العلم يشرح: لماذا لا نستطيع مقاومة الحلوى بعد الشبع؟
الإقبال على تناول الحلوى بعد وجبة طعام دسمة ليس سلوكًا عشوائيًا، بل استجابة طبيعية ناتجة عن تفاعل بين إشارات الدماغ والجهاز الهضمي، وترتبط هذه الظاهرة بآليات فسيولوجية ونفسية تجعل الطعام الحلو مغريًا حتى بعد الإحساس بالشبع.
أسباب تناول الحلوى بعد وجبة طعام
تشير الدراسات المنشورة في موقع ScienceDirect إلى أن المعدة ليست محدودة السعة كما يظن البعض، بل قادرة على التمدد من خلال عملية تعرف باسم الاستيعاب المعدي، حيث تسترخي عضلاتها لتستوعب مزيدًا من الطعام دون زيادة كبيرة . وتوضح الأبحاث أن الحلويات اللينة وسهلة الهضم مثل الكعك والمثلجات لا تجهد المعدة، لذلك يسهل تناولها بعد وجبة كاملة.
أما دراسات مجلة PubMed فقد أوضحت أن الرغبة في تناول الحلوى ترتبط بما يسمى (Hedonic Hunger)، وهو الشعور بالرغبة في الأكل لأجل اللذة وليس الحاجة. فعند تناول الطعام الحلو، ينشط الدماغ نظام الدوبامين المسؤول عن الإحساس بالمكافأة، ما يدفع الشخص لتناول المزيد رغم عدم حاجته للطعام.
وبيّنت الأبحاث أن الدماغ يفقد تدريجيًا اهتمامه بالطعام المتكرر أثناء الوجبة، وهي ظاهرة تُعرف بـ (Sensory-Specific Satiety). وعند تقديم الحلوى المختلفة في الطعم والقوام، يُعاد تنشيط مراكز المتعة في الدماغ، مما يفسر قدرة الشخص على تناول "قطعة حلوى صغيرة" بعد الأكل مباشرة.
وفي دراسات أخرى نشرت في Nature Metabolism، تبين أن الإحساس بالامتلاء لا يحدث فورًا بعد الوجبة، إذ تحتاج الهرمونات المنظمة للشبع مثل GLP-1 وPeptide YY من 20 إلى 40 دقيقة لتصل إشارتها إلى الدماغ، وهي الفترة التي غالبًا تُقدَّم فيها أطباق الحلوى، مما يزيد فرص تناولها.
وأكدت التقارير أن العوامل الاجتماعية تلعب دورًا رئيسيًا في هذه الظاهرة، فالحلوى ارتبطت منذ الطفولة بالاحتفالات والمكافأة، كما أن وجودها في المناسبات العائلية يعزز مشاعر الراحة والبهجة، ما يجعل تناولها جزءًا طبيعيًا من التجربة الاجتماعية.
ويشير الخبراء إلى أن هذا السلوك لا يُعد ضعفًا أمام الإغراء، بل استجابة طبيعية متأصلة في تفاعل الجسد والعقل، مدعومة بإشارات فسيولوجية ونفسية تجعل الإنسان مهما شعر بالشبع يجد دومًا مساحة صغيرة للحلوى.
