دموع الرجال أكثر تصديقًا: هل البكاء أصبح سلاحًا اجتماعيًا؟
أظهرت دراسة نفسية حديثة أجراها باحثون من جامعة لودز البولندية، ونشرتها مجلة PLOS One، أن "دموع التماسيح" قد تُعد أكثر إقناعًا عندما تصدر عن رجال أو عن أشخاص يُنظر إليهم على أنهم أقل تعبيرًا عن المشاعر.
ففي تجربة شملت عرض صور رقمية معدّلة لأشخاص يبكون، تبيّن أن المشاركين مالوا إلى تصديق صدق الدموع أكثر عندما ظهرت على وجوه الذكور، لاسيما أولئك الذين لا يُتوقع منهم في العادة التعبير العاطفي علنًا.
ويرى الباحثون أن هذا الانطباع يتصل بالتوقعات الثقافية السائدة، إذ يُنظر إلى دموع الرجال على أنها دليل على موقف استثنائي نادر، مما يمنحها مصداقية أعلى مقارنة بدموع النساء، التي قد تُفسّر – في بعض السياقات الاجتماعية – على أنها أكثر شيوعًا أو حتى مشوبة بالشك.
النساء أكثر قبولًا لعروض الرجال الجذابين... حتى لو كانت غير عادلة
كيف تميّز بين البكاء الحقيقي ودموع التماسيح؟
الدراسة أشارت إلى أن هناك بعض العلامات السلوكية التي قد تساعد على التفريق بين البكاء الصادق والمصطنع، منها ما يُعرف بـ"الاضطراب العاطفي"، أي التقلّب السريع والمبالغ فيه بين مشاعر مختلفة، إضافة إلى التحدث بتردد وتعبيرات وجه غير متسقة. هذه المؤشرات، بحسب الباحثين، تُستخدم في بعض الأحيان للتلاعب العاطفي، خاصة في العلاقات الشخصية أو حتى في أماكن العمل.
أما البكاء الحقيقي، فغالبًا ما يكون هادئًا وتدريجيًا، ويُصاحبه تغيرات جسدية حقيقية مثل ضيق النفس أو تغيّر نبرة الصوت، مما يجعله أكثر اتساقًا وتأثيرًا. وهذا ما يُفسّر لماذا يتفاعل الناس بشكل مختلف مع أنواع البكاء حسب مصدرها وطبيعة الموقف.
من يعاني أكثر من متلازمة المحتال؟ دراسة جديدة تحسم الجدل بين النساء والرجال
لماذا دموع الرجال تحظى بقبول أكبر؟
يرى الباحثون أن البكاء غير المتوقع يعزز مصداقية صاحبه. ووفقًا للدراسة، فإن الدموع التي تنبع من أشخاص لا يُتوقع منهم البكاء – مثل الرجال أو من يُوصفون بـ"البرود العاطفي" – تثير اهتمامًا وتعاطفًا أكبر، لأنها تُفسَّر على أنها إشارة قوية لمعاناة داخلية حقيقية. وهذا ينسحب على مواقف حياتية متعددة، حيث يمكن أن يُستخدم البكاء كوسيلة لكسب الثقة أو الدعم، سواء عن قصد أو لا شعوريًا.
ومع أن البكاء يُعدّ سلوكًا إنسانيًا طبيعيًا، فإن كيفية استقباله وتفسيره تخضع لمعايير اجتماعية وثقافية متغيرة. وتشير الدراسة إلى ضرورة التنبّه لهذه الفروقات عند الحكم على المواقف العاطفية، خصوصًا في بيئات العمل والعلاقات العاطفية.
