الخيانة الرقمية: "لايك" ينهي الزواج! حكم قضائي يثير الجدل في تركيا
أصدرت محكمة النقض العليا في تركيا (Yargıtay) حكمًا قضائيًا غير مسبوق، قضت فيه بأن تكرار الإعجاب بصور نساء أخريات على وسائل التواصل الاجتماعي يُعد خرقًا لواجب الوفاء الزوجي المنصوص عليه في القانون المدني، ويشكل سببًا قانونيًا كافيًا للطلاق، في قضية وُصفت بأنها سابقة تشريعية حول مفهوم "الخيانة الرقمية".
تأثير السوشيال ميديا على الزواج
القضية بدأت في مدينة قيصري وسط تركيا، عندما رفعت سيدة تُعرف بالأحرف الأولى HB دعوى قضائية ضد زوجها SB، متهمة إياه بإهانتها وإذلالها علنًا عبر تفاعله المتكرر مع صور نساء أخريات على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال الإعجابات والتعليقات ذات الطابع الغزلي.
وقدم محامو الزوجة دعاوى قانونية أكدت أن تصرفات الزوج تشكل خيانة لواجب الإخلاص الزوجي المنصوص عليه في القانون المدني التركي، مطالبين بتعويض مادي ومعنوي عن الضرر اللاحق بموكلتهم.
أما الزوج SB، فأنكر جميع الاتهامات ورفع دعوى مضادة للطلاق، زاعمًا أن زوجته أهانت والده وأن غيرتها المفرطة ألحقت ضررًا بسمعته الاجتماعية.
المحكمة المحلية في قيصري وجدت أن الزوج هو الطرف الأكثر خطأ، مشيرةً إلى أن سلوكه لم يكن تصرفًا فرديًا بل ممارسة متكررة وعلنية على الإنترنت.
وبالنظر إلى مجريات القضية، قضت المحكمة بإلزام الزوج بدفع نفقة شهرية قدرها ألف ليرة تركية (نحو 33.79 دولارًا أمريكيًا) لزوجته، بالإضافة إلى تعويض مالي قيمته 60 ألف ليرة تركية (قرابة 2,027.33 دولارًا أمريكيًا)، مشددةً في حكمها على أن السلوكيات الإلكترونية لا تُعد تصرفات عابرة، بل قد تمس جوهر العلاقة الزوجية واستقرارها.
الزوج استأنف الحكم أمام محكمة النقض العليا (Yargıtay) بدعوى أن المبالغ المفروضة مبالغ فيها، غير أن المحكمة العليا رفضت استئنافه وأيدت الحكم بالكامل، مثبتة أن الإعجاب المتكرر بصور نساء أخريات على الإنترنت يُعد انتهاكًا صريحًا للوفاء الزوجي في ضوء القانون التركي.
ما هي "الخيانة الرقمية"؟
القرار أثار جدلاً مجتمعيًا واسعًا في تركيا، إذ اعتبره البعض خطوة لحماية الروابط الأسرية وإعادة ضبط حدود السلوك عبر الإنترنت، فيما رأى آخرون أنه تدخل مفرط في الحياة الخاصة.
وحذّر محامون أتراك من أن الرسائل، الصور، ولقطات الشاشة الرقمية قد تُستخدم مستقبلًا كأدلة أساسية لإثبات الخطأ في قضايا الطلاق، خاصة بعد هذا الحكم الذي أقرّته أعلى جهة قضائية مدنية في البلاد.
جاء القرار القضائي متزامنًا مع تحذيرات من خبراء العلاقات الأسرية الذين لفتوا إلى ارتفاع الخلافات الزوجية خلال موسم الأعياد بسبب ما يُعرف بـ"الخيانة الدقيقة" أو Micro-cheating، وهي مجموعة من السلوكيات البسيطة ظاهريًا، مثل التفاعل المتكرر أو الغزلي مع الغرباء عبر الإنترنت، إلا أنها قد تؤدي إلى زعزعة الثقة بين الزوجين بمرور الوقت.
ويشير مختصون إلى أن مؤشرات "الخيانة الرقمية" تشمل زيادة السرية في استخدام الهاتف، حذف الرسائل، أو الدفاع المستمر عن السلوك الإلكتروني بحجة "البراءة"، مؤكدين أن تلك السلوكيات، وإن لم تصل إلى خيانة فعلية، فإنها تضعف الروابط العاطفية على المدى الطويل.
كما حذّرت جمعيات متخصصة بالعلاقات الأسرية من أن فترة عيد الميلاد ورأس السنة تمثل ذروة التوتر داخل العلاقات الزوجية في تركيا والعالم، حيث تتزايد الحفلات والاختلاط والنشاط على وسائل التواصل، ما يجعلها بيئة خصبة للنزاعات المرتبطة بالغيرة والشك.
