دم المعمّرين يكشف أسرارًا خفية لطول العمر الصحي
نشر موقع "ساينس ألرت" العلمي تقريرًا علميًا جديدًا، سلّط الضوء على نتائج أبحاث حديثة، نُشرت مؤخرًا، تكشف أن دم المعمّرين الفائقين يحمل بصمات بيولوجية نادرة قد تفسّر قدرتهم على العيش فترات طويلة بصحة أفضل، ما يعيد فتح ملف أسرار طول العمر من زاوية علمية غير مسبوقة.
ويشير التقرير إلى أن العلماء باتوا ينظرون إلى دم من تجاوزوا سن المئة، ولاسيما من بلغوا 110 أعوام، بوصفه كنزًا بحثيًا قد يقود إلى فهم أعمق لآليات الشيخوخة الصحية.
ويقول الموقع العلمي إنه أظهرت دراسات متراكمة أن هؤلاء يمتلكون أنماطًا مميزة من المؤشرات الحيوية، تبدأ بالظهور في وقت مبكر نسبيًا، وتحديدًا منذ منتصف الستينيات من العمر.
بصمات دموية تسبق الشيخوخة
وفق ما أورده التقرير، يبدأ المعمّرون بإظهار مؤشرات إيجابية في الدم قبل عقود من بلوغهم أعمارًا متقدمة، تشمل توازنًا أفضل في التمثيل الغذائي ومستويات أدنى من الدهون الضارة.
ورغم أن العلاقة الدقيقة بين هذه البصمات والجينات أو نمط الحياة لم تُحسم بعد، فإنها قد تلعب دورًا وقائيًا ضد الأمراض المرتبطة بالتقدم في السن.
وسلّط "سانس ألرت" الضوء على دراسة إسبانية حديثة أجراها فريق من العلماء في معهد جوزيب كاريراس لأبحاث سرطان الدم في برشلونة تناولت الحالة الفريدة للمعمّرة ماريا برانياس، التي عاشت حتى 117 عامًا.
وأظهرت تحاليل دمها جهازًا مناعيًا أكثر كفاءة من المتوقع، إلى جانب مستويات منخفضة للغاية من الكوليسترول الضار، فيما بدت خلاياها وكأنها أصغر من عمرها الحقيقي بكثير.
المثير للاهتمام، بحسب التقرير، هو ملاحظة تآكل كبير في تيلوميرات برانياس، وهي الأغطية الواقية لنهايات الكروموسومات، وهو أمر عادة ما يُربط بارتفاع مخاطر الوفاة.
غير أن أبحاثًا أخرى تشير إلى أن قِصر التيلوميرات لدى المعمّرين الفائقين قد لا يكون مؤشرًا سلبيًا، بل ربما أسهم في تقليل فرص تكاثر الخلايا السرطانية.
الغذاء والميكروبيوم في معادلة طول العمر
وفي سياق متصل، استعرض التقرير دراسة صينية أجراها باحثون من جامعة هوا تشونغ للعلوم والتكنولوجيا، في ووهان بالصين، حلّلت عينات دم لعشرات المعمّرين، كشفت عن انخفاض مستويات الأحماض الدهنية ومستقلبات أخرى مقارنة بفئات عمرية أصغر.
ويرى الباحثون أن هذه الفروقات قد تشكّل أساسًا لتطوير "ساعات طول عمر" تعتمد على تحليل الدم للتنبؤ بمسار الشيخوخة.
التقرير شدد كذلك على دور التغذية، إذ ترتبط كثير من المؤشرات الأيضية بنوعية الغذاء، وكانت برانياس، على سبيل المثال، تتبع نظامًا غذائيًا متوسطيًا غنيًا بالزبادي، ما انعكس على ميكروبيوم أمعائها الذي بدا أكثر شبابًا من المعتاد.
ويخلص تقرير "سانس ألرت" إلى أن دم المعمّرين الفائقين قد يساعد العلماء مستقبلًا في التمييز بين من يتقدمون في العمر بوتيرة سريعة وآخرين يتمتعون بشيخوخة صحية، تمهيدًا لتطوير تدخلات دوائية أو غذائية تحسّن جودة الحياة مع التقدم في السن، حتى وإن لم يكن هناك حتى الآن اختبار واحد قادر على التنبؤ الدقيق بطول العمر.
