رئيس الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية: الأمير فيصل بن بندر بن سلطان.. حين يتحول الشغف إلى رؤية تصبح الرياض مركزًا لعالم يتحدث لغة واحدة
في وقت قياسي، أثبتت المملكة حضورها العالمي في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، مدفوعة بقيادة شابة تؤمن بقوة الفكرة ووضوح الرؤية. لم يتوقف الطموح عند تنظيم البطولات، بل تجاوز ذلك إلى بناء منظومة مستدامة تُلهم الجيل وتصنع واقعا اقتصاديًّا جديدًا.
الأمير فيصل بن بندر بن سلطان، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، هو أحد أبرز وجوه هذه الرؤية، لا يرى الألعاب الإلكترونية مجرد منافسة، بل يعدّها لغة عالمية تعبّر عن تطلعات الشباب، وأداة فاعلة في مسار تنموي يعكس روح العصر.
من قلب الرياض، وبفكر استراتيجي وشغف شخصي، يقود الأمير تجربة وطنية استثنائية، تحوّلت فيها بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية إلى منصة عالمية للمواهب والابتكار، وواجهة تعكس تطلّع المملكة لأن تكون الرياض مركزًا محوريًا لصناعة الألعاب على مستوى العالم.
في هذا الحوار مع منصة الرجل، يتحدث الأمير فيصل عن البدايات والرؤية، عن النجاحات التي لا تُكرّر بل تُبتكر، عن التحديات التي تصنع الفارق، وعن بطولة لم تعد مجرّد حدث موسمي، بل أصبحت جزءًا من قصة وطن يُعيد رسم ملامحه بثقة ووعي وقدرة على التأثير.
لحظة التحول
في أقل من عام، تحوّلت كأس العالم للرياضات الإلكترونية إلى أحد أبرز الأحداث على الساحة العالمية في هذا المجال. كيف ترون هذا النجاح؟ وما العوامل التي صنعت هذه الانطلاقة القوية؟
النجاح الذي شهدته النسخة الافتتاحية جاء نتيجة تكامل عدة عناصر مهمة: رؤية واضحة، ودعم غير محدود من القيادة الرشيدة، وفريق يؤمن بما يمكن أن تقدمه المملكة لهذا القطاع عالميًّا.
عملنا منذ بداية هذه البطولة على أن تكون تجربة متكاملة، تضع اللاعبين والمشجعين في قلب حدث غير مسبوق، وحققنا ذلك في البطولة الافتتاحية مباشرة: أكثر من 500 مليون مشاهدة، و1,500 لاعب من 100 دولة، و200 نادٍ تنافسوا في 21 لعبة. والأمر الآخر هو الانطباع الذي تركته البطولة في نفوس اللاعبين والجمهور والمتابعين، وهو أن المملكة ليست مستضيفة وحسب، بل تعمل على تشكيل مستقبل مستدام لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية.

طموح يتجاوز المنافسات
مع هذا النجاح الكبير في النسخة الأولى، ما الذي يمكن أن يتوقعه العالم من نسخة 2025؟ وما الذي سيجعلها مختلفة؟
ما حدث في 2024 كان بداية فقط، ونحن لا نعيد تقديم نسخ مكررة، بل ننتقل إلى مستوى جديد كليًّا، كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 صُمّمت لتكون أضخم، وأشمل، وأكثر تنوعًا في تجربتها التنافسية والترفيهية.
نتحدث عن أكثر من 2,000 لاعب، و25 بطولة في 24 لعبة، وجوائز تتجاوز 70 مليون دولار، وهو رقم لم يُسجل من قبل في تاريخ الرياضات الإلكترونية، وما يميز هذه النسخة ليس الضخامة فحسب، بل التجربة الاستثنائية، ضمن نظام متكامل يجمع بين الأداء، والتفاعل الجماهيري، والاحتفاء بثقافة الألعاب.
أضف إلى ذلك المهرجان الضخم المصاحب للكأس، والذي يستمر سبعة أسابيع، ويحوّل الرياض إلى وجهة عالمية لعشاق الألعاب والترفيه من جميع أنحاء العالم. ما نعد به هو أكثر من منافسة، نعد بتجربة لا تُنسى.
فتح نوافذ جديدة مع العالم
ما الرسالة التي تحملها كأس العالم للرياضات الإلكترونية إلى العالم؟
كانت رسالة البطولة واضحة منذ انطلاقها، وهي أن المملكة العربية السعودية تصنع تحولًا جذريًّا في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، وتنقله من ترفيه فردي للهواة إلى قوة اقتصادية وثقافية جماعية توحد العالم، وتعزز تبادل القيم، والتواصل بين الشعوب.
تمثل البطولة انعكاسًا لرؤية أشمل هي رؤية السعودية 2030، التي تنظر إلى التقنية، والإبداع، والشباب، باعتبارها مفاتيح المستقبل. هذا الحدث العالمي الضخم هو وسيلة لإبراز المواهب وفتح نوافذ جديدة للحوار مع العالم بلغة يفهمها الجميع؛ لغة الألعاب.
المفتاح.. وضوح الرؤية
مشروع بهذا الحجم يحمل معه تحديات كثيرة، كيف تتعاملون معها؟
أي مشروع طموح من الطبيعي أن تتخلله العديد من التحديات، وبطولة بهذا الزخم تعني أنك تتعامل يوميًّا مع متغيرات عالمية، وجهات متعددة، وتوقعات كبيرة من جمهور عالمي واسع.
وما يمنحنا الثقة بالنجاح والتغلب على التحديات هو وضوح الرؤية، إذ نعمل وفق استراتيجية واضحة، تعتمد على العمل الجماعي، فهو مفتاح النجاح.
لدينا فريق من الموهوبين من مختلف التخصصات، يجمعهم هدف واحد: أن نقدم للعالم تجربة لا تُنسى، ونصنع من هذه البطولة منصة مستدامة للنمو والإبداع والتأثير.
اقرأ أيضًا: الرئيس التنفيذي عوض العُمري: القيادة قدرة على الإلهام.. والمملكة تقود مستقبل الطب عالميًا
قصة قريبة من القلب
ماذا تمثل لكم هذه البطولة على المستوى الشخصي؟
بالنسبة لي، هذه البطولة ليست مجرد مشروع إداري أو حدث عالمي نفتخر بتنظيمه، هي قصة قريبة من القلب، فأنا أنتمي إلى هذا الجيل الذي عايش الألعاب الإلكترونية منذ بداياتها، ويدرك تمامًا ما تعنيه للشباب، وما تحمله من طاقة كامنة يمكن تحويلها إلى إنجازات.
أن ترى شغف اللاعبين يتحول إلى منصة احتراف، وأن ترى الجمهور من كل الأعمار والثقافات يجتمع في حدث سعودي؛ هذا شعور لا يُقدّر بثمن. هناك لحظات كثيرة وقفت فيها وسط الجمهور لا كمنظّم للحدث، بل كمواطن سعودي فخور بما ننجزه، هذا هو المعنى الحقيقي للنجاح.

نصنع نموذجًا يحتذى
ما طموحاتكم للمستقبل؟ وما الرسالة التالية لهذه البطولة؟
هذه البطولة ما زالت في بداياتها، وما نطمح إليه أن نصنع نموذجًا سعوديًّا يُحتذى به عالميًّا؛ في الابتكار، والتمكين، وبناء قطاع مستدام للألعاب والرياضات الإلكترونية. نريد أن يعرف العالم أن المملكة لم تكتفِ بالمشاركة في مشهد الرياضات الإلكترونية العالمي، بل كانت أول من بادر لبناء منصة عالمية لصناعة النجوم، ودعم المواهب، وإطلاق قصص النجاح. والأهم من كل ذلك، أن يشعر كل شاب وشابة في المملكة أن هذا القطاع يحمل لهم فرصًا حقيقية، وأن بإمكانهم أن يكونوا جزءًا من قصة تُكتب اليوم، ليشاركوا في صناعة المستقبل.
البطاقة الشخصية
الاسم الكامل: الأمير فيصل بن بندر بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود
تاريخ الميلاد: أوائل الثمانينيات الميلادية
النسب: الابن الأصغر للأمير بندر بن سلطان (سفير المملكة السابق لدى الولايات المتحدة) والأميرة هيفاء الفيصل
التعليم: حاصل على درجة البكالوريوس في الاتصالات من جامعة بايلور في واكو، تكساس – الولايات المتحدة الأمريكية (2003)
المسؤوليات والمناصب
- رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية منذ تأسيسه في أكتوبر 2017
- رئيس الاتحاد العربي للرياضات الإلكترونية منذ عام 2018
- نائب رئيس الاتحاد العالمي للرياضات الإلكترونية (Global Esports Federation) منذ ديسمبر 2021
- رئيس الاتحاد الدولي للرياضات الإلكترونية (IESF) منذ نوفمبر 2023 حتى عام 2025
الرؤية والإنجازات
الأمير فيصل بن بندر بن سلطان يُعدّ من أبرز الأصوات الريادية في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، حيث قاد جهود المملكة نحو ترسيخ موقعها كمركز عالمي مؤثر في هذه الصناعة.
تحت قيادته، أطلق بطولات ومبادرات نوعية مثل "لاعبون بلا حدود" و"Gamers8"، التي جمعت بين المنافسة الاحترافية، والترفيه، والعمل الإنساني عبر شراكات مع منظمات دولية كاليونيسف ومؤسسة GAVI وغيرهما.
يرى الأمير فيصل بن بندر بن سلطان في الألعاب الإلكترونية أكثر من مجرد رياضة، بل لغة عالمية تعبّر عن طموحات الشباب، ووسيلة لبناء اقتصاد رقمي مستدام. ويؤمن بأهمية دمج الهوية والثقافة العربية في صناعة الألعاب، وسرد القصص الحضارية من خلالها، بما يعكس ثراء التاريخ العربي ضمن مشهد عالمي متجدد.
بفضل رؤيته المتقدمة وشغفه العميق بالمجال، يُعدّ اليوم من أبرز قادة التحوّل الرقمي والثقافي في المملكة، ورمزًا للقيادة الشابة المؤثرة على الساحة الدولية.
