الأطعمة فائقة المعالجة: لذة مؤقتة.. ودماغ مضطرب
أكد علماء من جامعة هلسنكي ومؤسسات بحثية دولية أن تناول الأطعمة فائقة المعالجة يمكن أن يُعيد برمجة الدماغ ويؤدي إلى إدمان غذائي فعلي، بعد أن وجدوا أدلة واضحة على تغيّرات هيكلية في مناطق دماغية مرتبطة بالجوع والمكافأة.
حلل الفريق صورًا دماغية لأكثر من 33,000 شخص شاركوا في دراسة البنك الحيوي البريطاني، وقارنوا بين استهلاكهم للأطعمة الصناعية – مثل الوجبات الجاهزة، والمشروبات الغازية، ورقائق البطاطس – وبين نشاط الدماغ لديهم.
وتبين أن المشاركين الذين تناولوا كميات أكبر من هذه الأطعمة أظهروا اختلافات واضحة في مناطق مثل الوطاء والنواة المتكئة، وهي المسؤولة عن تنظيم الشهية والتحفيز.
أضرار الأطعمة فائقة المعالجة
قال البروفيسور أرسين كانياميبوا، المؤلف المشارك في الدراسة: "تشير نتائجنا إلى أن الأطعمة فائقة المعالجة لا تُؤثر فقط على الوزن أو الالتهاب، بل تُغيّر فعليًا طريقة عمل الدماغ. إنها تُحفّز دوائر المكافأة بشكل مفرط، ما يُسبب الإفراط في الأكل وفقدان السيطرة عليه".

ووجد الباحثون أن هذه الأطعمة تُحدث زيادة في كثافة الخلايا والالتهاب في منطقة ما تحت المهاد، مما يُعطل إشارات الجوع والشبع. كما لوحظ انخفاض في كثافة الخلايا في مناطق المكافأة، ما يُشير إلى علامات مبكرة للتدهور المعرفي وانكماش الدماغ.
وأوضح التقرير أن هذا الخلل في دوائر الجوع والمكافأة يخلق حلقة مفرغة من الإفراط في تناول الطعام، إذ يستمر الدماغ في طلب المزيد من الأطعمة نفسها رغم امتلاء المعدة، ما يشبه أنماط الإدمان الكيميائي.
تأثير تناول الوجبات الجاهزة ورقائق البطاطس على الدماغ
وبحسب الدراسة، شكّلت الأطعمة فائقة المعالجة نحو 46% من إجمالي السعرات اليومية للمشاركين، وهو ما يعكس الاتجاه الغذائي المتزايد في الدول الصناعية. وفي المملكة المتحدة مثلًا، تمثل هذه الأطعمة 57% من النظام الغذائي الوطني، وهي النسبة الأعلى في أوروبا.
اقرأ أيضًا: دراسة بريطانية: هذه الأطعمة الطبيعية قد تنهي معاناتك مع الإمساك
وفي بحثٍ موازٍ عُرض خلال مؤتمر الكلية الأمريكية لأمراض القلب (ACC) في سنغافورة، وُجد أن تناول 100 غرام إضافية يوميًا فقط من هذه الأطعمة يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 5.9%، وارتفاع ضغط الدم بنسبة 14.5%.
ويحذّر العلماء من أن هذه النتائج تُظهر أن المشكلة لا تكمُن في السعرات وحدها، بل في التركيبة الكيميائية للأطعمة فائقة المعالجة، التي تؤثر على الدماغ والجهاز العصبي كما يفعل الإدمان، ما يجعل الحد من استهلاكها ضرورة صحية عاجلة.
