مرض "سيلياك الصامت".. هل يمكن أن تكون مصابًا دون أن تشعر؟!
لا يأتي مرض "سيلياك" بأعراضٍ واضحة دائمًا، كالإسهال أو ألم البطن أو غيرها، بل قد يكون صامتًا، ليس له أي أعراضٍ، ومع ذلك يستمر في إتلاف بطانة الأمعاء، خاصةً مع تناول الأطعمة الغنية بالجلوتين كالخبز أو المعكرونة المصنوعة من القمح، التي يُعادِيها جسم المُصاب بهذا المرض.
هل يمكن أن تعاني من مرض "سيلياك" دون أن تشعر؟ لماذا إذن لا تظهر الأعراض؟ وكيف يمكن كشفه والتعامل معه مبكرًا؟
ما أنواع مرض سيلياك؟
يحدث مرض "سيلياك" عندما يشرع الجسم في مهاجمة الأمعاء عند وصول "الجلوتين" إليها عبر أنواعٍ مُعيّنة من الطعام، كالخبز والمعكرونة وغيرها، بما يُؤدِّي إلى ألم البطن أو الانتفاخ أو غيره من أعراض الجهاز الهضمي، إلى جانب أعراض أخرى غير مرتبطة بالجهاز الهضمي، كالإرهاق وفقر الدم وآلام المفاصل.
وينقسم مرض سيلياك إلى عِدّة أنواع:
1. مرض سيلياك الكلاسيكي:
هو الأكثر شيوعًا وشهرة، ويُسبِّب بعض الأعراض، مثل:
- الإسهال المزمن.
- ألم البطن.
- الانتفاخ.
- فقدان الوزن دون سببٍ واضح.
ورغم أنّ الاضطرابات الهضمية المصاحبة لمرض "سيلياك الكلاسيكي" يسهل كشفها، لكنّ العديد من الأشخاص المُصابِين بهذا النوع لا يتم تشخيصهم، خاصةً أنّ أعراض هذا المرض عادةً ما تكون خفيفة، كما تتشابه مع بعض الاضطرابات الأخرى، مثل متلازمة القولون العصبي.
2. مرض سيلياك غير الكلاسيكي:
يُعدّ مرض "سيلياك" عمومًا من اضطرابات المناعة الذاتية، لذا يمكن أن يؤثر في أي من أجهزة الجسم، وليس فقط الجهاز الهضمي، لذا تشمل أعراض مرض "سيلياك غير الكلاسيكي":
- فقر الدم.
- القلق أو الاكتئاب.
- التهاب وآلام المفاصل.
- ضبابية التفكير.
- التعب.
- التهاب الجلد الهربسي الشكل.
- الصرع.
- الصداع أو الصداع النصفي.
- تنميل أو وخز في اليدين أو القدمين.
- هشاشة العظام.
3. مرض سيلياك الصامت:
مرض "سيلياك الصامت"، الذي يُسمّى أيضًا بـ"مرض سيلياك دون أعراض"، لا يشعر معه المُصاب بأي أعراض، ما يجعل من الصعب كشفه!
ولأنّ مرض "سيلياك" يمكن أن ينتشر في العائلات، فقد يفحصك الطبيب إذا كان لديك قريب من الدرجة الأولى مصابًا بهذا المرض، فهذه هي الطريقة الأساسية لكشف مرض "سيلياك الصامت".
أو قد يكون المرء مُصابًا بمشكلة أخرى، مثل مرض الغدة الدرقية أو فقر الدم، وربّما يُوصِيهم الطبيب بإجراء اختبارات لفحص ما إذا كانوا مُصابين بمرض "سيلياك" أم لا، ما يؤدي إلى اكتشافه.
وإذا شَخَّص الطبيب المريض بمرض "سيلياك الصامت"، فمن المهم التزام النظام الغذائي الخالي من الجلوتين، حتى لو لم يكُن يُعانِي المريض من أي أعراض، لأنّ المرض لا يظل صامتًا إلى الأبد، بل يُسبِّب أضرارًا في الأمعاء حتى لو لم تكُن تشعر بها.
اقرأ أيضًا: طبيب أعصاب يكشف الفرق بين الصداع الطبيعي وكونه علامة لمرض خطير
4. مرض سيلياك المُستعصِي:
نوع نادر من "مرض سيلياك"، ولا تتحسّن معه حالة المريض مع اتّباع نظامٍ غذائيٍ صارم خالٍ من الجلوتين، بل قد يحتاج إلى نظام غذائي سائل خاص وبعض الأدوية.
ويُشخّص المرضى بهذا النوع من مرض "سيلياك" إذا كان هناك تلف مرئي في الأمعاء، على الرغم من مرور 6 - 12 شهرًا من تجنّب الجلوتين، فمع الأنواع الأخرى لمرض "سيلياك"، تتحسّن حالة الأمعاء بعد مرور 6 أشهر من تجنّب الجلوتين، وهو ما لا يحدث مع مرض "سيلياك المُستعصِي".
لماذا لا تظهر أي أعراض لمرض سيلياك الصامت؟
ثمّة العديد من النظريات التي تُفسِّر لماذا لا يُعانِي بعض الأشخاص أي أعراضٍ رغم إصابتهمم الفعلية بمرض "سيلياك"، ومن أهم هذه النظريات:
- وجود الأعراض بالفعل لكن دون ملاحظتها: يُعتقَد أنّ الأشخاص الذين يُعانُون مرض "سيلياك الصامت"، لديهم أعراض المرض، لكن دون أن يدركوا ذلك، ففي كثيرٍ من الأحيان يشعرون بتحسّن بعد اتباع نظام غذائي خال من الجلوتين، ويدركون حينها فقط أنّه كانت هناك أعراض سابقًا.
- كثير من أعراض مرض سيلياك لا تزال مجهولة: أشارت مراجعة نشرت عام 2019 في "BMC Medicine"، إلى أنّ عدد المُصابِين بمرض "سيلياك" أكثر مما كان يُعتقَد في الأصل، وفي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، زاد عدد الأشخاص المصابين بمرض سيلياك خمسة أضعاف بين عامي 1975 و2000.
- أبحاث غير كافية: يتعلّم الباحثون ومقدّمو الرعاية الصحية كل يوم عن مرض "سيلياك"، خاصةً مع تطوّر الأبحاث السريرية، ويكتشفون باستمرار طرقًا متنوعة يظهر بها المرض، لذا فمن المحتمل أن يكون العديد من الأشخاص مُصابين بالفعل بمرض "سيلياك"، لكن المجتمع الطبي ليس على دراية بعد بجميع الأعراض المرتبطة بالمرض.
هل هناك أي أعراض قد تُفصِح عن مرض سيلياك الصامت؟
عادةً لا يُبلِغ المصابون بمرض "سيلياك الصامت" أي أعراضٍ مرتبطة بالمرض، ومع ذلك فعند فحصهم، كانت هناك بعض المؤشرات، مثل:
- فقر الدم الناجم عن نقص الحديد.
- ضعف وظائف الكبد.
- هشاشة العظام.
لكن هذه العلامات غير محصورة في مرض "سيلياك"، بل قد تكون دليلاً أحيانًا على مشكلات أخرى.
ورغم غياب أي من العلامات الأخرى لمرض "سيلياك" عمومًا، لكن الأشخاص المُصابِين بمرض "سيلياك الصامت" غالبًا ما تكون لديهم علامات تلف الأمعاء عندما يفحص الطبيب الجهاز الهضمي بالمنظار.
ما أسباب الإصابة بمرض سيلياك؟
قد تُسهِم بعض العوامل في حدوث مرض "سيلياك"؛ أيًا كان نوعه، ومن أبرز تلك العوامل:
1. الجينات:
يحدث مرض "سيلياك" غالبًا لدى الأشخاص الذين لديهم واحد من المتغيرات الجينية "DQ2" أو "DQ8، وغالبًا لا يصاب الأشخاص الذين ليس لديهم أي متغير جيني من هذين المرتبطين بمرض "سيلياك".
ولا يعني وجود الجينات حتمية الإصابة بالمرض؛ إذ إن 3% فقط مِمن يمتلكون أحد هذه المتغيرات الجينية يُعانُون مرض "سيلياك"، من بين 30% لديهم هذه المتغيّرات الجينية.
اقرأ أيضًا: «حساسية القمح».. ما هي أعراض المرض؟ وكيف يمكنك التعامل معه؟
2. اضطراب المناعة الذاتية:
يحدث مرض "سيلياك"، بسبب استجابة الجهاز المناعي الشديدة تجاه الجلوتين؛ إذ يرسل الجهاز المناعي أجسامًا مضادة وخلايا مناعية للقضاء على الجلوتين، مما قد يُؤدِّي إلى تلف بطانة الأمعاء الدقيقة.
3. عوامل أخرى:
قد تزيد بعض العوامل الأخرى خطر الإصابة بمرض "سيلياك"، حسب "Cleveland Clinic"، مثل:
- إصابة أحد الأقارب بمرض "سيلياك".
- المعاناة من اضطراب كروموسومي، مثل "متلازمة داون" أو "متلازمة تيرنر".
- المعاناة من مرض مناعي ذاتي آخر، مثل مرض السكري من النوع الأول أو "التهاب المفاصل الروماتويدي".
هل يمكن كشف مرض سيلياك الصامت؟
نعم، بالطبع يمكن كشف مرض "سيلياك الصامت"، لكن إذا كان شخص ما في عائلتك مُصابًا بمرض "سيلياك"، فقد يكون التحدّث إلى طبيبك مفيدًا لمعرفة الاختبارات اللازمة، للتأكّد من عدم إصابتك بالمرض، مثل:
1. الاختبارات الجينية:
قد يُوصِي الطبيب بأخذ عينة دم أو يستخدم مسحة لجمع الخلايا من داخل الخد، لاختبار مجموعة من المتغيرات الجينية على العينة، مثل "DQ2" و"DQ8"، فإذا لم يكُن لديك هذه المتغيرات الجينية، فغالبًا لن تكون مصابًا بمرض "سيلياك".
أمّا وجود هذه المتغيرات الجينية، فقد يعني أنّ هناك فرصة للإصابة بهذا المرض، ومِنْ ثَمّ قد يُجرِي الطبيب فحوصات إضافية للتحقّق من وجود المرض من عدمه.
2. أخذ عينة من الأمعاء الدقيقة:
يحصل الطبيب على خزعة أو عينة من الأمعاء الدقيقة أثناء استخدام المنظار داخل الجهاز الهضمي، إذ تُفحَص الأنسجة تحت المجهر للبحث عن علامات مرض "سيلياك"، الذي يُتلِف بطانة الأمعاء.
اقرأ أيضًا: هل تعرف النظام الغذائي الخالي من الجلوتين؟ إليك أسبابه وتفاصيله وأضراره
3. اختبارات الدم:
قد تُستخدَم عينة الدم في قياس مستويات أجسام مُضادة مُعيّنة، فإذا كانت مرتفعة، دلّ ذلك على الإصابة بمرض "سيلياك"، كما تُساعِد هذه الاختبارات أيضًا على كشف بعض المشكلات الصحية المرتبطة بالمرض، مثل فقر الدم أو غيره.
علاج مرض سيلياك
يعتمد علاج مرض سيلياك"، سواء كان صامتًا كان أم مصحوبًا بأعراض، على اتّباع نظامٍ غذائي خالٍ من الجلوتين؛ إذ تتحسّن الأعراض وحالة الأمعاء كثيرًا مع تقليل هذه المادة في النظام الغذائي بالنسبة للمُصابِين، وفيما يلي قائمة بالأطعمة المسموحة والممنوعة في النظام الغذائي الخالي من الجلوتين:
- الأطعمة الممنوعة:
لا يُسمَح بتناول الأطعمة الغنية بالجلوتين، لأنّها تزيد تلف الأمعاء، حتى إذا كان المرض صامتًا ولا يُظهِر أعراضًا بعد، والمصدر الرئيس للجلوتين القمح ومشتقاته، وعمومًا تضمّ الأطعمة الغنية بالجلوتين، التي يُنصَح بتقليل تناولها:
- القمح.
- الشعير.
- الجاودار.
- الخبز المصنوع من القمح.
- معكرونة القمح.
- الحبوب.
- المخبوزات.
- صلصة الصويا.
- البيتزا (إلّا إذا كانت خالية من الجلوتين).
- الأطعمة المسموحة:
ويُسمَح بتناول الأطعمة الخالية من الجلوتين، التي تُساعِد على تقليل تلف الأمعاء، مثل:
- اللحوم والدواجن.
- الأسماك.
- البيض.
- منتجات الألبان غير المُنكهة.
- الفواكه.
- الخضراوات.
- الكينوا.
- الأرز.
- الحنطة السوداء.
- الذرة.
- دقيق البطاطس أو الحمص أو الذرة أو جوز الهند.
- البذور والمكسرات.
- الزيوت النباتية.
- الزبدة.
- التوابل والأعشاب، مثل الكركم والفلفل الأسود وغيرها.
وقد يُوصِي الطبيب ببعض المكملات الغذائية إلى جانب ذلك، خاصةً في حالة سوء التغذية بسبب مرض "سيلياك".
