ابتكار طبي جديد: أصغر غرسة دماغية في العالم تسجل النشاط العصبي لاسلكيًا
في خطوة تُعيد تعريف حدود التكنولوجيا الحيوية، طوّر باحثون من جامعة كورنيل الأمريكية وجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة غرسة عصبية فريدة، بحجم 300 × 70 ميكرون فقط، أي أصغر من حبة ملح، تُعرف اختصارًا باسم MOTE (القطب الكهربائي البصري الإلكتروني المجهري).
يمكن لهذه الغرسة تسجيل نشاط الدماغ الكهربائي ونقله لاسلكيًا عبر الضوء، دون الحاجة إلى أسلاك أو مصادر طاقة خارجية، مما يجعلها أول نظام من نوعه قادر على العمل لفترة تتجاوز عامًا كاملًا داخل كائن حي.
نُشرت الدراسة في مجلة Nature Electronics في 3 نوفمبر 2025، لتُظهر أن هذا النوع من الأجهزة يمكن أن يُحدث تحولًا جذريًا في مجالات مثل الاستشعار العصبي الدقيق والطب التجديدي، بل وحتى التفاعل العصبي مع الأجهزة الإلكترونية الذكية.
رصد الإشارات العصبية بدقة غير مسبوقة
يعتمد جهاز MOTE على مزيج من أشعة الليزر الحمراء وتحت الحمراء، التي تمر عبر أنسجة الدماغ دون ضرر، ويحوّل ثنائي شبه الموصل المصنوع من زرنيخيد الغاليوم والألومنيوم طاقة الضوء إلى كهرباء لتشغيل الجهاز، ثم يُعيد إرسال البيانات عبر نبضات ضوئية مشفرة بنفس الطريقة المستخدمة في الاتصالات بالأقمار الصناعية.
يحتوي الجهاز أيضًا على مُضخّم منخفض الضوضاء، ومُشفّر بصري تم تصميمهما بتقنيات أشباه الموصلات نفسها المستخدمة في رقائق الهواتف الذكية.
اقرأ أيضا: هل اقتربنا من صنع دماغ إلكتروني؟ خلية عصبية ثورية تغيّر مستقبل الحوسبة
وقال البروفيسور أليوشا مولنار من جامعة كورنيل: "يُعد MOTE أصغر غرسة عصبية تُسجل النشاط الكهربائي في الدماغ وتُرسله لاسلكيًا، باستخدام أقل قدر ممكن من الطاقة".
مستقبل المراقبة العصبية
اختُبر الجهاز أولًا على خلايا عصبية في المختبر، ثم زُرع في القشرة البرميلية لبعض الحيوانات، وهي المنطقة المسؤولة عن الإحساس عبر الشعيرات.
واستطاع العلماء تسجيل إشارات عصبية دقيقة على مدى أكثر من 12 شهرًا، دون أي آثار جانبية تُذكر، بينما ظلت الحيوانات التي تجري عليها التجارب بصحة جيدة ونشطة.
وأشار مولنار إلى أن الهدف كان تطوير غرسة "صغيرة بما يكفي لتقليل التهيج المناعي في الدماغ، لكنها قوية بما يكفي لالتقاط النشاط العصبي في الزمن الحقيقي".
ويعتقد الفريق أن التقنية الجديدة قد تُستخدم مستقبلًا في رصد إصابات الدماغ أو الحبل الشوكي، بل وربما تُدمج في أجهزة تصوير بالرنين المغناطيسي لتوفير بيانات كهربية أثناء الفحص، وهو ما كان مستحيلًا مع الغرسات التقليدية.
ويضيف مولنار: "قد تكون هذه البداية لجيل جديد من الغرسات الذكية، التي تُمكّن الأطباء من فهم الدماغ دون تدخل جراحي كبير".
