لماذا يحتاج المدخنون الممتنعون جرعات أعلى من المسكنات بعد الجراحة؟ دراسة تجيب
أفادت دراسة علمية حديثة بأن المدخنين الممتنعين عن التدخين مؤقتًا يعانون ارتفاعًا ملحوظًا في حساسية الألم أثناء فترة الانسحاب من النيكوتين، ما يزيد حاجتهم إلى جرعات أكبر من المسكنات عقب العمليات الجراحية، وبشكل خاص الأدوية الأفيونية.
وأجرى البحث فريق علمي صيني بإشراف الدكتور «تشيه جي لو» من مستشفى جامعة فودان، والدكتور «كاي وي» من مستشفى Shanghai Eastern Hepatobiliary Surgery Hospital، ونُشرت نتائجه في مجلة JNeurosci.
وتركزت الدراسة على تحليل أنماط نشاط الدماغ التي تُظهر العلاقة المباشرة بين انسحاب النيكوتين وازدياد الاستجابة العصبية المرتبطة بالألم.
تغيرات دماغية تربط الانسحاب بحس الألم
شملت الدراسة ستين مشاركًا، نصفهم من المدخنين الممتنعين مؤقتًا عن التدخين، والنصف الآخر من غير المدخنين. وكشفت النتائج أن المجموعة الأولى أظهرت نشاطًا غير اعتيادي في مناطق محددة من الدماغ المسؤولة عن معالجة الألم، ما انعكس بزيادة حاجتهم إلى كميات أكبر من المسكنات بعد العمليات الجراحية، خصوصًا من فئة المواد الأفيونية.
كما أظهر التحليل وجود علاقة طردية بين مدة الامتناع عن التدخين وشدة الإحساس بالألم؛ فكلما طالت فترة الانقطاع، ازدادت الاستجابة العصبية المرتبطة بالألم داخل مناطق دماغية معينة.
وأكد الباحثون أن هذا التأثير مؤقت، إذ يقتصر على الأسابيع الأولى من الإقلاع، لتعود الحساسية تدريجيًا إلى حدودها الطبيعية بعد نحو ثلاثة أشهر. كذلك توصل الفريق إلى تمايز واضح بين المناطق الدماغية المعنية بإدراك الألم وتلك المسؤولة عن متطلبات الرعاية اللاحقة للجراحة، مما يفسر اختلاف استجابات المرضى خلال فترات الامتناع القصيرة.
وأشار الدكتور كاي وي إلى أن الهدف من الدراسة لا يتمثل في تثبيط عزيمة المدخنين عن الإقلاع قبل العمليات الجراحية، بل في فهم الآليات العصبية الدقيقة التي تؤدي إلى ازدياد حساسية الألم خلال فترات الامتناع القصيرة، بهدف تطوير استراتيجيات علاجية أكثر فاعلية تقلل الاعتماد على المسكنات الأفيونية بعد الجراحة.
وفي ضوء النتائج، بدأ الفريق البحثي دراسة مواد مسكنة بديلة قد تكون أكثر فاعلية للمدخنين الممتنعين، إضافةً إلى بحث جدوى علاجات بديلة تحتوي على النيكوتين قبل العمليات للمساعدة في تقليل الألم بعد الجراحة دون التراجع عن قرار الإقلاع.
