لماذا التمارين وحدها لا تكفي لمزاج مستقر؟ دراسة تجيب
أظهرت دراسة مُحكّمة نُشرت في مجلة طب الدماغ، أن التمارين الرياضية قادرة على تخفيف جزءٍ معتبر من أعراض الاكتئاب والقلق الناجمة عن اتباع نظام غذائي غربي غني بالدهون والسكريات، لكنها لا تُبطل جميع الآثار السلبية، ما يؤكد أن النشاط البدني يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع نمط غذائي صحي لتحقيق أفضل مردود ذهني ونفسي.
اعتمدت التجربة التي أجراها باحثون من كلية كورك الجامعية الأيرلندية، على نموذج فئران شابة بالغة قُسّمت إلى مجموعات: نظام عادي مقابل "نظام الكافتيريا" الذي يعني أصناف عالية الدهون وأخرى عالية السكر، مع إتاحة عجلة جري لنصف المجموعات (نشِطة)، مقابل نصفٍ آخر خامل، وعلى مدى 7.5 أسابيع، سُجّلت قياسات للسلوك مؤشرات اكتئاب وقلق وإدراك مع تحاليل هرمونية وميكروبية.
هل تُحسّن الرياضة الاكتئاب المرتبط بالسمنة؟
النتائج بيّنت أن النظام الغربي رفع الوزن وكتلة الدهون وأطلق سلوكيات شبيهة بالاكتئاب لدى المجموعات الخاملة، بينما خفّضت التمارين تلك المظاهر وقلّصت سلوك القلق، مع تحسّن طفيف في التعلم المكاني حتى لدى متّبعي النظام العادي.
وعلى مستوى المسارات البيولوجية، أعادت الرياضة الأنسولين واللبتين نحو قيم أقرب للطبيعي، وهما هرمونان أيضيان يرتبط اضطرابهما بتدهور المزاج.
كما حدّت التمارين من الانخفاض المُسجّل في مستقلبات ميكروبية مهمّة (مثل الأنسيرين والإندول-3-كربوكسيلات والديوكسي إينوسين) داخل الأعور، وهي مركبات ترتبط بمضادّة الالتهاب وتنظيم الإشارات العصبية والمزاج.

مع ذلك، ظلّت بعض الآثار صامدة: فقد ارتفع FGF-21 (عامل نمو ليفي مرتبط بالأيض) لدى مجموعات "الكافتيريا"، سواء مارست الرياضة أم لا، ما يُبرز حدّ التمرين وحده في مواجهة كل تبعات نمطٍ غذائي فقير الجودة.
وعلى صعيد توليد العصبونات في الحُصين، وهي منطقة مهمة للذاكرة وتنظيم المزاج، زادت التمارين الخلايا العصبية الجديدة لدى متّبعي النظام العادي، لكن دون أثرٍ واضح لدى ذوي النظام غير الصحي، في إشارة إلى أن الرياضة تحتاج دعامة غذائية لتفعيل نمو عصبي يحسّن المزاج والذاكرة.
دور اللبتين والأنسولين في المزاج
قالت إيفون نولان، الباحثة الرئيسة من كلية كورك الجامعية الأيرلندية، إن النتائج تُظهر مسارات هرمونية وميكروبية مرشحة للوساطة بين التمرين والمزاج، لكنها شددت على الحاجة إلى تأكيدٍ بشريٍّ سريري.
وفي افتتاحية مُصاحبة، رأى خوليو ليسينيو وزملاؤه أن البدء بالحركة خطوة عملية أولى؛ إذ يُسهّل تحسّن النوم والدافعية لاحقًا، مع تبنّي تعديلات غذائية تدريجية أكثر واقعية.
اقرأ أيضا: كيف تساهم التمارين الرياضية في حماية الجسم من السكري؟
الخلاصة العملية أن التحرّك مفيد، لكنه ليس بديلًا عن الطبق الصحي، وأفضل إستراتيجية لمزاجٍ أقوى تقلّبًا هي ثنائية الرياضة والغذاء المتوازن، الذي يشمل ألياف أعلى، دهون مُشبعة وسكريات مضافة أقل، مع مكافحة الأطعمة فائقة المعالجة، في برنامج نشاط منتظم يجمع المشي السريع/الجري الخفيف وتمارين المقاومة مرتين أسبوعيًا.
