روبوتات تستهلك بعضها.. هل اقترب عصر الذكاء الذاتي؟
في تطور لافت يحمل ملامح مستقبل غير مسبوق، أعلن فريق بحثي من جامعة كولومبيا في نيويورك، بالتعاون مع جامعة واشنطن، عن ابتكار نوع جديد من الروبوتات القادرة على النمو والتعافي الذاتي عبر استهلاك أجزاء من روبوتات أخرى.
ويعكس هذا الإنجاز خطوة كبرى نحو بناء آلات تتمتع بالاستقلالية الجسدية، لا تكتفي بالتفكير والعمل، بل تحافظ على كينونتها عبر التكيف المستمر مع البيئة المحيطة.
وأوضح فيليب مارتن وايدر، الباحث الرئيس في الدراسة التي نُشرت حديثًا في مجلة Science Advances، أن الهدف الأساسي هو تحقيق "الاستقلالية الحقيقية" للروبوتات، والتي لا تقتصر على الذكاء الاصطناعي، بل تشمل قدرة الآلة على إصلاح نفسها والحفاظ على بنيتها الحركية.
ما هو "أيض الروبوتات"؟
المفهوم الذي يقوم عليه هذا التطوير يُعرف علميًا باسم "أيض الروبوتات"، ويُقصد به قدرة الروبوت على استهلاك موارد من محيطه (وفي هذه الحالة: أجزاء من روبوتات أخرى) من أجل إصلاح ذاته أو تحسين أدائه.
واستخدم الفريق في تجاربه وحدات روبوتية مرنة تُدعى Truss Link، وهي عصي مغناطيسية قادرة على التمدد والالتحام مع وحدات أخرى، ما يسمح بإعادة تشكيل هيكل الروبوت وتكييفه حسب الحاجة.
وفي أحد النماذج المعروضة، تمكّن روبوت رباعي السطوح من تحسين سرعته بأكثر من 50% بعد إضافة وحدات جديدة من Truss Link.
وبيّنت التجارب أن هذا النوع من التعديل الذاتي لا يحتاج إلى تدخل بشري مباشر، ما يمنح الروبوت القدرة على التطور الذاتي الفعّال.
اقرأ أيضًا: ما هي الجراحة الروبوتية وآلية الاعتماد عليها؟
هل تساعد هذه الروبوتات في إنقاذ الأرواح؟
يتوقع العلماء أن تفتح هذه التقنية أبوابًا واسعة في مجالات حيوية، مثل استكشاف أعماق المحيطات، وإنقاذ الأرواح في الكوارث الطبيعية، وحتى دعم مهام استيطان الكواكب الأخرى.
فالروبوتات الجديدة لا تعمل فقط كمجرد أدوات، بل تمثل واجهات رقمية للواقع المادي، تمنح الذكاء الاصطناعي القدرة على التفاعل الحسي مع العالم.
ويأمل الباحثون أن تمهد هذه التقنية لولادة جيل جديد من الآلات التي لا تقتصر على "التعلم" كما هو مألوف، بل على "النمو" أيضًا، لتُعيد رسم حدود العلاقة بين الإنسان والآلة في العقود القادمة.
