دراسة: البشر في الخمسينيات والستينيات يبلغون ذروة أدائهم العقلي
عندما نفكر في التقدم في السن، قد يتبادر إلى ذهننا التراجع في القدرة البدنية والعقلية، لكن البحث العلمي يُظهر صورة مختلفة.
فقد أظهرت دراسة حديثة نشرت في مجلة "إنتيليجنس"، أجراها مجموعة من المتخصصين أن الأداء العقلي العام للعديد من الأشخاص يبلغ ذروته بين سن 55 و60 عامًا.
هذه الفترة تمثل أفضل مرحلة من حيث القدرة على حل المشكلات المعقدة واتخاذ القرارات المدروسة.
وبالتالي، فإن الأشخاص في هذه الفئة العمرية قد يكونون في أفضل حالاتهم لقيادة الفرق في العمل واتخاذ قرارات استراتيجية هامة.
اقرأ أيضا: تحذيرات علمية من آثار الذكاء الاصطناعي على الصحة العقلية
بينما نصل إلى ذروة النشاط البدني في سن العشرينات إلى أوائل الثلاثينات، وتشير نتائج الدراسة التي أجراها باحثون من كلية العلوم النفسية بجامعة غرب أستراليا وكلية علم النفس بجامعة وارسو بولندا، إلى تراجع القدرة على المعالجة السريعة للمعلومات في منتصف العشرينات، فإن القدرة العقلية الشاملة لا تتبع نفس النمط. في حين أن القدرات المعرفية الأولية قد تنخفض مع التقدم في السن، مثل السرعة في المعالجة والذاكرة قصيرة المدى، فإن السمات النفسية الأكثر استقرارًا مثل الاستقرار العاطفي والحكمة تتطور بشكل ملحوظ مع مرور الوقت.
دور الاستقرار العاطفي والذكاء العاطفي في الحياة
في الدراسة، ركز الباحثون على سمات نفسية ثابتة يمكن قياسها بدقة، مثل الذكاء العاطفي، والاستقرار العاطفي، والضمير الحي. هذه السمات ليست فقط مرتبطة بالعمر ولكنها أيضًا تنبؤات قوية للأداء الفعلي في الحياة الواقعية، خاصة في المجالات التي تتطلب الحكمة والقدرة على اتخاذ قرارات محسوبة.

في الدراسة وجدوا أن العديد من السمات مثل الوعي الاجتماعي والاستقرار العاطفي تصل إلى أوجها في مراحل متأخرة من العمر، في سن 65 عامًا تقريبًا، بينما تظهر القدرة على مقاومة التحيزات المعرفية تحسنًا مستمرًا حتى السبعينيات والثمانينيات.
هذا التقدم المستمر في القدرات النفسية يجعل الأشخاص في هذه المرحلة العمرية يتفوقون على غيرهم في اتخاذ قرارات مدروسة وقوية.
تحديات يواجهها كبار السن في سوق العمل
رغم هذه الفوائد النفسية الكبيرة، يواجه كبار السن تحديات في سوق العمل. فقد يعتقد بعض أصحاب الأعمال أن الأشخاص في منتصف العمر أو ما بعده قد لا يكون لديهم وقت كافٍ للاستثمار طويل الأمد، خاصة إذا كانت سن التقاعد تلوح في الأفق.
على الرغم من ذلك، تظل هذه الفئة العمرية قادرة على إحداث فارق كبير، حيث توازن بين الخبرة والقدرات العقلية الراسخة.
إذا نظرنا إلى تاريخ البشرية، سنجد أن العديد من الأشخاص الذين أحرزوا إنجازات عظيمة في حياتهم كانوا في سن الخمسينيات والستينيات.
على سبيل المثال، تشارلز داروين نشر "أصل الأنواع" في سن الخمسين، وبيتهوفن قدم سيمفونيته التاسعة في سن 53 رغم فقدانه للسمع، وليزا سو، رئيسة شركة أدفانسد مايكرو ديفايسز، قادت الشركة خلال أكبر التحولات التقنية في الصناعة وهي في سن 55.
هؤلاء الأشخاص، وغيرهم، يبرزون كأمثلة على أن الذروة العمرية قد تكون مرحلة إنتاجية للغاية.
كل هذه النتائج تؤكد الحاجة إلى إعادة التفكير في طريقة تقييم الأفراد في مكان العمل. بدلًا من الاعتماد على الافتراضات العمرية، ينبغي أن يتم التركيز على القدرات الفعلية للأفراد.
فالحكمة، والاستقرار العاطفي، والقدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية قد تكون أكثر قيمة من أي وقت مضى.
