المدير التنفيذي لتاج إكزوتيكا دبي في حوار لـ"الرجل": نلبّي احتياجات الضيف قبل أن يطلبها
بخبرة تتجاوز الثلاثين عامًا في عالم الضيافة الفاخرة، وضع "نيان سيث Nayan Seth"؛ المدير العام لـ"منتجع وسبا تاج إكزوتيكا، النخلة، دبي Taj Exotica Resort & Spa, The Palm, Dubai"، اسمه في سجلات الفخامة والرقي، برؤية قيادية تدمج بين التقاليد الهندية الأصيلة والحداثة والشغف النادر، وهي المقومات التي صنعت اسمًا يتلألأ على جزيرة نخلة جميرا.
مجلة "الرجل" التقت بالمدير الذي يصف نفسه بـ"الفندقي الكلاسيكي"، للاقتراب من عالمه فكان هذا الحوار الخاص.
تصف نفسك بأنك "فندقي كلاسيكي" متجذر في التقاليد، كيف ينعكس هذا على أسلوب إدارتك اليوم؟
ما زلت أعتبر نفسي من المدرسة القديمة في مجال الضيافة، وهذا ما أقصده حين أقول "فندقي كلاسيكي"، وهذا التوجه مستمد من طبيعة الضيافة في الهند، والتي لا تزال تحتفظ بقدر كبير من الطابع التقليدي.
الأمر لا يقتصر فقط على العادات، بل يشمل أيضًا الروح الهندية في الضيافة، ففي الهند، هناك نوعان من الضيافة: ضيافة الفنادق الحضرية أو ما يمكن تسميته بسلاسل الفنادق، وهي ضيافة فعّالة ودافئة في آنٍ واحد، وهناك مستوى آخر تمامًا من الضيافة، والذي حظيت بشرف العمل فيه في ولاية راجستان.
هناك ترتقي تجربة الضيافة إلى مستوى مختلف تمامًا، حيث الحرص على تحقيق كل رغبات النزيل حتى في أبسط التفاصيل، تعبيرًا عن كرم متأصل وعميق، وهذا هو جوهر الضيافة الكلاسيكية التي أتحدث عنها، وتلك هي المدرسة التي أنتمي إليها.
ما هي رؤيتك لتقديم تجربة ضيافة فاخرة ترتقي إلى مستوى التطلعات؟
منتجعات "إكزوتيكا" تُعد هي العلامة الفاخرة للترفيه والاستجمام ضمن مجموعة "تاج"، وهي وجهة مصممة خصيصًا لعشاق الرفاهية على الشواطئ الخلابة.
ولدينا أربعة مواقع فقط حول العالم: في نخلة جميرا بدبي، وجزر أندمان، وغوا، والمالديف، والقاسم المشترك بين جميع هذه الوجهات أنها منتجعات شاطئية، وهو ما يُميز علامة "إكزوتيكا" ويمنحها طابعها الخاص.
لكن ما يجعل التجربة استثنائية فعلًا ليس فقط الموقع أو الفخامة، بل تلك اللمسة الهندية الأصيلة في الضيافة؛ ذلك "الطابع التاجي" إن صح التعبير، والذي يشعر به الضيف حتى دون أن يراه.
ونحن نولي اهتمامًا بالغًا بالتفاصيل، ونمنح كل ضيف تجربة شخصية تُراعي احتياجاته بدقة، مع الحفاظ في الوقت ذاته على خصوصيته التامة، فنحن موجودون دائمًا لخدمته، ولكن دون أن نفرض وجودنا عليه، حيث نمنحه الراحة دون مقاطعة، والحضور دون إزعاج، هذه هي فلسفتنا في تقديم الفخامة.
ما الذي يميز منتجع وسبا تاج إكزوتيكا في نخلة جميرا؟
إلى جانب كل ما ذكرته سابقًا، هناك عنصر أساسي نراهن عليه، وهو أسلوب الخدمة الفريد المستمد من الثقافة الهندية، فالدفء الذي تعرف به الضيافة الهندية حاضر في كل تفصيلة.
نحن نؤمن بفلسفة تُعظّم الضيف؛ وهذه ليست مبالغة، بل مبدأ نعيشه ونتنفسه في تعاملنا اليومي، وهذا تحديدًا ما يجعلنا مختلفين عن أي منتجع فاخر آخر.
تنظيم الفعاليات الكبرى من أولوياتكم، فما أبرز التحديات التي تواجهكم في هذا الجانب خاصة في سوق تنافسي مثل دبي؟
بالفعل، السوق شديد التنافسية، لكننا نراه فرصة ذهبية أكثر من كونه تحديًا، فوجود جالية هندية كبيرة في دبي والإمارات عمومًا يخلق طلبًا ضخمًا على حفلات الزفاف الهندية، والتي تُعد مناسبة بالغة الأهمية، وخصوصًا فيما يتعلق بالطعام.
مجرد اسم "تاج" وحده يمنح العائلات الهندية شعورًا بالثقة والطمأنينة حيال جودة الطعام ومستواه، وهذا بالنسبة لهم عنصر حاسم، لذلك نعتبره نقطة قوة مميزة لدينا، ومجالًا نبرع فيه.
كيف تبنون الولاء لدى ضيوفكم؟ وكيف تستهدفون شرائح أخرى من النزلاء أيضًا؟
نملك فريقًا متخصصًا يعمل بجد على هذا الجانب، وجزء كبير من نجاحنا يأتي من السمعة الطيبة وتوصيات الضيوف، خاصة من السوق الهندية.
لدينا شبكة من الزملاء في الهند يروّجون لمنتجعنا باستمرار، والاسم التجاري لمجموعة "تاج" وحده يُعتبر عامل جذب قوي.
وفيما يخص حفلات الزفاف، لدينا مبادرة تُعرف باسم "Timeless Weddings"، وهي خدمة متكاملة تضمن للضيف كل ما يحتاج إليه في مكان واحد، مما يسهّل عليه التنظيم، ويمنحه راحة بال.
أما في الجانب التجاري، فنحن نتعاون مع شركات ووكالات متخصصة في تنظيم المؤتمرات والفعاليات، إلى جانب استهداف السوق المؤسسية، وهذا ما يساعدنا على التوسع نحو شرائح متعددة من الضيوف.
خارج إطار العمل، كيف تؤثر اهتماماتك بالثقافة والتراث على طريقتك في إدارة المنتجع والتعامل مع الضيوف؟
أعتقد أن البُعد الثقافي يلعب دورًا كبيرًا، خصوصًا عندما نتحدث عن الضيوف من أصول هندية ممن يعيشون في الخارج، ويعودون إلى تجربة تحمل طابعًا مألوفًا.
اسم "تاج" وحده يمنح هؤلاء إحساسًا بالدفء والانتماء، وبعضهم يعرف الكثير عن الثقافة الهندية وتاريخها، والبعض الآخر يعرف القليل، ونحن من جانبنا نحاول دائمًا أن نضيف إلى هذه المعرفة، وأن نُشركهم في التجربة الثقافية.
وباعتبارنا علامة تجارية هندية، من المهم ألا نبتعد عن جذورنا، بل نحرص على التعبير عنها والاحتفاء بها، وأبسط وسيلة لفعل ذلك تكون من خلال الاحتفال بالمناسبات والمهرجانات الهندية، وعلى سبيل المثال، نحتفل بمهرجان "ديوالي" –مهرجان الأضواء– ونزين المنتجع بطابع خاص يعكس أجواء المناسبة، وكذلك "هولي" –مهرجان الألوان– والذي ننظمه بطريقة مرحة ومفتوحة أمام الضيوف للمشاركة، وهو ما يلقى ترحيبًا كبيرًا منهم.
اقرأ أيضًأ: رائد الأعمال حسن شربتلي: الضيافة ليست عقارًا.. وHublot Big Bang مرآة ذائقتي في التفرّد والابتكار
بدأت مسيرتك المهنية في مجال الأغذية والمشروبات، ثم أصبحت مديرًا عامًا، فما هي المحطات الفارقة في هذه الرحلة؟
أعتقد أن التدرج الوظيفي هو ما يصنع الفارق الحقيقي، حين تبدأ من الميدان وتصعد تدريجيًا، لا يكون هدفك واضحًا من البداية، لكنك تكتشف الطريق مع كل خطوة، أول مرة تُمنح فيها مسؤولية إدارة قسم، ثم تتدرج لتصبح رئيسًا لقسم، وفي لحظة ما تبدأ تُدرك أنك تقترب فعلاً من منصب المدير العام، هي مراحل لا تبدو واضحة في بدايتها، لكنك تدريجيًا تبدأ في كسر الحواجز والتطلع للأعلى.
كيف تعرّف مفهوم "Taj-ness"؟ وما الذي تفعله للحفاظ عليه في سوق ديناميكي كدبي؟
"Taj-ness" هو تجسيد لكل القيم الهندية الأصيلة، مُمزوجة برقيّ النُبل والأخلاق الرفيعة، نحن نعرّفه بأنه شيء يُحَسّ حتى دون أن يُرى، أي إننا نلبّي احتياجات الضيف قبل أن يطلبها، ونوفر له تجربة غنية دون أن نفرض أنفسنا عليه، فنحن حاضرون عندما يُحتاج إلينا، وغائبون عندما يريد الخصوصية، إنها خدمة فطرية، بديهية، وليست متكلفة.
هل لديكم في "تاج إكزوتيكا" استراتيجية واضحة لاستهداف فئة المسافرين الذين يدمجون بين العمل والترفيه؟
بالفعل، وقد لاحظنا من خلال البيانات والإحصاءات، أن معدلات إشغالنا تتماشى مع اتجاهات السوق والجنسيات التي تزور دبي، وهذا مؤشر إيجابي يدل على أننا نستهدف الأسواق المناسبة.
بالطبع، لا نتردد أبدًا في استكشاف أسواق جديدة، أو دخول وجهات غير تقليدية إذا كانت تحمل فرصًا واعدة، فحن نواكب نمو الطلب ونتحرك بمرونة نحو كل فرصة تُمكننا من توسيع قاعدة عملائنا.
كيف توازنون بين التراث الهندي العميق لعلامة "تاج" ومتطلبات الحداثة المتوقعة في وجهات مثل دبي؟
كما ذكرت سابقًا، الثقافة والخدمة عنصران أساسيان في هوية "تاج"، أما عناصر الحداثة فتتجلى في الكفاءة والبنية التحتية، فبينما نحافظ على روح الخدمة التقليدية والدفء الإنساني في التعامل، ندمج أيضًا تقنيات العصر مثل الاتصال اللاسلكي السلس، ووسائل التواصل المتنوعة، والتفاعل الرقمي، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه هي أوجه الحداثة التي باتت ضرورية اليوم.
ما أبرز التحديات التي تواجهكم في إدارة منتجع فاخر بهذا الحجم على جزيرة النخلة جميرا؟
تستقطب نخلة جميرا فئة مختلفة من الزوار الباحثين عن الرفاهية، وعندما تستقبل عملاء يدفعون مبالغ عالية مقابل الإقامة، يصبح تلبية توقعاتهم تحديًا حقيقيًا يبدأ منذ لحظة الحجز، أما في سوق مزدحم مثل دبي، حيث المنافسة مع علامات تجارية عالمية قوية، فرغم أننا علامة رائدة في الهند، فإن وجودنا في الإمارات لا يزال محدودًا نسبيًا، ومع ذلك، نحرص على ترسيخ مكانتنا ومواكبة النمو السريع في السوق والجنسيات المختلفة القادمة إليه.
كيف ترون مستقبل الضيافة الفاخرة في المنطقة، وما الدور الذي تطمحون للعبه في هذا المجال؟
قطاع الضيافة الفاخرة واسع ويشهد نموًا متواصلًا، وهناك أسواق تقليدية مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأوروبا، ولكننا نرى اليوم أسواقًا جديدة تنمو، خاصة مع تزايد الدخل المتاح لدى الهنود سواء في الداخل أو من الجاليات في الخارج، وهذا يعزز من توسع سوق الفخامة، والتحدي أمامنا هو الحفاظ على موقعنا، وتقديم تجربة ضيافة سلسة ومتميزة، بما يجذب المزيد من الضيوف ويوسع قاعدة السوق.
ما النصيحة التي تقدمها للجيل الجديد من قادة قطاع الضيافة؟
رغم كل التطور في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تظل اللمسة البشرية جوهر الضيافة، وهذه الحقيقة لا يمكن تجاهلها.
أحيانًا أسترجع بداياتي، وأدرك أن تواصلي مع الضيوف كان أقوى عندما كنت في منصب أصغر، وكلما ارتقيت في المسؤولية، تقل فرص التفاعل المباشر مع النزلاء، وهذه من "السلبيات المهنية" التي نعيشها كمديرين.
