5 تساؤلات قد تنهي مستقبل هاتف ترامب الذهبي قبل أن يبدأ!
شهدت الأيام الماضية إعلان "مؤسسة ترامب The Trump Organization" إطلاقَ هاتفٍ محمول جديدٍ تم تداوله بكثرة على الإنترنت. الهاتف، الذي يحمل اسم "هاتف ترامب Trump Mobile"، أُطلق بشكل غير متوقع، لكنه جاء في سياق توسع الرئيس الأمريكي وعائلته خارج الإطار السياسي (وهو ما انتُقِدَ بسببه كما سنرى لاحقًا).
فكما نعلم جميعًا، يمتلك دونالد ترامب سابقةً في سوق الأعمال قبل أن يصبح رجل سياسة، إذ لديه سلسلة فنادق وعقارات وكازينوهات ورثها عن والده، ومؤخرًا، منذ 3 سنوات تقريبًا، منصة تواصل اجتماعي باسم "تروث سوشيال Truth Social" أسسها كرد فعل لحظر حساباته على إكس عقب حادثة اقتحام مبنى الكابيتول.
وعلى غرار مبررات إطلاق منصة التواصل، أعلنت مؤسسة ترامب عن إطلاق هذا الهاتف الغريب الذي يبدو -على الورق- أنه جاء ضمن جهود ترامب لتشجيع الصناعة المحلية، غير أن الحقيقة مختلفة تمامًا وهناك الكثير من التساؤلات التي تحوم حول هذا الهاتف ومستقبله الذي قد ينتهي قبل أن يبدأ.
ما هو هاتف ترامب؟
قبل أن نتطرق إلى التساؤلات التي تواجه هاتف ترامب الجديد، دعونا نسرد أولًا ما نعرفه عن هذا الهاتف حتى الآن.
بحسب الموقع الرسمي Trump Mobile، والذي نعرف منه أن اسم الهاتف (T1 Phone)، فإنه يأتي بسعة تخزين داخلية 256 جيجابايت، و12 جيجابايت من الذاكرة العشوائية (رام)، مع منفذ USB-C للشحن.
هناك أيضًا إشارة غير واضحة إلى وجود "كاميرا بسعة 5000 مللي أمبير"، وهذا خطأ واضح يُقصد به البطارية. حتى وقت كتابة هذا التقرير، فإن هذه هي كل المعلومات المتوافرة على الموقع الرسمي بخصوص المواصفات.
بالنسبة لشكل الهاتف، وحتى هذه اللحظة أيضًا، فإن صوره الترويجية على الموقع الرسمي ليست إلّا صورًا مبدئية، حيث تظهر الكاميرات موزعة بشكل غير منطقي، ناهيك بأن مستشعراتها ليست واضحة إطلاقًا.
وشيء آخر: إذا نظرت إلى أزرار الصوت والطاقة، فستلاحظ أنها تظهر في صورة الواجهة الأمامية للهاتف وتختفي في الصور التي تُظهر واجهته الخلفية، ما يعني أن هذه الصور مجرد صور ترويجية.
هناك أكثر من دليل آخر على أن صور الهاتف المعروضة ليست حقيقية، مثل لونه الذهبي المستفز وغير الواقعي (إذا كان هذا التصميم النهائي، فقد يُنفّر الكثيرين منه)، وحقيقة أن بعض الشركات التي تريد الترويج لهواتفها الجديدة تأخذ صورًا لهواتف جاهزة على الإنترنت؛ تغير العلامة التجارية إلى علامتها (في هذه الحالة T1 وأسفلها العلم الأمريكي)، ثم تنشر الصورة.
اقرأ أيضًا: عملة ترامب تحول 500 مستثمر إلى مليونيرات!
جدير بالذكر أن إيريك ترامب (الابن الثاني لدونالد ترامب) أفصح عن مواصفات أخرى للهاتف لم تُذكر في الموقع الرسمي مثل أن شاشته AMOLED بحجم 6.8 بوصة ومعدل تحديث 120 هرتز، أي مثل الـ iPhone 16 Pro Max، إلى جانب أن الكاميرا الرئيسية الخلفية ستكون بدقة 50 ميجابيكسل والأمامية بدقة 16 ميجابيكسل، والهاتف بشكل عام سيعمل بنظام الأندرويد وإن بدا كالآيفون على صعيد التصميم وبعض المميزات الأخرى.
التساؤل الأول: هل الهاتف مصنوع في أمريكا حقًّا؟
التساؤل الأول الذي يواجه هاتف ترامب يهدد الأساس القائم عليه، وهو أن الهاتف مصنوع في أمريكا!
في البيان الصحفي، ذُكر أن الهاتف مصنوع بالكامل في الولايات المتحدة، لكن الحقيقة أن هذا مجرد كلام على ورق، وربما كذب متعمّد، لأن شاشة بهذه المواصفات لا يمكن أن تُصنع في أمريكا حسب أحد المختصين بجامعة جونز هوبكنز في حدثه لـ Wall Street Journal (WSJ).
يقول المختص، الذي يُدعى تينجلونج داي، إن صناعة مكونات هذا الهاتف حاليًا مستحيلة في الولايات المتحدة وأن الأمر يحتاج إلى 5 سنوات على الأقل لأن البنية التحتية لا تسمح بذلك.
هناك هاتف واحد فقط يُصنع بالكامل في أمريكا الآن وهو هاتف "Liberty Phone" من شركة Purism، لكن سعره يبلغ 2000 دولار ويحتاج عملية تصنيع خاصة جدًا ومكلفة. على الجانب الآخر، يبلغ سعر هاتف ترامب 499 دولارًا فقط والحجز المسبق متاح من الآن على أن يتم التسليم في أغسطس أو سبتمبر، وهذا غير منطقي وينفي احتمالية أنه مصنوع بالكامل على أراضي الولايات المتحدة.
التساؤل الثاني: على أي شبكة سيعتمد هاتف ترامب؟
ما لا يعرفه البعض أن مؤسسة ترامب لا تقدم هاتف T1 وحده، وإنما شريحة اتصالات أيضًا تقدم خدمات وميزات كثيرة منها: عدد غير محدود من المكالمات والرسائل، وتغطية كاملة للولايات المتحدة، وسرعات إنترنت عالية، وغيرهم من الخدمات التي يمكن لصاحب الشريحة الحصول عليها مقابل 47.45 دولار شهريًا.
تقول مؤسسة ترامب إن الهاتف سيدعم خدمات كُبرى شركات الاتصال الأمريكية مثل AT&T، وVerizon، وT-Mobile، لكن الحقيقة أن الشركات الثلاث لم تنشر شيئًا عن ذلك ولم ترد على أي استفسار يخص هاتف ترامب.
عند مراجعة الموقع الرسمي للهاتف، نلاحظ أنه يقول إن الخدمة تعمل من خلال شركة اسمها "Liberty Mobile Wireless LLC". وفي الواقع، كثير من النصوص القانونية في شروط موقع Trump Mobile منسوخة حرفيًا من شروط Liberty Mobile، مع تغيير الاسم فقط، وهذا يعطي انطباعًا أن Trump Mobile ليست شركة اتصالات جديدة، بل مجرد إعادة تسمية لخدمة موجودة بالفعل!
المشكلة أن شركة Liberty Mobile لا تقدم إلا شبكة 4G LTE فقط، وليس 5G كما هو مُعلن على موقع الهاتف، ولهذا السبب ليس واضحًا ما إذا كانت Trump Mobile قادرةً على تقديم سرعات الجيل الخامس فعلًا أم أن الأمر مجرد دعاية. يزيد الأمر تعقيدًا أن خريطة التغطية الموجودة على موقع Trump Mobile مأخوذة بالكامل من شركة أخرى اسمها Ultra Mobile. هذه الشركة تعمل أصلًا تحت شبكة T-Mobile، وتوفر خدمات 5G حقيقية.
حتى الآن، لم ترد Liberty Mobile أو Ultra Mobile على أي استفسارات حول علاقتها الحقيقية مع Trump Mobile. كما أن صفحة الأسئلة الشائعة على موقع Liberty Mobile فارغة تقريبًا ولا تعطي أي معلومات مفيدة.
التساؤل الثالث: لمَ الترويج لميزة المسح البيومتري وكأنها حصرية؟
من بين المزايا التي يروج لها موقع الهاتف أنه يدعم ميزة المسح البيومتري ويستطيع متابعة ضغط الدم ونبض القلب دون لمس! وميزة المسح البيومتري -لمن لا يعرف- هي استخدام تقنيات معينة لمراقبة مؤشرات من جسم الإنسان؛ غالبًا ما تكون هذه المؤشرات فريدة لكل شخص ويستحيل تقريبًا أن تتشابه بين شخصين، مثل بصمة الإصبع وبصمة الوجه، إلخ.
لكن الفكرة أن الميزة التي يروج لها موقع الهاتف تعتمد على تطبيقٍ معين يُسمى Doctegrity وليس على إمكانيات تقنية معينة في الهاتف نفسه. بمعنى آخر: كل مميزات مراقبة الصحة الموجودة على هذا الهاتف يمكن الحصول عليها من هواتف أخرى وإن كانت مدفوعة. ومع ذلك، يتحتم علينا أن نخبركم أن هذه الميزة تُقدَّم ضمن خطة الشريحة المذكورة (التي تكلف 47.45 دولارًا شهريًا)، وهذه صفقة رابحة نسبيًا لأن سعرها الشهري وحده يبدأ من 29 دولارًا.
لكن التساؤل هنا: لماذا يروّج موقع الهاتف الرسمي لهذه الميزة وكأنها ميزة حصرية؟
التساؤل الرابع: ماذا عن الخصوصية؟
من مشكلات هاتف -أو شريحة- ترامب الواضحة أنه، وبحسب الوارد في الموقع الرسمي، من حقه أن يجمع بيانات كثيرة عنك، وهذه البيانات تشمل سجل البحث، والمواقع الإلكترونية التي تزورها، ونوع جهازك، وموقعك الجغرافي. الشركة تقول إن هذه البيانات تُجمَع لصالح "أنظمة الذكاء الاصطناعي" لديهم.
اقرأ أيضًا: احذر.. 7 علامات تكشف اختراق هاتفك
وفقًا لموقع WIRED، فإن هذه سياسة الخصوصية المذكورة على موقع Trump Mobile منسوخة بشكل حرفي من سياسات شركات أخرى؛ بعضها يعود حتى لمؤسسة ترامب نفسها، وبعضها الآخر مأخوذ من شركات مثل Neuro-Somatic Intelligence وLumifi. وطبعًا، لا يُبرر نسخ سياسة الخصوصية من مواقع أخرى هذا التدخل السافر في خصوصية المستخدمين.
التساؤل الخامس: ما الهدف الحقيقي من هذا الهاتف؟
على الورق، يبدو أن الهدف من هذا الهاتف هو هدف وطني يحقق رغبات ترامب في حربه التي يخوضها ضد الصين وغيرها، أو بالأحرى ضد المنتجات المستوردة، وذلك بهدف تشجيع الصناعة المحلية وخفض تكاليف الإنتاج التي تصل إلى أضعافٍ مضاعفة مقارنةً بالإنتاج الصيني مثلًا.
لكن من يتابع المشهد جيدًا، لا يمكن أن يستبعد أن يكون هذا الهاتف وسيلة لزيادة ثروة ترامب وتحقيق مصالحه الشخصية.
الخبير "جيل لوريا" مثلًا، وهو رئيس قسم أبحاث التكنولوجيا في شركة "D.A. DAVIDSON & CO"، يزعم أن هذا الهاتف ليس إلا وسيلة يستغلها ترامب للاستفادة من مكانته السياسية، ويُدلل على ذلك بمنصة "تروث سوشيال" والعملات الرقمية التابعة لترامب وزوجته.
ولم تكن انتقادات الجمهور أقل حدة، فبينما أشاد البعض باسم الهاتف وبفكرة كونه بديلًا للهواتف الأجنبية، قال آخرون إنه مجرد نسخة مُعاد تسميتها من أحد الهواتف الصينية التي تُكلّف 175 دولارًا فقط!
على كلٍ، نتوقف عن إثارة التساؤلات هنا وننتظر وصول الهاتف الذي يُتوقع أن يثير جدلًا لا ينتهي. الهاتف متاح الآن للطلب المسبق عبر موقع Trump Mobile، ويمكنك الحصول عليه في شهر سبتمبر.
