ما علاقة أهدافك في الحياة بالوقاية من الاكتئاب؟ دراسة توضّح
كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة الأبحاث النفسية Journal of Psychiatric Research أن الغرض من الحياة يشكل عاملاً نفسيًا حاسمًا في الوقاية من الاكتئاب بين المراهقين خلال انتقالهم إلى مرحلة الشباب، مشيرة إلى أن تنمية هذا الإحساس المبكر قد يكون وسيلة فعّالة لتحسين الصحة النفسية دون اللجوء إلى الأدوية.
وتؤكد الدراسة أن السنوات الفاصلة بين المراهقة وبداية الشباب تتسم بعدم الاستقرار والضغوط الاجتماعية، وهو ما يجعلها فترة حرجة ترتفع فيها معدلات الاكتئاب.
ويشير الباحثون إلى أن الشعور بوجود غرض من الحياة يمنح المراهقين إحساسًا بالمعنى والتوجيه، مما يقلل احتمالية تعرضهم لأعراض الاكتئاب الناتجة عن الارتباك العاطفي أو التغيرات الاجتماعية.
وقاد فريق البحث الأستاذة أنجلينا سوتين من كلية الطب بجامعة فلوريدا ستيت، حيث أوضحت أن نتائج الدراسة جاءت لتؤكد أن "المراهقين الذين يشعرون بوجود غرض واضح في حياتهم، أقل عرضة لتطوير الاكتئاب أثناء انتقالهم إلى مرحلة البلوغ".
فوائد الإحساس بالهدف
واعتمدت الدراسة على بيانات من استطلاع "الانتقال إلى مرحلة البلوغ" ضمن مسح Panel Study of Income Dynamics، الذي يتابع الأفراد والعائلات لسنوات طويلة بهدف رصد العلاقة بين العوامل الاجتماعية والنفسية والصحية.
وشملت العينة 2821 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 17 و19 عامًا، وتمت متابعتهم لمدة عشر سنوات حتى بلوغهم سن 28.
وأظهرت النتائج أن المراهقين الذين سجلوا مستويات أعلى من الإحساس بوجود غرض واضح في حياتهم، تقل لديهم احتمالات الإصابة بالاكتئاب لاحقًا بنسبة تصل إلى 35%، إذ تبين أن كل ارتفاع ملموس في هذا الإحساس يقابله انخفاض واضح في خطر التعرض للاكتئاب خلال سنوات البلوغ.
وبحسب سوتين، "يُظهر هذا التحليل أن وجود غرض في الحياة لا يحمي فقط البالغين في منتصف العمر، بل يمتد أثره الوقائي منذ المراهقة وحتى الحياة الراشدة".
وأظهرت النتائج أن التأثير الإيجابي للغرض من الحياة لا يختلف بين الجنسين أو الأعراق أو المستويات الاقتصادية، مما يشير إلى أن الإحساس بالهدف يمثل موردًا نفسيًا عالميًا لحماية الصحة النفسية.
كما أوضحت التحليلات أن العلاقة ظلت ثابتة حتى بعد احتساب عوامل مثل العمر، الجنس، والخلفية الاجتماعية.
ويرى الباحثون أن الغرض من الحياة يمنح الشباب ما يشبه "الدعامة النفسية" التي تساعدهم على تجاوز الأزمات بثقة، إذ يدفعهم التركيز على الأهداف طويلة الأمد إلى التعامل مع التحديات اليومية بمرونة أكبر.
كما يرتبط هذا الإحساس بتنظيم أفضل للمشاعر وعلاقات اجتماعية أقوى وممارسات حياتية صحية تقلل مخاطر الاضطرابات النفسية.
ورغم أن الدراسة لم تثبت علاقة سببية مباشرة، فقد دعت سوتين إلى إجراء أبحاث مستقبلية لتطوير تدخلات نفسية تركّز على تعزيز الإحساس بالهدف لدى المراهقين، مؤكدة أن "تنمية الغرض من الحياة قد تكون وسيلة بسيطة وغير دوائية لحماية الشباب من الاكتئاب في السنوات الحاسمة من نموهم النفسي والاجتماعي".
