هل تزداد المساواة كلما زاد تمثيل النساء؟.. دراسة جديدة تحدد النقطة الفاصلة
رغم عقود من الدعوات إلى المساواة في الأجور، لا تزال النساء في الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، يتقاضين 83 سنتًا مقابل كل دولار يتقاضاه الرجال.
ورغم التقدّم الذي أحرزته النساء على صعيد التعليم والمشاركة المهنية، فإن الفجوة العنيدة ظلت شبه ثابتة على مدى العقدين الماضيين.
وفي محاولة لفهم هذا الجمود، أجرى الباحثان آمبر ستيفنسون وديفيد يرجر دراسة واسعة نُشرت مؤخرًا في مجلة Equality, Diversity, and Inclusion، شملت تحليلًا لبيانات سوق العمل الكندي على مدى 22 عامًا.
وركزت الدراسة على العلاقة بين نسبة تمثيل النساء في المهن المختلفة ومدى تغيّر فجوة الأجور داخل تلك المهن، وأظهرت نتائج الدراسة أن الفجوة بين أجور النساء والرجال تنكمش بسرعة حين يكون تمثيل النساء في مهنة معينة أقل من 14%.
ولكن، بعد تجاوز هذه النسبة، يتباطأ التقدّم بشكل ملحوظ، فعلى سبيل المثال، الانتقال من 8% إلى 9% في نسبة النساء يؤدي إلى تحسّن واضح، بينما يتطلب تحسّن مماثل بعد تجاوز نسبة 20% رفع التمثيل النسائي بنحو 3.6 نقاط مئوية إضافية.
ويشير هذا التحوّل إلى أن العلاقة بين التمثيل النسائي وتقليص الفجوة ليست خطيّة، وأن تجاوز "النقطة الفاصلة" لا يعني بالضرورة استمرار التقدّم بنفس الوتيرة.
وتُعيد هذه النتائج صدى أبحاث البروفسورة روزابيث موس كانتر من كلية هارفارد للأعمال حول "الرمزية" في التمثيل، ففي المجموعات التي يشكّل فيها أحد الجنسين أقل من 15%، غالبًا ما يُنظر إلى الأفراد من الفئة الأقل تمثيلًا باعتبارهم رموزًا، مما يولّد ضغوطًا مضاعفة على المؤسسات لتحسين صورتها العامة عبر قرارات تعزّز المساواة، خاصة في ظل ضغط اجتماعي أو قانوني.
لكن بمجرد تحقّق بعض المكاسب الأولية، تميل المؤسسات إلى التراخي في مواصلة الإصلاح، وكأنها بلغت "قمة وهمية"، لتتراجع وتيرة التغيير أو تتوقف تمامًا.
اقرأ أيضًا: لماذا لا تزال كرة القدم النسائية أقل تقييمًا؟.. دراسة تجيب
ومع ذلك، تُظهر الدراسة أن معظم المهن شهدت تحسنًا ملموسًا في فجوة الأجور بين عامي 1997 و2018، ففي 36 مهنة من أصل 40، تقلّصت الفجوة بشكل ملحوظ، لا سيما في القطاعات التي شهدت ارتفاعًا في تمثيل النساء.
ففي هذه القطاعات، انخفضت الفجوة بمعدل 10.6 نقاط مئوية، مقارنة بـ5.6 نقاط فقط في القطاعات التي تراجع فيها التمثيل النسائي.
وتدعم هذه النتائج رأي الخبيرة الاقتصادية الحائزة على نوبل، كلوديا غولدين، التي ترى أن تحقيق المساواة داخل كل مهنة على حدة أكثر تأثيرًا من مجرّد توزيع التمثيل بالتساوي بين المهن المختلفة.
وفي خلاصة الدراسة، يؤكد الباحثون أن سد فجوة الأجور لا يتحقق فقط بزيادة تمثيل النساء، بل يتطلب التزامًا مستمرًا بتطبيق مبدأ أجر متساوٍ مقابل عمل متساوٍ، حتى بعد تجاوز المراحل الأولى من التحسّن.
فالتحسّن الأولي لا يعني نهاية الطريق، بل بداية رحلة أطول مما يبدو، تحتاج إلى صبر، واستمرارية، وتجنّب الوقوع في فخ الرضا المبكر عن الذات المؤسسية.
