دراسة تكشف تأثير الوضع الاجتماعي على تنظيم الشهية عبر العصب المبهم
كشفت دراسة حديثة أن الطريقة التي يتعامل بها الجسم مع إشارات الجوع والشبع قد تتأثر بالخلفية الاجتماعية والاقتصادية. وجد الباحثون أن إشارات العصب المبهم، الذي يعد مسارًا بيولوجيًا مهمًا يربط الأمعاء بالدماغ، كانت مرتبطة بشكل أقوى باستهلاك الطعام لدى الأفراد من الفئات الاجتماعية العليا. بينما ظهر أن الأفراد من الفئات الاجتماعية الدنيا كانوا أقل تأثرًا بهذه الإشارات الداخلية عند اتخاذ قراراتهم بشأن مقدار الطعام الذي يجب تناوله.
يلعب العصب المبهم دورًا رئيسًا في نقل المعلومات بين الأمعاء والدماغ، ويساعد على تنظيم الهضم والشهية والاستجابة العاطفية للتوتر. يتم تقييم نشاط العصب المبهم غالبًا من خلال قياس تباين معدل ضربات القلب (HRV)، الذي يعكس مدى مرونة الجسم في تعديل معدل ضربات القلب. عادة ما يرتبط ارتفاع تباين ضربات القلب بتحسن في التنظيم الذاتي والسيطرة العاطفية، بما في ذلك القدرة على مقاومة الإغراءات مثل الإفراط في تناول الطعام.
اقرأ أيضًا: دراسة ترصد 3 استراتيجيات ينهي بها الناس علاقاتهم
ركزت الدراسة المنشورة في مجلة "Food Quality and Preference"، على سلوك استهلاك الشوكولاتة، وهي طعام عالي الدهون والسكر يُعرف بتحفيز الرغبات وتناول الطعام العاطفي، مما يجعلها نموذجًا جيدًا لدراسة التنظيم الذاتي. شارك في الدراسة 96 طالبًا جامعيًا من خلفيات اجتماعية واقتصادية متنوعة.
فرضيات الدراسة والنتائج
اختبر الباحثون ثلاث فرضيات بشأن العلاقة بين العصب المبهم والوضع الاجتماعي الاقتصادي. الأولى كانت "فرضية التخفيف"، التي تفترض أن الأفراد من خلفيات اجتماعية اقتصادية منخفضة قد يكون لديهم نشاط أقل للعصب المبهم، مما يؤدي إلى ضعف التنظيم الذاتي وزيادة تناول الطعام. الفرضية الثانية كانت "فرضية الاستجابة المفرطة"، حيث يفترض أن التوتر يحفز استجابات فسيولوجية أقوى (مثل انسحاب العصب المبهم) لدى الأفراد من الفئات الأقل، مما يؤدي إلى زيادة تناول الطعام. أما الفرضية الثالثة، "فرضية الانفصال"، فكانت تشير إلى أن الإشارات الفسيولوجية قد توجه سلوك الأفراد من الفئات الاجتماعية العليا، في حين أن الأفراد من الفئات الدنيا يظهرون ارتباطًا ضعيفًا بين تلك الإشارات وسلوكهم الغذائي.
النتائج دعمت الفرضية الثالثة، حيث أظهر الأفراد من الفئات الاجتماعية العليا علاقة قوية بين النشاط العالي للعصب المبهم واستهلاك كميات أقل من الشوكولاتة، بينما لم يُظهر الأفراد من الفئات الدنيا أي ارتباط ملحوظ بين النشاط العصب المبهم واستهلاكهم.
تشير النتائج إلى أن الأشخاص من خلفيات اجتماعية واقتصادية منخفضة قد يكونون أكثر عرضة للإفراط في تناول الطعام في بيئات مليئة بالأطعمة المعالجة والعالية السعرات، وذلك لأن الإشارات الداخلية قد تكون أقل تأثيرًا على سلوكهم الغذائي. إذا كانت هذه الإشارات الداخلية أقل تأثيرًا، فقد تلعب العوامل الخارجية مثل المحفزات العاطفية دورًا أكبر في اتخاذ قرارات الطعام.
