من التغذية إلى ألعاب الفيديو.. طرق علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
بين أعوام 2020 - 2022، بلغت نسبة تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 - 17 سنة، في الولايات المتحدة الأمريكية 11.3%، حسب مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها "CDC".
وهي نسبة يمكن القياس عليها في باقي دول العالم. ورغم اعتماد الأدوية خيارًا علاجيًا رئيسًا لهذا الاضطراب، فإنّ بعض الأطفال أو البالغين قد يعانُون آثارًا جانبية لتلك الأدوية، مثل صعوبة النوم، ولكن هل يعني ذلك إمكانية الاستغناء عن الأدوية؟ وهل هناك طرق طبيعية بنفس فاعلية الأدوية في علاج هذا الاضطراب؟
اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
فرط الحركة ونقص الانتباه هو اضطراب يؤثر في طريقة عمل الدماغ؛ إذ قد يعاني المصاب من تشتت الانتباه، أو عدم القدرة على التركيز عند أداء مهام مُحدّدة، بالإضافة إلى فرط الحركة وصعوبة البقاء ساكنًا.
وعادةً ما تبدأ أعراض ذلك الاضطراب عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 - 6 سنوات، وقد تستمرّ حتى البلوغ، وربّما لا يتم تشخيص المصابين بهذا الاضطراب إلّا بعد البلوغ.
محفزات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
قد تزيد بعض الأمور أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، مثل:
- التوتر.
- انخفاض جودة النوم.
- تناول أنواع مُعيّنة من الطعام، مثل السكريات أو الأطعمة المالحة أو الدهون المشبعة أو القهوة أو المواد الحافظة أو أصباغ الطعام.
- التحفيز المفرط، سواء كان بصريًا بأضواء وامضة، أو سمعيًا بأصوات صاخبة، أو بتذوق بعض النكهات، أو بشمّ روائح قويّة، أو لمس بعض الأشياء.
- التحفيز المستمر بسبب الأجهزة الإلكترونية، مثل الجوال أو الحاسوب أو التلفاز أو الإنترنت.
هل يمكن علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟
قد تساعد بعض الطرق على علاج فرط الحركة ونقص الانتباه دون أدوية، مثل:
1. التكيُّف الذاتي:
تعمل عقول المصابِين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بطريقةٍ مختلفة عن غيرهم، وقد يساعد التكيّف الذاتي، من خلال بعض التعديلات على جداول العمل أو البيئة، في التغلب على التحدّيات التي يواجِهها المُصابُون.
فمثلًا إذا كان تركيز المرء مرتفعًا في نهاية اليوم بصورةٍ طبيعية، فربّما يكون هذا التوقيت هو الأمثل لأداء بعض المهمات، بدلًا من إجبار نفسك على أداء نفس المهمات في الصباح، بينما يكون التركيز غير مثالي، علاوة على اضطراب نقص الانتباه أيضًا.
كما يمكن استخدام أدواتٍ خارجية، مثل المنبّهات والجداول البصرية وغيرها، لتعويض الصعوبات الناتجة عن ضعف الوظائف التنفيذية، كالتخطيط وتنظيم الوقت وإدارة المهام.
اقرأ أيضًا:هل تعاني صعوبة التركيز؟.. ربما تكون مصابًا باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
2. الارتجاع العصبي:
"الارتجاع العصبي Neurofeedback"، تقنية تعتمد على مراقبة وظائف الجسم الإرادية واللاإرادية لتلبية احتياجات المُصاب بشكلٍ أفضل، وتعلّم كيفية التحكّم في هذه الوظائف لتخفيف التوتر.
فكثير من المُصابِين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يواجِهون صعوبة في الوعي الداخلي أو القدرة على إدراك التغيّرات الداخلية في الجسم، مما قد يجعل من الصعب تنظيم مشاعرهم ومعرفة ما يحتاجون إليه حقًا.
وتتضمّن هذه التقنية اتصال الجسم بجهازٍ يعرض وظائف الجسم، مثل:
- مُعدّل ضربات القلب.
- ضغط الدم.
- التنفّس.
ملاحظة ما يحدث في الجسم مباشرةً، مع التدرّب على كيفية تنظيم والتأثير على هذه الوظائف، قد يساعد المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على:
- تحسين التحكّم العاطفي.
- تنظيم العمليات المعرفية، مثل الانتباه المستمر.
- تحسين جودة النوم.
- تخفيف أعراض الاكتئاب والقلق.
3. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام:
تساعد ممارسة التمارين الرياضية بانتظام على تقليل أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على المدى القصير، وكذلك بمرور الوقت، يُؤكِّد ذلك مراجعة أنشرت عام 2017 في دورية "Journal of Neural Transmission"؛ إذ أظهرت أنّ تمارين القلب "الكارديو":
- حسَّنت الوظائف التنفيذية، التي تتضمّن القدرة على تخطيط المهمات والتحكّم في السلوك.
- زادت الانتباه.
- قلّلت فرط النشاط.
4. قضاء بعض الوقت في الخارج:
لا يُصِيب اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الأطفال فقط، بل قد يعانِيه البالغون أيضًا، وقد أفاد بعض البالغين بأنّ قضاء الوقت خارج المنزل في الطبيعة، ساعد على تخفيف الأعراض لديهم، لكن لا يُوجَد بحث كافٍ حول جدوى هذه الطريقة بالفعل لدى البالغين.
فيما بيّنت دراسة نشرت عام 2004 في دورية "American Public Health Association"، أنَّ أنشطة الأطفال خارج المنزل بعد المدرسة، أسهمت في تخفيف أعراض الاضطراب، مقارنةً بالأنشطة داخل المنزل، لذا فقد يكون قضاء بعض الوقت خارج المنزل في أحضان الطبيعة وخُضرة الحدائق مفيدًا في تخفيف أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
5. النظام الغذائي:
ربّما لا يكون للنظام الغذائي أثر كبير في علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى البالغين، حسب ما أشارت مراجعة نشرت عام 2022 في دورية "Progress in Neuro-Psychopharmacology and Biological Psychiatry".
لكن دراسات أخرى أفادت بأنّ النظام الغذائي المتوازن، مثل حمية البحر الأبيض المتوسط أو حمية داش، كان مرتبطًا بانخفاض أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال.
وقد يكون بعض المصابين بهذا الاضطراب أكثر عُرضةً لنقص بعض العناصر الغذائية، مثل:
- فيتامين ب2.
- فيتامين ب6.
- فيتامين ب9.
وقد دلّ على ذلك دراسة نشرت عام 2016 في دورية "BJPsych Open"؛ إذ كان المصابون بهذا الاضطراب أكثر عُرضةً لنقص هذه العناصر الغذائية.
لذا فقد يساعد تعويض نقص العناصر الغذائية بنظامٍ غذائي صحي في تقليل أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، رغم غياب الدراسات الكافية لتأكيد فاعلية العلاج بالتغذية وحده.
اقرأ أيضًا:اضطرابات النمو العصبي.. الأسباب والأعراض وطرق العلاج
6. العلاج النفسي:
قد يُعانِي المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه اضطرابات نفسية أيضًا، مثل القلق أو الاكتئاب، ومِنْ ثمّ فقد يكونون بحاجةٍ إلى علاجٍ نفسي.
ويُعدّ العلاج المعرفي السلوكي ناجحًا للغاية في مساعدة المصابين على اكتساب مهارات تساعدهم في التغلب على أعراض الاضطراب، خاصةً إذا كان ذلك مقترنًا بتناول الأدوية، كما يساعد هذا العلاج على تحسين الانتباه والتحكّم في العواطف والنشاط المفرِط.
7. ألعاب الفيديو العلاجية:
أحيانًا يواجِه الأطفال مشقّة في الانخراط في علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، خاصةً إذا كانت هناك أنشطة لا يحبّها الطفل.
وقد شرعت بعض الشركات في تطوير ألعاب فيديو مُصمّمة خصيصًا لتحفيز مهارات معرفية مُعيّنة، وتخفيف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وتتوافر عديد من ألعاب الفيديو العلاجية، فيما أقرّت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" لعبة "EndeavorRX"، لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 - 17 سنة؛ إذ يلتزم الطفل بروتوكول علاج تحت إشراف الطبيب، يتضمّن اللعب لمدة 25 دقيقة يوميًا.
هل يمكن علاج فرط الحركة بدون أدوية؟
نعم، يمكن اعلاج ضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه دون أدوية، ومع ذلك فقد أفادت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها "CDC"، بأنّ الأدوية المُنشِّطة هي أفضل علاج والأكثر استخدامًا لذلك الاضطراب.
لكن ربما لا يمكن لكل المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تناول تلك الأدوية؛ إمّا لآثارها الجانبية أو لوجود مشكلات صحية أخرى مانِعة من استخدام الأدوية، لذا فقد يكون العلاج دون أدوية مفيدًا لبعض الأشخاص وليس للجميع، وذلك مرهون باستشارة الطبيب.
وحسب الخبراء، فإنَّ الأدوية هي الخيار العلاجي الأول لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ولا تُوجَد أدلة كثيرة على أنّ التوقف عن تناول الأدوية المنشّطة قد ساعد بعض المصابين بالاضطراب.
ورغم وجود خيارات علاجية أخرى، وإن كانت فاعلة لبعض الأشخاص، فإن هناك من قد يحتاجون إلى مزيجٍ من الأدوية وهذه الخيارات العلاجية معًا.
