكون بنفس فاعلية المينوكسيديل الفموي؛ إذ تختلف آلية عملها عن المينوكسيديل، كما أنّ علاج تساقط الشعر عمومًا، يتطلّب استشارة طبيب مُختص، لمعرفة نوع العلاج المناسب لك، لاستعادة نموّ الشعر سريعًا.
