لماذا يجعلنا الملل نخوض تجارب غير سارة أحيانًا؟
كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Emotion العلمية أن الشعور بالملل قد يكون أكثر من مجرد حالة مزاجية عابرة، إذ يُحفّز الأفراد على البحث عن تجارب جديدة، حتى وإن كانت غير سارة أو مثيرة للاشمئزاز.
أسباب الشعور بالملل
الدراسة التي قادها العالمان شين بينش من جامعة ولاية يوتا الشرقية، وهيذر لينش من جامعة تكساس آند إم، أوضحت من خلال ثلاث تجارب متتابعة أن الملل يدفع الناس لتغيير حالتهم العاطفية نحو شيء "مختلف"، وليس بالضرورة "أفضل".
ففي أولى التجارب، عُرض على مجموعة من الطلبة الجامعيين صور حيادية متكررة لخلق شعور بالملل، ثم خُيّروا بين الاستمرار في مشاهدة الصور ذاتها أو الانتقال إلى صور جديدة لكن مزعجة، مثل صور الحشرات أو الأطباق المتسخة.
المفاجأة أن أكثر من نصف المشاركين اختاروا الصور السلبية، ما يشير إلى أن الملل قد يدفع الإنسان إلى خوض تجربة مزعجة لمجرد كسر الرتابة.
وفي تجربة ثانية، أكد المشاركون الذين شعروا بدرجات أعلى من الملل أنهم أكثر ميلاً لاختيار الصور السلبية، مدفوعين برغبة قوية في التجديد والتجربة الجديدة، وهو ما أثبتته التحليلات الإحصائية التي ربطت بين الشعور بالملل والرغبة في التغيير.
أما التجربة الثالثة، فذهبت أبعد من ذلك، إذ طُلب من المشاركين مشاهدة صور إيجابية لفترة طويلة حتى أصيبوا بالملل منها، ثم أُتيح لهم الاختيار بين صور إيجابية وسلبية جديدة.
النتيجة كانت مفاجئة أن 70% من المشاركين اختاروا صورًا تختلف عاطفيًا عن السابقة، حتى وإن كانت سلبية.
اقرأ أيضًا: لماذا نشعر بالقشعريرة؟ دراسة تكشف أصلها
التفسير العلمي للشعور بالملل
ويفسر الباحثان هذه النتائج بأن الملل يعمل كإشارة نفسية تدفع الإنسان إلى التحرر من حالة اللامبالاة والبحث عن محفز عاطفي جديد، سواء أكان إيجابيًا أم سلبيًا، مشيرين إلى أن هذا السلوك قد يكون مفيدًا في بعض الأحيان ومضرًا في أخرى، بحسب طبيعة التجربة التي يختارها الفرد.
ويأمل الباحثون أن تساعد هذه النتائج علماء النفس والتربويين على فهم أعمق لدور الملل كعامل محفّز للسلوك الإنساني، بدلًا من اعتباره مجرد شعور سلبي أو عديم الفائدة.
