هل انتهى عصر الصلع؟ اكتشاف ثوري يعيد الأمل لنمو الشعر
في تطور علمي لافت، تمكن فريق من الباحثين من فك شفرة الآلية البيولوجية المعقدة التي تتحكم في نمو الشعر لدى الإنسان، في خطوة قد تمهّد لتحول جذري في نهج علاج تساقط الشعر خلال السنوات المقبلة.
ووفقًا لما ورد في الدراسة المنشورة بمجلة Stem Cell Research & Therapy، لم يعد الصلع الوراثي – المعروف طبيًا باسم الصلع الأندروجيني – يُعد حالة دائمة كما كان يُعتقد، بل بات يُنظر إليه كحالة قابلة للعكس عند استهداف الخلل الجزيئي المسؤول عن تعطيل نشاط بصيلات الشعر.
اقرأ أيضًا: دواء شائع لتساقط الشعر قد يُهدد خصوبة الرجال
وتوصّل الباحثون إلى أن هناك خمسة أنظمة جزيئية رئيسية تتحكم في دورة نمو الشعر، وعندما يختلّ التواصل بينها –كما يحدث لدى المصابين بالصلع النمطي – تدخل بصيلات الشعر في حالة خمول طويلة الأمد تُعرف بـ"وضع السكون"، حيث تتوقف عن إنتاج الشعرة دون أن تموت فعليًا، ما يفسّر استمرار وجود البصيلة رغم غياب النمو الظاهري.
هل يمكن استعادة الشعر طبيعيًا؟
وعلى عكس العلاجات التقليدية التي تركز غالبًا على إبطاء تساقط الشعر أو التخفيف من مظهره الظاهري، يعتمد النهج الجديد على إعادة تنشيط الحوار الجزيئي بين الأنظمة الحيوية المسؤولة عن دورة نمو الشعر.
هذه المقاربة تتيح إعادة "إيقاظ" البصيلات الخاملة وتحفيزها على استئناف نشاطها، ما يعيد تعريف تساقط الشعر باعتباره حالة بيولوجية قابلة للاستعادة، لا فقدانًا دائمًا كما كان يُعتقد.
ويُرجّح الباحثون أن هذا التحول العلمي سيُمهّد الطريق لعلاجات مصمّمة خصيصًا وفق البصمة الجينية والهرمونية لكل مريض.
ففي المستقبل، قد يتمكن الأطباء من تحليل الحمض النووي والمؤشرات الحيوية الخاصة بكل حالة لتحديد السبب الجذري لتساقط الشعر، ومن ثم تطوير خطط علاجية دقيقة تتوافق مع الاحتياجات الفردية، ما قد يقلل من الاعتماد على زراعة الشعر أو الأدوية الدائمة، ويرفع من معدلات الاستجابة والرضا لدى المرضى.
طريقة جديدة لإنماء بصيلات الشعر
تشمل الخيارات العلاجية الصاعدة مجموعة من المركبات الحيوية المبتكرة، من بينها حمض الفالبرويك ومركب CHIR99021، وقد أثبت كلاهما فاعلية ملحوظة في تحفيز المسارات الجزيئية المسؤولة عن نمو الشعر، عبر تنشيط الإشارات الإيجابية وتثبيط تلك التي تعيق دورة النمو، وتمتاز هذه المركبات بكونها أكثر أمانًا واستدامة مقارنة بالأساليب التقليدية المستخدمة في مواجهة تساقط الشعر.
اقرأ أيضًا: علاج واعد لتساقط الشعر بمكونات نباتية
وفي موازاة ذلك، يشكّل التقدم في تقنيات التعديل الجيني، وعلى رأسها تقنية "كريسبر" CRISPR، أفقًا واعدًا لعلاج الصلع الوراثي من جذوره. وتُعد كريسبر واحدة من أحدث أدوات التحرير الجيني، وتعمل على "قص ولصق" أجزاء محددة من الحمض النووي (DNA) بدقة عالية، بما يتيح تصحيح الطفرات الجينية المسؤولة عن تعطيل وظائف بصيلات الشعر، وبدلًا من الاكتفاء بعلاج الأعراض، تستهدف هذه التقنية السبب الجذري في الشيفرة الوراثية، ما يمنح إمكانية دائمة لإعادة تنشيط النمو.
وفي السياق ذاته، تبشّر تقنيات الخلايا الجذعية والهندسة النسيجية المتقدمة بفرص غير مسبوقة في إعادة إنماء بصيلات شعر جديدة بالكامل داخل المختبر، ما يفتح الباب أمام حلول علاجية دائمة حتى في أصعب حالات الصلع، ويُنذر بتحوّل ثوري في مجال استعادة الشعر دون حاجة إلى جراحات الزراعة أو الأدوية طويلة الأمد.
وإذا ما جرى تطبيق هذه الاكتشافات ضمن بروتوكولات سريرية فعّالة، فإنها قد تُحدث نقلة نوعية في مجال علاجات تساقط الشعر، وتمنح الملايين من المتضررين أملًا ملموسًا في استعادة مظهرهم الطبيعي من دون اللجوء إلى الزراعة أو العلاجات الدوائية المستمرة.
