دراسة تفسر سر تفضيل بعض اللاعبين للتحكم المقلوب في الألعاب
أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Cognitive Research: Principles and Implications أن اختيار بعض اللاعبين لعكس التحكم في الألعاب، حيث يسحب اللاعب العصا للخلف للنظر للأعلى ويدفعها للأمام للنظر للأسفل، يعتمد بشكل رئيسي على الإدراك المكاني وسرعة المعالجة الذهنية، وليس مجرد عادة أو تجربة سابقة في الألعاب.
الدراسة قادتها الدكتورة جنيفر كوربت والدكتور جاب مونكي، واعتمدت على استبيانات واسعة النطاق، اختبارات سلوكية مفصلة، وتحليلات باستخدام التعلم الآلي.
أظهرت النتائج أن سرعة معالجة المعلومات المكانية وإدراك الأبعاد الثلاثية هي العامل الأبرز في تحديد ما إذا كان اللاعب يفضل التحكم المقلوب أو العادي، ما يغير الفهم التقليدي في ثقافة الألعاب حول هذا الاختيار ويؤكد أن السبب مرتبط بعمل الدماغ أكثر من الخبرة أو العادة.
كيف تؤثر الخبرات الأولى على تفضيل التحكم
كان يُعتقد سابقًا أن تفضيلات التحكم تتحدد بناءً على أولى الألعاب التي لعبها اللاعب، مثل أن التعرض المبكر لمحاكيات الطيران غالبًا ما يؤدي إلى الميل للتحكم المقلوب، بينما الألعاب الحديثة عادةً ما تأتي بإعدادات عادية.
لكن الدراسة أوضحت أن هذه التفضيلات قابلة للتغيير مع مرور الوقت، ومع تجربة أنواع مختلفة من الألعاب أو منصات متنوعة. اختبر الباحثان المشاركين في مهام الدوران الذهني، وتمارين تغيير المنظور، واختبار تأثير "سايمون" الذي يقيس ردود الفعل عند مواجهة محفزات مكانية متضاربة.
وكانت النتائج مفاجئة: اللاعبون الأسرع في معالجة المعلومات المكانية يميلون للتحكم العادي، أما الأبطأ فيميلون للتحكم المقلوب. وقد أكدت الدراسة أن هذا التفضيل لا يرتبط بالمهارة أو الدقة، بل بقدرات الدماغ على التعامل مع الفضاء ثلاثي الأبعاد.
اقرأ أيضًا: دراسة تكشف تأثير البرودة والإرهاق الذهني على الأداء الرياضي.. ما الخطر؟
فوائد تجربة التحكم المعاكس وتطبيقاتها العملية
أوضحت الدراسة أن تجربة التبديل بين التحكم المقلوب والعادي يمكن أن تحسن الإدراك المكاني وسرعة ردود الفعل لدى اللاعبين. يشبه هذا تدريب الأطفال الأعسر على استخدام اليد اليمنى لتعزيز المرونة الذهنية، إذ يساعد الدماغ على التفكير بطرق جديدة حول العلاقات المكانية.
هذا التدريب قد ينعكس إيجابيًا على تنسيق الحركات واتخاذ القرار تحت الضغط، ليس فقط في الألعاب، بل في مجالات مهنية دقيقة مثل قيادة الطائرات، إجراء العمليات الجراحية، أو تشغيل المعدات المعقدة.
وتوصي الدراسة بتكييف إعدادات التحكم بما يتناسب مع الإدراك المكاني للفرد، ما يجعل أداء المهام أكثر طبيعية وكفاءة. ويشير البحث إلى أن تفضيل اللاعبين لعكس التحكم ليس مجرد عادة مكتسبة، بل انعكاس لقدرات الدماغ في معالجة المعلومات المكانية.
