عبدالله المغلوث: جاكوزي
رأي 20 مارس 2014
الرجل-دبي:
عبدالله المغلوث*
قد يتبادر إلى أذهاننا أن حمام الجاكوزي مشروع تبناه رجل أعمال ثري نحو مزيدا من الرفاهية له ولمحبيه. لكن الواقع خلاف ذلك تماما.
لقد تم اختراع حمام الجاكوزي عام 1948، عن طريق الأمريكي، من أصل إيطالي، كاندينو جاكوزي؛ لعلاج ابنه كيث (15 شهرًا) المصاب بالتهاب المفاصل. فقام بصنع أنبوب تخرج منه موجات مياه دافئة و آخر تتدفق منه موجات باردة؛ لفك التشنجات والأعراض العصبية وأوصله بحوض استحمام الطفل.
ولم يكن يعلم كاندينو أنه بهذا الاختراع سيساهم في علاج ابنه ويجعل اسم عائلته جزء من منازل وفنادق ومراكز صحية في أنحاء العالم.
أدخل كاندينو اسم عائلته في قواميس عشرات من اللغات الحية.
إن هذا الاختراع يجسد أن الكثير من الأعمال والمنتجات والمشاريع الخالدة ولدت من رحم المعاناة والألم.
علينا أن نسترجع هذه القصص عندما تكاد توقفنا تحديات أو عقبات في طريقنا إلى أحلامنا. فكلما زادت العراقيل ازدادت رقعة النجاح.
سيشفى المرء من مشاكله وسيحظى بنجاح وافر لا يقاس ولا يحصى شريطة أن يواصل العمل دون أن يقنط أو ييأس.
اضطر كاندينو جاكوزي إلى التضحية بفرص وظيفية مغرية واستدان من أجمل أن يكمل مشروعه غير واضح المعالم.
قال له أحد أشقائه:"لست طبيبا لتعالج ابنك. وفر مالك وطاقتك".
لم يصغِ إليه كاندينو مواصلا محاولاته لايقاظ مفاصل ابنه بمثابرة وجهد كبيرين.
استطاع كاندينو بالجلد والصبر أن يحول ما كان صعبا ومستحيلا إلى واقع يتدفق وينبض.
الأفكار العظيمة ليست التي نتداولها أو نلوكها، وإنما التي نجهلها أونقلل من شأنها وأثرها وتأثيرها.
لا يمكن أن نعرف قيمة الأشياء إلا عندما نلمسها ونتصفحها. من يحاكم الأفكار مسبقا كمن يسجنك دون ذنب.
ربما تكون التحديات أكبر من تخطيها. لكن نموت ونحن نكافح في سبيل الوصول إلى أهدافنا خير ألف مرة من الموت ونحن نستلقي على آرائكنا. وحدنا من يحدد أن يموت ميتة الفرسان أو ميتة الجبناء، الذين يخافون من المجازفة والمغامرة.
نقش التاريخ جاكوزي وغيره من المناضلين من أجل مشاريعهم النبيلة وذرت الرياح الكثير من الأسماء، التي تخلت عن أهدافها وباعتها بثمن بخس.
إن الأبطال لا يتذكرون لحظات الشقاء والعناء، وإنما لحظات التتويج والصعود إلى المنصات؛ لتدفعهم إلى نجاحات جديدة وبطولات أكبر وأشهى.
علينا أن نؤمن أن نقش أسمائنا على جسد التاريخ يتطلب ألما طويلا. فالإبرة قد توجعك لكنها تداويك وتوقف نزفك. تمنحك سلام يقودك إلى انتصار مدو ينسيك الجراح ويكتبك بطلا.
