تحذير علمي جديد: الجلوس الطويل يغيّر بنية دماغك!
كشفت دراسة علمية جديدة أن الجلوس الطويل لفترات ممتدة يوميًا قد يؤدي إلى تراجع تدريجي في القدرات العقلية وضعف في الذاكرة، حتى بين الأشخاص الذين يحرصون على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ويلتزمون بالإرشادات الصحية الخاصة بالنشاط البدني.
وأكد الباحثون في الدراسة المنشورة في مجلة Alzheimer’s and Dementia أن الانتظام في ممارسة النشاط البدني يعزز وظائف الدماغ، ويدعم الذاكرة، ويرفع من مستويات التركيز والإنتاجية، كما يسهم في تحسين الحالة النفسية والتقليل من القلق والاكتئاب.
وغير أن نتائج الدراسة أوضحت أن هذه الفوائد، رغم أهميتها، لا تكفي لمعادلة الأضرار الناتجة عن الجلوس المطوّل، إذ إن قضاء ساعات طويلة دون حركة قد يؤدي إلى تغيّرات سلبية تمس البنية العصبية للدماغ وتؤثر في أدائه الوظيفي.
ويقول العلماء إن ممارسة التمارين المكثفة لا تمنح الدماغ حماية كافية من التأثيرات الممتدة للنمط الحياتي الخامل، ما يجعل تقليل فترة الجلوس خطوة ضرورية لحماية القدرات الإدراكية مع التقدّم في العمر.
تأثير فترات الجلوس الممتدة على الأداء المعرفي
شملت الدراسة 404 مشاركًا تجاوزت أعمارهم 50 عامًا، وارتدوا أجهزة تتبع ذكية لقياس مستوى النشاط اليومي والحركة على مدار أسبوع كامل.
وبعد متابعة المشاركين لمدة سبع سنوات، أجرى فريق البحث فحوصًا دقيقة للدماغ تضمنت الأشعة المقطعية واختبارات الذاكرة والوظائف المعرفية.
وتمثّلت المفاجأة في أن 87% من المشاركين استوفوا متطلبات النشاط البدني الموصى بها، أي 150 دقيقة أسبوعيًا من التمارين المعتدلة إلى الشديدة.
اقرأ أيضا: هل الجلوس الخاطئ يسرق نومك؟ خبراء يربطون بين "عنق التقنية" والأرق
ومع ذلك، أظهرت نتائج الفحوص أن من يقضون فترات أطول في الجلوس لديهم علامات أوضح على الضمور العصبي وتراجع الأداء الذهني مقارنة بغيرهم.
ورصد الباحثون أن منطقة الحُصين (الهيبوكامبس) في الدماغ – وهي المسؤولة عن الذاكرة والعواطف – شهدت ترققًا وتسارعًا في التدهور لدى من أمضوا وقتًا أطول جلوسًا، وهي المنطقة ذاتها التي تُظهر أولى مؤشرات الضرر الناتج عن مرض الزهايمر.
كما سجلت الدراسة ارتباطًا بين زيادة وقت الجلوس وضعف الذاكرة العرضية وبطء سرعة معالجة المعلومات.
علاقة الجلوس الطويل بالإصابة بمرض الزهايمر
وأكدت النتائج أن العلاقة بين الجلوس الطويل وتسارع التدهور أصبحت أكثر وضوحًا بين المشاركين الذين يمتلكون قابلية وراثية أعلى للإصابة بمرض الزهايمر، ما يشير إلى أن العوامل الجينية وسلوك الجلوس الخامل قد يتفاعلان بشكل مضاعف في التأثير على الدماغ.
وخلصت الدراسة إلى أن التمارين الرياضية المنتظمة وحدها لا تعوض الآثار السلبية لساعات الجلوس الطويلة، وأن تقليل وقت الجلوس اليومي هو الحل الأكثر فاعلية لحماية الدماغ من التدهور المبكر.
وأوصى الباحثون بضرورة تبني نمط حياة أكثر حركة من خلال الوقوف أو المشي القصير كل ساعة عمل، خاصة للأشخاص الذين يقضون معظم أوقاتهم أمام الشاشات.
ويؤكد الخبراء أن هذه النتائج تمهد لمزيد من الأبحاث المستقبلية حول العلاقة بين السلوك الخامل وصحة الدماغ، ودور الوقاية السلوكية في تقليل احتمالات الإصابة بأمراض التنكس العصبي مثل الزهايمر.
